الإثنين 2021/06/14

آخر تحديث: 15:36 (بيروت)

نفط حزب الله الإيراني اليوم.. ونفط "الحركة الوطنية" الليبي

الإثنين 2021/06/14
نفط حزب الله الإيراني اليوم.. ونفط "الحركة الوطنية" الليبي
في زمن الحرب أشرف مقاتلو الأحزاب اليسارية على تنظيم تزود السيارات بالبنزين (Getty)
increase حجم الخط decrease
صحيح هو عدم التشابه الكبير بين بدايات الحروب الأهلية اللبنانية سنة 1975 وختامها في العام 1990، وأيامنا الراهنة في العام 2021. وذلك لناحية تقسيم المناطق اللبنانية، وتحكم كل فريق بالموانىء البحرية الخاضعة لسيطرته.
لكن شيئاً من هذا القبيل يعيد اللبنانيين إلى الهواجس نفسها والذاكرة إياها: الأزمات المعيشية الخانقة، وارتفاع سعر الدولار مقارنة بحقبة العماد ميشال عون في القصر الجمهوري (1988-1990)، وتقنين المحروقات، وطوابير الذل على محطاتها. وهذا كله يراكم يوماً بعد يوم غضب الناس في اتجاهات متناقضة ومتضاربة، على القوى السياسية الحاكمة.  

تهديد نصرالله
ويرى جمهور واسع من موالي حزب الله والمقربين منه، أن ما قاله حسن نصرالله في خطبته التلفزيونية الأخيرة (الثلاثاء 9 حزيران الجاري) من دعوة السلطات اللبنانية إلى مباشرة استيرادها البنزين والمازوت الإيراني عبر مرفأ بيروت، لتدارك استمرار وضع المحروقات المأزوم، أو لجوء الحزب مباشرة إلى استيراد البنزين الايراني عبر مرفأ بيروت، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه "..ولتمنع الدولة اللبنانية البنزين عن اللبنانيين عندئذ".. هذا التهديد والوعيد، كان مثمراً: دفع التهديد والوعيد مصرف لبنان إلى التحرك، فوافق على تمويل استيراد البنزين بالدولار، لصالح الشركات.
وهذا حصل أيضاً بضغط من السفارة الأميركية في بيروت، لقطع الطريق على استيراد النفط الإيراني بالليرة اللبنانية، وفق تغريدات جمهور حزب الله على مواقع العالم الافتراضي وصفحاته.

بواخر الأحزاب اليسارية
وكلام نصرالله يعيدنا بالذاكرة إلى الماضي. فمشهد تفريغ حمولة البنزين من البواخر الراسية في مرفأ مدينة صور، مباشرة إلى الصهاريج، في أواخر العام 1976، ما يزال راسخاً في ذاكرة أبو حسن، أحد مقاتلي الحركة الوطنية اللبنانية آنذاك.

وكانت الباخرة قد وصلت إلى صور من ليبيا، لصالح جيش لبنان العربي المنشق عن الجيش اللبناني بأمرة الملازم أحمد الخطيب. وأشرف آنذاك ما كان يسمى المجلس السياسي للحركة الوطنية في صور (يتكون من مجموعة أحزاب يسارية) على توزيع البنزين على المحطات المحدودة العدد في ذلك الوقت. وكذلك أشرف مقاتلو الأحزاب اليسارية على تنظيم تزود السيارات بالبنزين، من دون أن يخلو الأمر من مشاحنات ومشاجرات، تؤدي أحياناً إلى سقوط جرحى وقتلى.  

وباخرة صور وسواها من البواخر صارت تصل بالتزامن مع  انحلال الدولة ومؤسساتها وتقسيم المناطق اللبنانية والمرافيء البحرية فيها.

ويتذكر نزيه النقوزي -أحد أقدم المراسلين الصحافيين في الجنوب، لتلفزيون لبنان وصحيفة الأنوار- أن بواخر ثلاث محملة بالنفط على الأقل، أفرغت حمولتها في خزانات مصفاة الزهراني، لصالح جيش لبنان العربي، بأمرة الضابط المنشق، أحمد البوتاري. وكانت الطرق المتجهة إلى الجنوب مقطوعة، بسبب الأحداث والمعارك الحربية.

وكان النقوزي وقلة قليلة من المراسلين، يتنقلون على دراجاتهم النارية والهوائية، لتغطية القصف الذي طاول محيط مصفاة الزهراني، وأطلقت قنابله قوات الردع العربية، أي السورية، التي كانت تهاجم صيدا آتية من جزين. ويؤكد أن مسؤولي الأحزاب اليسارية اللبنانية والمنظمات الفلسطينية، كانوا يؤمنون مادة البنزين للمراسلين الصحافيين، في حال عدم توافرها في الاسواق.

لا يغيب عن باله رسو الباخرة المحملة بالنفط في مرفأ  صور لصالح جيش لبنان العربي، وكان قائده المنشق في الجنوب الضابط أحمد البوتاري.

إيران بديلأ عن ليبيا؟
يوضح مسؤول المجلس السياسي في صور آنذاك، محمد فران (كان قيادياً في منظمة العمل الشيوعي) لـ"المدن"، أن المجلس السياسي في المدينة كان على رأسه المحامي منير مغنيه. وهو من واكب عملية تنظيم توزيع وتعبئة البنزين على محطات الوقود. وكذلك الكاز الذي وزع في المخيمات الفلسطينية والبلدات والقرى، تفادياً لحصول تجاوزات ومشاكل واحتكار. وقد دفع ثمن حمولة الباخرة جيش لبنان العربي الذي كانت تموله فتح وليبيا.

ولربما تجوز المقارنة هنا بين ليبيا الحركة الوطنية اليسارية في حرب السنتين (1975 – 1976)، وإيران حزب الله اليوم سنة 2021.

ويؤكد قيادي سابق في الحركة الوطنية لـ"المدن" أن تجربة الأحزاب اليسارية الفوضوية كانت فاشلة جداً في مواكبة الحاجات والخدمات الأساسية لجمهورها في لبنان المنقسم آنذاك، وفي ظل غياب سلطات الدولة ومؤسساتها عن رعاية حاجات اللبنانيين، ومتطلباتهم. لأن أي خطوة جهوية تبقى ناقصة وغير قادرة على حل شامل للأزمات الاجتماعية المستفحلة.

وتابع القيادي السابق قائلاً: إن استيراد البنزين والمازوت اليوم من إيران أو سواها، حزبياً وجهوياً، قد يخفف من الأزمة مؤقتاً -في حال سلوكه طريقه إلى التنفيذ- لكنه لن يكون بديلاً عن تحمل الدولة مسؤولياتها عن شعبها كله بلا تمييز.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها