الخميس 2021/05/27

آخر تحديث: 13:10 (بيروت)

بالأرقام: الملاك لمتفرغي "اللبنانية" وفر للخزينة ويحفظ التوازن الطائفي

الخميس 2021/05/27
بالأرقام: الملاك لمتفرغي "اللبنانية" وفر للخزينة ويحفظ التوازن الطائفي
كن وزيراً تدخل جنة الملاك في الجامعة اللبنانية (الأرشيف، علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
في الاضراب التحذيري الذي دعت إليه رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية -وأبرز مطالبها تعيين المتفرغين في ملاك الجامعة- فوجئ الأساتذة بتقرير عرضته محطة تلفزيونية، تضمن مغالطات ومعلومات خاطئة عن الكلفة المالية لدخول الأساتذة إلى ملاك الجامعة. وهذا، بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب عام 2017، التي حصل عليها موظفو القطاع العام، باستثناء أساتذة الجامعة اللبنانية. ووصلت كلفتها الفعلية إلى حوالى 3 أضعاف الكلفة المتوقعة. لذا، أصبح الهاجس الرئيسي لأي تعيين جديد هو الكلفة المالية على خزينة الدولة، إضافة إلى ما يسمى معيار "التوازن الطائفي". واستناداً إلى هذه الهواجس تبين الأرقام أن تعيين المتفرغين في ملاك الجامعة اللبنانية لا يشكّل عبئاً مالياً على خزينة الدولة، ويراعي التوازن الطائفي.

توازن طائفي
وكان الأساتذة المتفرغون قد تفرغوا بموجب قرار صدر عن مجلس الوزراء عام 2014، فراعى التوازن الطائفي: 590 أستاذاً مسيحياً، أي بنسبة 48,7 في المئة. و623 أستاذاً مسلماً، أي بنسبة 51,3 في المئة. بينما كان تفرغ عام 2008 أقل توازناً: 293 أستاذاً مسيحياً، أي بنسبة 42,8 في المئة، مقابل 392 أستاذا مسلماً، أي بنسبة 57,3 في المئة. وقد عيِّنوا  في ملاك الجامعة عام 2016.

وفر للخزينة
وقد يتفاجىء البعض، وبينهم نواب ووزراء، إذا علموا أن تعيين المتفرغين في ملاك الجامعة اللبنانية يساهم حالياً في زيادة مداخيل الدولة المالية. ويمكن توكيد هذا الأمر بعملية حسابية بسيطة: يتقاضى المتفرغ في الجامعة اللبنانية مستحقات شهرية يحسم منها 3,5 في المئة لصالح صندوق التعاضد، إضافة إلى الضريبة على الرواتب والأجور. ولدى تعيين المتفرغ في ملاك الجامعة، يقتطع من راتبه شهرياً 6 في المئة حسومات تقاعدية، طوال مدة خدمته حتى بلوغه سن التقاعد. وهذا يسمح له لاحقاً بحصوله على راتب تقاعدي يحتسب كما يلي: عدد سنوات خدمته قسمة 40 مضروبة بـ 85 في المئة من راتبه.

وتبلغ كلفة مستحقات المتفرغين حوالى 70 مليار ليرة سنوياً. وإذا عينوا في ملاك الجامعة، تقتطع نسبة 6 في المئة من كلفة رواتبهم لصالح خزينة الدولة. أي ما يفوق 4 مليارات ليرة تدخل إلى الخزينة سنوياً.

ولدى تعيينهم في الملاك، يتوجب على الأستاذ ضم سنوات خدمته السابقة في الجامعة (تفرغ وتعاقد بالساعة)، فيقتطع 6 في المئة من المستحقات المقبوضة خلال سنوات التفرغ (7 سنوات حتى 2021) و3 في المئة من المستحقات المقبوضة خلال سنوات التعاقد بالساعة. وهذا يعني أن حوالى 30 مليار ليرة تدخل إلى خزينة الدولة.

وبما أن أغلبية الأساتذة المتفرغين الذين تفرغوا عام 2014 لا تتجاوز أعمارهم 50 عاما -يبلغ معدل أعمارالمتفرغين 47 سنة- فإن أغلبية الأساتذة  لن يستفيدوا من راتب تقاعدي قبل 17 عاماً عند بلوغهم سن 64.

أبسط مقومات الحياة
ومنذ نشأة الجامعة اللبنانية، دأبت إداراتها المتعاقبة على إرسال مشاريع مراسيم لمجلس الوزراء دورياً، كي يُضم المتفرغون إلى ملاك الجامعة. وأحياناً كان يتأخر إصدار هذه المراسيم سنوات، لأسباب عديدة وأكثرها شيوعاً استقالة الحكومة وامتناع حكومات تصريف الأعمال عن الاجتماع. ويعود صدور آخر مرسوم دخول إلى الملاك إلى عام 2016. ومن تبعات هذا التأخير بلوغ بعض الأساتذة المتفرغين السن القانونية للتقاعد، من دون صدور مراسيم دخولهم إلى الملاك، فيفقدون الراتب التقاعدي، إضافة إلى فقدانهم التغطية الصحية التي تزيد الحاجة اليها بعد سن التقاعد (64 سنة).

وتلافياً لهذا الظلم اللاحق بالمتفرغين الذين بلغوا السن القانونية، قُدِّم اقتراح قانون معجل مكرر إلى مجلس النواب. وقد أدرج على جدول أعمال آخر جلسة تشريعية للمجلس النيابي، لكنه لم يُقر حتى تاريخه.

ويبلغ عدد الأساتذة المتفرغين حالياً حوالى 1080 أستاذاً، يصل منهم إلى السن القانونية سنوياً بين 10 إلى 20 أستاذاً، أي ما نسبته أقل من 2 في المئة من عدد المتفرغين. وفي حال إقرار قانون حق الذين بلغوا السن القانونية بالدخول الى الملاك، يتوجب عليهم دفع الحسومات التقاعدية لضم سنوات خدمتهم في الجامعة (6 في المئة عن سنوات التفرغ و3 في المئة عن سنوات التعاقد بالساعة).

خلل دستوري
وبما أن بعض الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية كانوا موظفين في القطاع العام قبل تفرغهم في الجامعة، فإنهم يوضعون خارج ملاكات إداراتهم السابقة طوال فترة تفرغهم. وبالتالي، هم يدفعون الحسومات التقاعدية سنوياً على أساس راتبهم في ملاكاتهم (وليس حسب الراتب في الجامعة). وذلك استناداً إلى أحكام المادة 50 من المرسوم الاشتراعي رقم 59/112. ولدى تعيينهم في ملاك الجامعة لا يتوجب عليهم دفع أي مبالغ لناحية الحسومات التقاعدية.

أما بالنسبة للأساتذة المتفرغين "غير الموظفين"، والذين يمضون سنوات طويلة قبل تعيينهم في ملاك الجامعة، فانه يتوجب عليهم، عند تعيينهم، دفع الحسومات التقاعدية عن سنوات تقرغهم، استناداً إلى راتبهم في الجامعة اللبنانية. وهذا يجعل المبالغ المتوجبة عليهم بغية ضم الخدمات عن سنوات التفرغ والتعاقد، عبئاً مالياً ثقيلاً يصعب تحمله (قد يتجاوز 50 مليون ليرة، ويصل إلى 100 مليون ليرة حسب عدد سنوات التفرغ).

لذا، فإن تأخير صدور مراسيم تعيين المتفرغين في ملاك الجامعة، قد ينجم عنه خلل في قاعدة التوازن في الأعباء الضريبية بين المتفرغين "الموظفين" والمتفرغين "غير الموظفين"، كما يشكل خرقاً لمبدأ المساواة المنصوص عنه في الفقرة "ج" من مقدمة الدستور ومبدأ المساواة في الوظيفة العامة المنصوص عنه في المادة 12  من الدستور.

كن وزيراً تدخل جنة الملاك
وبعد صدورمراسيم دخول الملاك لوزيرَي الصحة والعمل في حكومة تصريف الأعمال، أي حمد حسن ولميا يمين، ثارت حفيظة الأساتذة ورابطتهم لجهة اعتبار المراسيم "تصرفاً استنسابياً وزبائنياً ومعيباً بحق الجامعة وأهلها". وبناء عليه، بدأ عدد من الأساتذة المتفرغين والمستوفين الشروط، في إجراءات تقديم مراجعة لدى مجلس شورى الدولة، طلباً لمساواتهم بالوزراء، وإدخالهم إلى ملاك الجامعة اللبنانية.

وقد يعتبر البعض أن تصرف منظومة السلطة ليس غريباً في بلد لا يبالي فيه المسؤولون بمصالح شعبهم ومؤسسات الدولة، ولا سيّما الجامعة الوطنية. فالسلطة لم تر إلّا مصلحة الوزراء، وأغفلت مصلحة الجامعة، وحرمت المتفرغين من الحصول على أبسط حقوقهم. ولعل أبلغ مثال على هذا التصرف الاستنسابي الزبائني، ما قاله أحد قضاة مجلس شورى الدولة: "اعمل وزير بتفوت ع الملاك".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها