الإثنين 2021/06/07

آخر تحديث: 14:56 (بيروت)

الأستاذ وبنات الجامعة اللبنانية.. انتهاكات وملاحقة مستمرة

الإثنين 2021/06/07
الأستاذ وبنات الجامعة اللبنانية.. انتهاكات وملاحقة مستمرة
اتهامات بالتّحرش الجنسيّ والتنمر والتلاعب بالدرجات الجامعيّة إن لم ينصعن لإيحاءاته (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

يوم الجمعة الواقع في 4 حزيران 2021، تلقت إحدى خريجات المسرح في الجامعة اللبنانية، المدعوة باسكال شنيص، هي وثلاثة آخرون، اتصالاً هاتفياً من مكتب جرائم المعلوماتية، لاستدعائها إلى التحقيق في ثكنة العقيد جوزيف ضاهر، وذلك في الساعة التاسعة صباحًا، على خلفية شكوى قضائية رفعها ضدها المدعو جان داوود (65 سنة)، وهو دكتور متقاعد، ومدير قسم المسرح في الجامعة اللبنانية، بجرم القدح والذم. وذلك، بُعيد نشرها على حسابها على تطبيق الفايسبوك، منشوراً يتضمن صورة للأخير، مع تعليق "إنت يا جان داوود مش ناسينك!، #كلن_يعني_كلن".

وبعد حضور الأربعة التحقيق، يوم السبت الماضي، على خلفية المنشور والتعليقات التّي ذكروها في صدده، عُرض على المدعوة باسكال شنيص إزالة المنشور، وعلى الآخرين إزالة تعليقاتهم، والتعهد بعدم تكرار الإساءة. إلا أنهم رفضوا ذلك.

استغلال السّلطة
عشرات الحالات ظهرت، بُعيد ما ذُكر آنفًا، بعدما عادت باسكال ونشرت منشوراً آخر يتضمن في مستهله استدعائها للتحقيق. وأردفت طالبة من المتابعين نشر مواقف مشابهة لما تعرضت له الأخيرة من الإساءة وإستغلال السّلطة، بالأسلوب نفسه من المخالفة. وبعضهن اتهمنّ المذكور بالتّحرش الجنسيّ والتنمر والتلاعب بالدرجات الجامعيّة إن لم ينصعن لإيحاءاته. وفسرت باسكال بأن هذا الأسلوب اتبعه الدكتور جان داوود بتكرار ممنهج، ما أدى إلى رسوبها في عامها الدراسي الثالث.

وأبرز تلك الحالات إدعاء أحد الخريجات بأنها انتظرت منذ 2010 تقاعد الدكتور المذكور سنة 2017، لاستكمال دراساتها في الكلية حتى سنة 2019. وذلك بعد حوادث متكررة كان فيها للدكتور المذكور حصته من الإساءة لها، بحجة نفوذه وسلطته في الجامعة ومخالفاته غير القانونية، وبسبب عدم رضاه حسب ما قالته الطالبة عن التحقيق الذي نشرته في "شباب السفير" عن خريجي المسرح، واعتمد طرديًا -بحجة إحساسه بالإهانة- سياسة الترهيب معها، ومع كل الطلاب والطالبات الذين شاركوا في هذا التحقيق.

هذا الأسلوب الذي يطعن بمجمله الحقّ المطلق والأساسي للإنسان بالتعليم. إذ أنّه يمثّل بحدّ ذاته حقًّا مقوّيًا وتمكينيّاً وأداةً من أقوى أدوات التنمية المستدامة للشعوب، وبناءً على الشيء مقتضاه، فإن أي محاولة من قبل أي شخص لانتهاك هذا الحق بحجة السّلطة المعطاة له أو موقعه أو مركزه، فهذا جرم بحق الإنسان المطلق والأساسي.

القدح والذم وأحكامه
وقد تقدم المدعو جان داوود بشكوى القدح والذم القضائية في شهر شباط 2020 وبواقع الأزمات وجائحة كوفيد 19، ووصلت الشكوى في تاريخ الاستدعاء.

وقد عرّف قانون العقوبات الذم والقدح في المادة 385 منه، مبينا أنهما جرمان منفصلان ومختلفان. "الذم" هو أن ننسب إلى شخص أمراً أو فعلاً معيّناً ينال من شرفه أو كرامته، حتى ولو في معرض الشك أو الاستفهام. أمّا "القدح" فهو كل لفظة ازدراء أو سباب وكل تعبير أو رسم، يستشف منه تحقير الشخص. وباتت وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر اليوم من وسائل النشر التي يسري عليها هذا القانون.

ويتبين من أحكام قانون العقوبات أن عقوبة "الذم" هي أشدّ من عقوبة "القدح" . فعقوبة "الذّم" متنوعة كالحبس من شهرين إلى سنتين إذا وقعت على رئيس الدولة، وكالحبس سنة على الأكثر إذا وجّهت مثلاً إلى المحاكم أو الجيش أو الإدارات العامة أو إلى موظف يمارس السلطة العامة من أجل وظيفته أو صفته، وكالحبس ثلاثة أشهر على الأكثر أو بغرامة إذا وقعت على موظف بسبب وظيفته أو صفته، وكالحبس ستة أشهر على الأكثر إذا وُجّه إلى قاضٍ من دون أن يكون لوظيفته علاقة، وكالحبس حتى ثلاثة أشهر وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقع على أحد الناس.

أمّا عقوبة "القدح" فهي أيضا متنوعة كالحبس من شهر إلى سنة، إذا وقعت على رئيس الدولة، وكالحبس ستة أشهر على الأكثر إذا وجّهت مثلاً إلى المحاكم أو الجيش أو الإدارات العامة أو إلى موظف يمارس السلطة العامة من أجل وظيفته أو صفته، وكالغرامة أو التوقيف إذا وقع على موظف من أجل وظيفته أو صفته، وكالحبس ستة اشهر على الأكثر إذا وجه إلى قاضٍ من دون أن يكون لوظيفته علاقة، وكالحبس من أسبوع إلى ثلاثة أشهر أو بالغرامة وحدها إذا وقع على أحد الناس.

الجامعة اللبنانية وسياسات الترهيب
اعتاد طلاب الجامعة اللبنانية على وصف معاناتهم مع الجامعة بسبب سياساتها الترهيبية معهم، فباتوا ينعتونها في كل محطة تذكر فيها، وبتهكم بأنها جامعة الترهيب بمناهج تخويفية لا تعليمية. وهنا ما يطرح جدليّة واسعة طالما اعتاد المسؤولون والمعنيون بهذا الشأن تلافيها وتناسيها. فكمية الضغط التّي يفرضها هذا الواقع على الطلاب، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضاغطة، والتّي تمنعهم من اللجوء إلى بديل جامعي خاص، باتت تمسّ وبوضوح بحقّ هؤلاء الطلاب والطالبات بالتعليم، ناهيك عن إجبارهم قسريًا بالسكوت عن أي مخالفة أو إساءة أو تعدٍ قد يحصل لهم، خوفًا من الطرد وغيره من العقوبات، التّي قد تضّر بمسيرتهم التعليمية، وتجعلهم قيد الرحمة من مسؤولين أسقطوا من اعتباراتهم رسالتهم الأساسية والبديهية في حفظ حق هؤلاء الطلاب.

وليس الأمر بسيطاً وعاديّاً أن يعاني معظم خريجي وطلاب هذه الجامعة في يومياتهم من ضغط الاكتئاب وغيره من الاضطرابات النفسية، التّي تجنح بحياتهم بعد دخولهم إلى الجامعة اللبنانية، وتبقى عندهم الصدمة المرافقة لكل مسيرتهم التعليمية والمهنية.

وأخيرًا فإن التحديّ الأصعب الذي يفرض نفسه على القضاء، الذي يدعي نزاهته، هو الحكم العادل والمعبّر، بين مدير قسم المسرح في الجامعة اللبنانية الذي لم يتوانَ عن ملاحقة خريجيه حتى ما بعد تخرجهم، وبعد تاريخ يحفل بانتهاكاته ومخالفاته بفعل سلطويته المستخلصة من الإدارة غير الرشيدة لمركزه.. وبين طالبات انطلقوا من الخاص إلى العام واعتبروا أن الفساد تجلى عندهم في الجامعة اللبنانية، ومن قِبل هذا الأستاذ.

وعلى القضاء بديهيًا أن يعاقب ويكف أي يدّ تمس بالتعليم وتشوهه وترتكب أي انتهاك أو مخالفة وحتى لو كان موظفاً، له ما له من النفوذ والسلطة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها