الثلاثاء 2021/07/27

آخر تحديث: 13:31 (بيروت)

قرار رئيس "اللبنانية" يخضع الطلاب لـ"التثقيف الحزبي"

الثلاثاء 2021/07/27
قرار رئيس "اللبنانية" يخضع الطلاب لـ"التثقيف الحزبي"
استبدال عقوبة السجن بالقراءة (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease
ربما تسرع رئيس الجامعة اللبنانية، فؤاد أيوب، في إصدار قراره حول البت بالطعن بالقرار التأديبي بحق الطالب هادي شماع، وإلزامه بقراءة كتاب الأستاذة في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، وفاء أبو شقرا، "عندما تتكلم المصادر" الذي يشدد على أن يقدس ناقل المعلومة الحقيقة، ويتوخى الدقة، ويراعي الموضوعية ويلتزم الأخلاقيات. أو ربما أراد أن يجعل من رئاسة الجامعة وعمداء كلياتها "مصدراً" وحيداً لتقصي الحقائق.

صحيح أن القرار أتى لينصف الطالب لناحية عدم حرمانه من الامتحانات وتخصيص دورة خاصة به شخصياً، وكان بمثابة تسوية بين قرار تأديبي مشدد وترك الطلاب بلا أي عقاب، جراء مشاركته تغريدة تنال من سمعة عميد كلية الطب، يوسف فارس. لكن إلزام الطالب بقراءة ذاك الكتاب الذي يدرّس في كلية الإعلام، يؤدي إلى تحول الجامعة إلى ما يشبه "معسكرات إعادة التأهيل السياسي" أو "معتقلات التثقيف الحزبي" لإعادة المعارضين إلى الطريق القويم. كأن على طالب الذي يدخل إلى الجامعة اللبنانية التخصص في الإعلام قبل نشر أي "بوست" على صفحته الخاصة كي ينال شرف الدخول إلى الجامعة، كما يقول طلاب في كلية الطب تعليقاً على القرار. 

انتصار وانكسار
قضى القرار بإلزام شماع قراءة الكتاب ووضع ملخص عنه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار (26 تموز) ومناقشته مع المؤلف وإيداع رئاسة الجامعة نسخة عن الملخص. بمعنى آخر على الطالب تعلم أسس النشر وأن يكون صحافياً حيادياً، قبل نشر أي فكرة أو مشاركة أي تعليق على صفحته الفيسبوكية أو تويترية.  

وبمعزل عن أن شماع حذف تلك التغريدة لكف الشر عنه، وعدم الدخول في متاهات تلك الكلية، التي يشير طلابها، وأساتذة كثر في الجامعة، وأطباء من مختلف المستشفيات، أن التعيينات فيها كلها محسوبيات وتتم وفق مبدأ المحاباة، اعتبر الطلاب أن قرار رد أيوب مراجعة الطعن بالقرار التأديبي المقدمة من شماع، انتصاراً لهم وانكساراً على السواء. فقد وافق أيوب على قرار فصل شماع لمدة شهر، لكنه لم يوافق على اقتراح مجلس الكلية بفرض عقوبة أشد لجهة عدم الإذن للطالب بمعاودة إجراء امتحاناته، وبالتالي حرمانه من سنة دراسية كاملة. وهذا انتصار لهم لأنه يظهر أن ما أقدم عليه المجلس التأديبي مخالف للقوانين. لكنه انكسار لهم لأن رئيس الجامعة يكسر أعرافاً في الجامعة تلغي الحياة الديمقراطية وحرية التعبير وتلزم الطالب بالارتكاز إلى "مصدر" واحد ووحيد فيما يتعلق بالجامعة. فما تراه عينهم في الكلية وفي الجامعة وفي الوطن مجرد وهم وعليهم قبل كتابة أي منشور الحصول على وثائق مدمغة. لا يكفي أن يعانوا من مشاكل الهدر والمحسوبيات والزبائنية والإهمال، بل عليهم إثبات التهم قبل نشر الاتهام. 

أخلاقيات الطب
على الطالب عدم مشاركة منشورات أو كتابة تعليقات قبل التحقق من مصادر موثوقة. كأن ما يعيشه اللبنانيون من انهيار مالي واقتصادي واجتماعي وسياسي واخلاقي بحاجة إلى مصادر موثوقة قبل توجيه الاتهام إلى السلطة وأحزابها ورموزها وزبائنها، والحصول على وثائق ممهورة بكلمة "صُدّق"، من كل الإدارات، كما يقول الطلاب.  

لم يكتف القرار بالزام الشماع بقراءة ذاك الكتاب، بل عليه إعداد بحث حول علم الواجبات والأخلاقيات الطبية والصفات التي يتمتع بها الفرد ليكون طبيباً، ومناقشته أمام لجنة مؤلفة من رئيس ومنسق ومقرر للجنة المركزية لأخلاقيات الحياة والمهن الطبية في الجامعة.

الطلاب ورغم انتقاداتهم للقرار يؤكدون في الوقت عينه أن هكذا قرار (قراءة كتاب وإعداد بحث) أمر جيد فيما لو صدر منذ البداية عن المجلس التأديبي، عوضاً عن كيل الشتائم والصاق التهم وتوجيه كلام مهين لشماع وباقي الطلاب من خلال تمنينهم أنهم يتعلمون مجاناً في الجامعة. لو ألزم المجلس التأديبي الطلاب بها لكان سيعيد لهم الثقة بالجامعة والإدارة. 

ربما أراد البروفسور أيوب إظهار وجه حضاري للجامعة مختلف عن قرارات المجلس التأديبي غير القانونية وغير الأخلاقية في التعامل مع الطلاب الذين مثلوا أمامه. فهو ربما لا يقصد تحويل الجامعة إلى معتقلات تثقيفية لتهذيب الطلاب وجعلهم صفوف متراصة لتأدية الطاعة، بل معاقبة الطلاب بطرق حضارية من خلال استبدال عقوبة السجن بالقراءة، كما هي الحال في بعض الدول الأوروبية المتقدمة. لكنه ربما لا يعلم أنه إذا أمتحن أعضاء المجلس ومعظم القيّمين على الجامعة بتلك الكتب، قبل إلزام الطلاب "الخارجين عن أدبيات المهنة" بها، لكان اكتشف ماذا يوجد في الجامعة، كما يقولون. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها