السبت 2021/06/19

آخر تحديث: 16:27 (بيروت)

ثأر السلطة لم يتوقّف.. كريم صفي الدين مثالاً

السبت 2021/06/19
ثأر السلطة لم يتوقّف.. كريم صفي الدين مثالاً
المهم، بالنسبة للسلطة، أن يبقى صوت المواطن مخنوقاً (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
بينما ينغمس لبنان في أزماته المتنوّعة، سياسياً في عجز مكوّنات المنظومة الحاكمة عن تشكيل الحكومة، اقتصادياً في فشلها بتأمين الخدمات وحقوق الدواء والطبابة والوقود، مالياً في التدهور الإضافي والمستمرّ في سعر صرف الليرة، اجتماعياً في طوابير الذلّ اليومي، تعمل أدوات هذه المنظومة الحاكمة على استكمال المعركة مع شبان انتفاضة 17 تشرين وشاباتها. وآخر إبداعات هذه السلطة، استدعاء مسؤول اللجنة السياسية في "شبكة مدى"، كريم صفي الدين، من قبل النيابة العامة العسكرية بتهمة "رشق عسكريين بالحجارة".

استدعاء صفي الدين
وفي منشور كتبه صفي الدين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال إنه "وصلني تبليغ بالحضور من النيابة العامة العسكرية بتهمة "رشق عسكريين بالحجارة" خلال المظاهرة الطلابيّة بالحمرا بكانون الأوّل 2020 (اجو (أتى) عنصرين (عنصران) عالبيت ليبلغوا الوالدة) بالرغم من إنو كنت واقف بالخلف كل الوقت بسبب وجود بعض أفراد العيلة معي وما لمست حجرة. موعدي الإثنين الساعة 9 صباحاً، شرطة منطقة بيروت، ثكنة الأمير بشير، الأونيسكو". وأضاف "مجرمي 4 آب بعدن برا. مسببي الأزمة بإجازة برا البلد. العسكر علينا نحن بس. ترهيب السلطة ما بخوّفنا، وطبعاً مكملين المعركة".

ضغوط على المحتجّين
وفي اتصال مع "المدن"، يؤكد صفي الدين إنه سيلبي طلب الاستدعاء "ولو أني في تلك المظاهرة وقفت في الصفوف الخلفية، إذ كانت شقيقتي الصغيرة معي". فتعيد أدوات السلطة اليوم فتح هذه الملفات لممارسة الضغوط على الناشطين بعد 6 أشهر تماماً على تنظيم تلك المسيرة الطلابية، التي رفعت شعارات حقوق الطلاب والدولار الطلابي وعدم المس بالأقساط أو رفعها ورفض دولرتها. فذلك التحرّك حصل، يوم 19 كانون الأول الماضي، وتخلّله قمع أمني للطلاب المحتجّين، استخدم فيه الغاز المسيل للدموع والهراوات. كما تم اعتقال عدد منهم.

كبح الناشطين والتحرّكات
وتوضح المحامية والناشطة الحقوقية ديالا شحادة لـ"المدن" أنّ "صفي الدين مطلوب إلى التحقيق في النيابة العامة بواسطة الضابطة العدلية العسكرية أي الشرطة العسكرية". ويأتي هذا الاستدعاء بعد سلسلة من الاستدعاءات القضائية الأخرى التي يتمّ فيها ملاحقة الناشطين لأشهر. فلا يكون الهدف منها سوى كبح عمل الناشطين والتحرّكات، حتى من خلال نبش ملفات قديمة.

قد يبدو ضرباً من الخيال، تركيز أجهزة الدولة الأمنية والقضائية على عمل ناشطين وملاحقة بعضهم والادعاء على آخرين، في حين تحصل في البلد جرائم موصوفة وعلى مستويات عدة. بدءاً من جرائم الاحتكار في الدوار والغذاء، وصولاً إلى جرائم السلب والسطو، مروراً بالجرائم الكبرى التي شهدها لبنان طوال الأشهر الأخيرة. جريمة تفجير مرفأ بيروت، جريمة أولى مروّعة. جريمة حرق مبنى بلدية طرابلس، جريمة ثانية موصوفة. هل من يذكر بعد أنّ ثمة من أحرق المبنى البلدي في عاصمة الشمال؟ هل من يذكر أنّ تلك الحادثة كانت ذريعة فعلية للانقضاض على ثورة الناس في الشارع وإعادة إطفاء التحرّكات شمالاً؟ هل من توصّل إلى اسم أو اثنين أو جهة مسؤولين عن تلك الجريمة؟ لا وقت لمحاسبة جرائم مماثلة بهذه الخطورة، أو لا قدرة عليها، أو لا رغبة في ذلك. المهم، بالنسبة للسلطة، أن يبقى صوت المواطن مخنوقاً لا يخرج إلّا لاستجداء زعيم أو طائفة، في تنكيل إضافي وثأر مفقود. لكن في البلد، ثمة من يصرّ على قول "لا"، وثمة من يصرّ على التمسّك بحقوقه رغم القمع والسحل والملاحقات. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها