الثلاثاء 2021/06/15

آخر تحديث: 18:14 (بيروت)

عصابات الإجرام ببعلبك تهدد الجنود والضباط بالإعدام

الثلاثاء 2021/06/15
عصابات الإجرام ببعلبك تهدد الجنود والضباط بالإعدام
باتت مدينة بعلبك رهينة العصابات وارتكاباتها (الأرشيف، المدن)
increase حجم الخط decrease
من مظاهر فائض قوة الخارجين على القانون، في ظل ترهل الدولة وانهيار هيبتها، أن يجرؤ طفّار العصابات وبلطجيوها على تهديد جنود الجيش اللبناني وضباطه، إذا قاموا بواجباتهم في ملاحقة أفراد تلك العصابات. وهم لا يكتفون بتهديهم، بل يعيّرونهم برواتبهم التي تدنت قيمتها إلى الحدود الدنيا، ويمارسون عليهم أشكال الضغط كافة، لمنعهم من التصدي لبؤر الجرائم والارتكابات، والتي تجد ملاذها في محافظتي بعلبك والهرمل.

التهديد والمهدِّد
وآخر تجليات هذه "البلطجة" جرت أمس الاثنين، حينما انتشر تسجيل صوتي لأحدهم (علمت "المدن" أنه المدعو حمزة راجح جعفر) يهدد فيه مدير فرع المخابرات في البقاع، ويتوعده باستهدافه وعناصره مباشرة.

وفي تسجيله الصوتي يسمي جعفر رئيس فرع المخابرات في البقاع، ويقول له: "اسمعني يا محمد، يا من تقبض راتبك 50 دولار، يا عميل إسرائيل، عسكرك لن تتمكن من لمّه. ألن تغادر الخدمة؟ عناصر مخابراتك سأقصفها برأسها. أنا صاحب العمليات وانت تعرف. سأنتقم من عناصر المخابرات وكلاكيش سوق بعلبك...".

وجعفر -حسب المعلومات- يقود عصابة مسلّحة، ومطلوب بعدد من بلاغات البحث والتحرّي وخلاصات أحكام، وفي حقّه مذكرات توقيف بجرائم خطف وسرقة وسلب بقوة السلاح، وإطلاق النار على القوى الأمنيّة، ومحاولة قتل عسكريين، ونقل أسلحة ومخدرات وتهديد آخرين وفرض الخوّات عليهم.

وهو أوقف في سنة 2016 بعملية نوعية نفذتها حينها مخابرات الجيش، بينما كان يتجوّل بجواز سفر لشقيقه المتوفى. ووفقا لبيان صادر عن مديرية التوجيه آنذاك، اعترف جعفر بتنفيذ عمليات خطف، طالت المواطن مارك آلان الحاج موسى بتاريخ 6/8/2015، والمحامي سامر كامل بتاريخ 27/12/2015، ومواطنًا آخر من آل الحجيري، إضافة إلى إقدامه بتاريخ 29/12/2015 على إطلاق النار على القوّة المداهمة في بعلبك.

فرار وخوات ونفوذ
وأحيل الموقوف إلى النيابة العامة العسكرية، وتم توقيفه لفترة. لكنه عاد طليقًا في ظروف غامضة. وذكر أن عصابته تمكنت من تحريره، بينما كانت سيارة السجناء التابعة لقوى الأمن الداخلي تمر "مصادفة" أمام منزله.

وبعد فراره لم يتوقف جعفر عن ممارسة البلطجة التي روع بها أهالي بعلبك. وكان آخرها ما وثقته وسائل الإعلام سنة 2020، عندما تحدثت عن اشتباكات بين عصابته ومجموعة مسلحة، لفرض النفوذ على حي الشراونة في مدينة بعلبك.

أما تسجيل جعفر الصوتي الأخير وخروجه إلى العلن، فليس سوى تهمة أخرى تضاف إلى سابقاتها من التهم بالتعدي على الأمن العسكري والتهديد بقتل الجنود والضباط.

وكانت الاشتباكات المسلحة المتكررة، ومحاولة فرض النفوذ الخوات على أهالي بعلبك وأصحاب المحلات فيها، قد استدعت وضع خطة أمنية لمنع انفلات الوضع كليًا في المنطقة. وقد تعززت هذه الخطة، خصوصًا منذ تسلمت القيادة الجديدة لفرع المخابرات مهماتها في بعلبك، مما أشاع جوًا من الارتياح في المدينة.

حماة العصابات النافذون
وخلال أشهر قليلة نجح فرع مخابرات الجيش في البقاع في تنفيذ عدد كبير من العمليات، أسفرت عن توقيف رؤوس كبيرة في العصابات. وآخر هذه العمليات استهدفت جعفر وعصابته. وحسب المعلومات اشتبكت وحدة من الجيش قبل أيام مع عصابة جعفر، فأوقفت رؤوسًا كبيرة فيها. وهذا ما أخرج جعفر عن طوره فهدد قائد المنطقة وعناصره مباشرة. 

وتهديد جعفر ليس الأول الذي يتعرض له ضباط أمنيون في منطقة البقاع. وهناك معلومات أمنية تتحدث عن عشرات التهديدات المبطنة والصريحة التي يتلقاها الجيش والضباط. وهي تتخطى من يتلطون بعباءة العشائر إلى جهات نافذة في السلطة تؤمن لهم الحماية.

وبعض هذه التهديدات وصل إلى حد القتل أو الشروع بقتل عسكريين، لمجرد ارتدائهم الزي العسكري. وهذا يعني أن العصابات شرعت في تنفيذ أحكام الإعدام بالعسكريين، بحجة "الأعراف العشائرية" التي تبرر الثأر والأخذ به.

صمود الجيش
يحدت هذا فيما يحتاج أهالي بعلبك إلى الجهد الذي يبذله الجيش اللبناني للحفاظ على حد أدنى من الأمن والاستقرار المطلوبين في المنطقة. وخصوصا في ظل ظروف اقتصادية تتهدد بانفلات الأمن كليًا في المجتمع البعلبكي، كما في مناطق لبنانية أخرى.

والجنود مثل سائر البنانيين، يحاربون باللحم الحي مقابل راتب تدنت قيمته إلى حدود أثارت سخرية جعفر. وفيما تعوّل المؤسسة العسكرية على الانضباط الذي أظهره عناصرها في امتثالهم لأوامر الضباط، برغم ظروفهم المعيشية، لا تخفي المصادر قلقها على الجنود والضباط، وتحمل مسؤولية سلامتهم للسياسيين المطالبين بكف تدخلاتهم التي تشيع في المؤسسة حال إحباط، خصوصًا أن معظم من يوقفهم الجيش، يفاجأ ضباطه بعودتهم طلقاء بعد مدة قصيرة، ثم يتحولون إلى تهديد مباشر على حياة الجنود.

وتسجيل جعفر الصوتي، فتح الباب على سابقة تتخطى بخطورتها التهديدات الشخصية التي أطلقها ضد رئيس فرع المخابرات في البقاع، إلى تهديد المجتمع بكامله، وقد بات في مدينة بعلبك رهينة العصابات وارتكاباتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها