الثلاثاء 2021/05/18

آخر تحديث: 15:02 (بيروت)

أساتذة الجامعة اللبنانية "المعدمون": دعوة للانشقاق

الثلاثاء 2021/05/18
أساتذة الجامعة اللبنانية "المعدمون": دعوة للانشقاق
لتشكيل نواة رابطة من الأساتذة المستقلين غير المرتهنين لأحزاب السلطة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
في ظل الانهيار الحاصل في البلد والكوارث الاقتصادية والاجتماعية، تنفذ رابطة موظفي الإدارة العامة إضراباً تحذيرياً اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء (18 و19 أيار الجاري)، حرصاً على حقوق الموظفين. ودعت رابطة أساتذة التعليم الثانوي في لبنان إلى أوسع مشاركة في اعتصام الأربعاء أمام وزارة التربية، مؤكدة أنّ التحرك هو البداية لتصحيح الرواتب. وواكبتها رابطة اساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي، بدعوة أساتذتها إلى أوسع مشاركة في الاعتصام، صونًا لحقوقهم ومكتسباتهم.

أساتذة الجامعة المحرومون
وحدها رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية غرّدت خارج السرب، فدعت إلى مؤتمر صحافي نهار الخميس 20 أيار لإعلان اكتشافها أن "الجامعة ليست بخير"، وأن أساتذتها لا يمكنهم السكوت عن المماطلة في معالجة ملفات الجامعة.

وكان قانون 46/2017 قد استثنى أساتذة الجامعة اللبنانية من سلسلة الرتب والرواتب التي حصل عليها موظفو القطاع العام. ومقارنة بالسلاسل التي أقرت، أصبحت رواتب أساتذة الجامعة هامشية، لا سيّما بعد حرمانهم درجات ثلاث أعطيت للقضاة، وبات الفارق كبير بين راتب القاضي وراتب الأستاذ الجامعي، فيما كانت الرواتب متساوية حتى العام 2008. والسلسلة التي حصل عليها الجامعيون عام 2011 لحظت زيادة 38 في المئة، وزيادة 50 و75 ساعة تعليم على نصابهم التعليمي. بينما تراوحت الزيادات في السلاسل الأخرى عام 2017 ما بين 120 و200 في المئة. وارتفع مؤشر غلاء المعيشة بنسبة 25 في المئة، منذ إقرار سلسلة الأساتذة في العام 2011 وأنزل القانون 46/2017 بالمواطنين جميعاً ضرائب إضافية.

وفي ظل الظروف الاقتصادية والمعيشة القاسية اليوم، تدنت الرواتب إلى ما دون 10 في المئة من قيمتها السابقة، بعدما ارتفع على نحو جنوني سعر صرف الدولار. ولم يعد الراتب يكفي لتأمين الاحتياجات المعيشية اليومية. ولا بد من الإشارة إلى أن راتب الأستاذ الجامعي كان حتى العام 1996 يفوق راتب القاضي. والقانونان 716 و717 الصادران عام 1998 ساوى تقريباً سلاسل رواتب القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية. وكذلك الحال في أرقام سلاسل الرواتب الواردة في القانون 63/ 2008، وصولاً إلى إقرار قوانين سلاسل العامين 2011 و2012، حين بدأ يتسع الخلل في سلسلة الأساتذة بالمقارنة مع سلسلة القضاة، والتي قبلها أساتذة الجامعة اللبنانية على مضض.

أستاذ الجامعة المُحْتَكَر
طبيعة عمل أستاذ الجامعة يتميز عن سائر الموظفين، فيشترط على الجامعي الحصول على شهادة دكتوراه في الاختصاص، والتي تستلزم ما يزيد عن 9 سنوات. وإضافة إلى أعمال التدريس، على الأستاذ الجامعي الاستمرار بمهمة البحث العلمي الذي يلعب دوراً هاماً في الحفاظ على مستواه الأكاديمي، ومساهمته في تطوير وتنمية المجتمع المحلي والدولي. وهذا يتطلب تفرغاً كاملاً للقيام بالأنشطة العلمية والبحثية. وبخلاف موظفي القطاع العام، ألزم القانون 6/70 (قانون التفرغ) أستاذ الجامعة اللبنانية بالتفرغ الكامل للتدريس والبحث في الجامعة اللبنانية، ومنعه من القيام بأي عمل اَخر مأجور. بينما سمح القانون لباقي موظفي القطاع العام بالقيام بعمل آخر مأجور. فيسمح للقضاة وموظفي الفئة الأولى بالتعليم 120 ساعة سنوياً في الجامعة اللبنانية أو الجامعات الخاصة. ويسمح لسائر فئات الموظفين بالتعليم 160 ساعة سنوياً، ولأساتذة التعليم الثانوي والمهني والتقني بالتعاقد 10 ساعات أسبوعياً في التعليم العام أو الخاص.

إعدام المتقاعدين وإنصاف وزراء
وأساتذة الجامعة المتفرغون ينتظرون منذ سنوات الدخول إلى الملاك، فيما ينتظر عشرات الأساتذة المتفرغين المتقاعدين نيل أبسط حقوقهم: الحصول على معاش تقاعدي وضمان صحي، وفيما الرابطة تنتظر تنفيذ كامل بنود اتفاق النقاط السبع. وفي آخر جلسة للحكومة قبل استقالتها، طالب وزير التربية طارق المجذوب بإصدار مرسوم يحفظ حقه بالعودة إلى ملاك شورى الدولة، فانتفض وزير الصحة حمد حسن مطالباً بالدخول إلى ملاك الجامعة اللبنانية، في مشهد فضح استبداد السلطة وإمعانها بإذلال الهيئة التعليمية. وصدرت مراسيم إفرادية لإدخال وزير الصحة ووزيرة العمل إلى ملاك الجامعة اللبنانية! وأغفلت الحكومة حق مئات الأساتذة من الحصول على أبسط حقوقهم، في تصرف أقل ما يقال فيه إنه استنسابي وزبائني ومعيب بحق الجامعة وأهلها!

وتعليقاً على هذا الموضوع انتفض أستاذ وصل إلى سن التقاعد وأمضى 23 سنة في الجامعة بين التدريب والتدريس، فقال إن وصوله إلى سن التقاعد هو إصدار حكم بالإعدام عليه: حرمانه من أبسط حقوقه بالحصول على معاش تقاعدي وضمان صحي، فيما هو بأمس الحاجة إلى تغطية صحية في هذه المرحلة من عمره.

رابطة أحزاب السلطة
"عايشين بغير عالم"، عبارة شائعة على ألسنة أساتذة الجامعة اللبنانية، ويقولونها في وصف أعضاء الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين، التي دأبت على الاكتفاء بالوعود والكلام الإيجابي من المسؤولين، على مدى أعوام، مكتفية بالتذكير بمطالبها عبر بياناتها الأسبوعية والاعتصامات الرمزية التي نفذتها بين حين واَخر. لكن هذا كله جوبه بالتهميش والاستهتار بحقوق أساتذة الجامعة اللبنانية.

ولا يكاد يخلو بيان للرابطة من التحذير من تدمير الجامعة واستنكار ممارسات السلطة. وهي حذرت في بياناتها -حالما يخف وباء كورونا- من أن السلطة ستجد نفسها أمام جامعة وطنية مغلقة وإضراب مفتوح تعلنه الهيئة، في حال نكثت السلطة ببنود اتفاق النقاط السبع.

وواقع الحال أن السلطة لم تعد تأخذ تحذيرات الرابطة على محمل الجد، لا سيّما أن رئيس الرابطة الحالية هو عضو مكتب سياسي في أحد أبرز أحزاب السلطة، إضافة إلى أن أعضاءها ينتمون في معظمهم إلى أحزاب المنظومة الحاكمة.

في الماضي كانت رابطة الأساتذة تسعى إلى الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية للشعب اللبناني. كما ورد في تقريرالهيئة التنفيذية في 15/1/1997. أما اليوم فقد نجحت السلطة في تطويع الإداة النقابية لأساتذة الجامعة التي تأسست للدفاع عن مصلحتهم ورفع مكانتهم مادياً ومعنوياً. وقد أصبح من اللازم التفكير جدياً بالانفصال عن الرابطة الحالية، وتشكيل نواة رابطة من الأساتذة المستقلين غير المرتهنين لأحزاب السلطة التي لم تسع إلا لتهميش الجامعة وأساتذتها مستهترة بحقوقهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها