الثلاثاء 2021/05/11

آخر تحديث: 00:04 (بيروت)

"قوارب الهجرة من الشمال": الموت لا يردع الهاربين والمهرّبين

الثلاثاء 2021/05/11
"قوارب الهجرة من الشمال": الموت لا يردع الهاربين والمهرّبين
ارتفاع ملحوظ في أعداد الهاربين عبر البحر (مديرية التوجيه في الجيش اللبناني)
increase حجم الخط decrease

يستعيد موسم الهجرة غير الشرعية نشاطه إلى قبرص باكرًا، قبيل فصل الصيف، لا سيما من الشمال، عند شواطئ طرابلس والمنية والعريضة في عكار.  

ورغم أن البحر في أيلول 2020 ابتلع نحو 13 شخصًا من اللبنانيين والسوريين، بعد أن وقعوا ضحية أحد المهربين لقوارب الموت، يبدو أن تلك الحادثة المأسوية لم تردع مئات الباحثين عن سبيل للهروب من لبنان، حتى أن معظمهم لم يعد ينتظر المهربين بل يقومون ببيع مقتنياتهم للتشارك في شراء قارب، يكون غير آمن، للهروب على متنه. (راجع "المدن").

استئناف الهروب 
أمس الاثنين، أعلنت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه، أنه بتاريخ 9 أيار الحالي، أوقفت وحدة من القوات البحرية مركبًا رصدته الرادارات على مسافة 10 أميال بحرية قبالة شاطئ طرابلس، وذلك أثناء محاولة تهريب 60 شخصًا (59 من التابعية السورية إضافة إلى لبناني واحد) عبر المياه الإقليمية اللبنانية. وأفادت قيادة الجيش في بيان، أن الموقوفين سُلموا إلى المراجع المختصة وبوشر التحقيق.  

وقبل يومين، أعلنت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي عن إحباط محاولة تهريب 51 شخصًا، عبر بلدة أنفة الحريشة عند شاطئ البحر إلى قبرص، وكانت تضم الرحلة لاجئين سوريين بينهم 39 رجلًا و5 نساء و7 أطفال. وقبل نحو أسبوعين أيضا، أحبطت مخابرات الجيش تهريب 69 شخصًا من اللاجئين السوريين، عبر البحر أيضاً إلى قبرص، من شاطئ زناد في منطقة العريضة في عكار (راجع "المدن").  

وفي السياق، تشير معلومات "المدن"، أن المهربين ينشطون على نطاق واسع في الشمال، ويحاولون تقديم إغراءات تشجع الساعين للهجرة غير الشرعية نيل ثقتهم، كإخبارهم عن نجاح عملياتهم ووصول المهاجرين إلى قبرص بأمان، ناهيك عن الترويج لقوة قواربهم ومتانتها، رغم أن الحقيقة منافية لذلك. وهكذا، يتشجع الهاربون لدفع مبالغ طائلة مقارنة مع سوء أوضاعهم الاقتصادية. فبعضهم يسعى للاستدانة، وبعضهم الآخر يبيع أثاث منزله. كما تشير المعطيات أن قارباً يضم نحو 50 شخصاً، تتجاوز كلفته 200 مليون ليرة.  

تصاعد الأرقام  
وواقع الحال، يبدو أن نسبة اللاجئين السوريين تتصدر المرتبة الأولى من بين الساعين للهروب على قوارب الموت.  

وفي السياق، توضح المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة UNHCR، ليزا أبو خالد، أن رحلات الهروب غير النظامية من لبنان إلى قبرص، سجلت ارتفاعًا ملحوظًا عام 2020 مقارنة بالسنوات الماضية.  

واستنادًا إلى المعلومات المتوفرة لدى المفوضية حتى الآن، تشير أبو خالد لـ"المدن"، أن أكثر من 976 شخصًا (بما في ذلك حركة 4 أيار 2021) هربوا عبر البحر، أو حاولوا الشروع بذلك، بين كانون الثاني 2020 وأيار 2021.  

واللافت وفق أبو خالد، أنه خلافًا للسنوات السابقة، التي كانت تقتصر فيها رحلات الهروب غير الشرعية على السوريين، فقد انضم إليهم في 2020 مجموعة من اللبنانيين، وصل بعضهم إلى قبرص، بينما أعيد آخرون إلى لبنان أو جرى اعتراض محاولة مغادرتهم.  

ومع ذلك، يحتل السوريون المرتبة الأولى في أعداد الهاربين، يليهم اللبنانيون وبعض الفلسطينيين وأشخاص من جنسيات أخرى.  

أسباب الهروب  
وتشير المتحدثة أن بعض الأفراد الذين تم اعتراض هروبهم أو جرى إنقاذهم أو أعيدوا للبنان، أفاد بعضهم المفوضية أن لجوءهم لهذا النوع من الهروب وتعريض حياتهم للخطر، لأنهم "لا يجدون أي سبيل للبقاء في لبنان في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".  

تشمل الأسباب الرئيسية المذكورة للمغادرة ما يلي، وفق أبو خالد.
أولًا، عدم القدرة على البقاء في لبنان بسبب تدهور الوضع الاقتصادي.
ثانيًا، عدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية ومحدودية فرص العمل في لبنان.
ثالثًا، وجود أقارب أو أفراد مجتمع في قبرص. 

وتظهر أرقام المفوضية ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد الهاربين عبر البحر. ففي العام 2018، سجلت المفوضية هروب 21 قاربًا إلى قبرص تضم على متنها نحو 490 فردًا معظمهم من السوريين، بحسب أبو خالد.  

وفي العام 2019، سجلت المفوضية هروب 17 قارباً، ضمت نحو 270 راكبًا (غالبيتهم من السوريين) من بين هؤلاء، وصل 8 قوارب إلى قبرص، وتم اعتراض 7 من قبل السلطات اللبنانية، وفقد اثنين آخرين في البحر.  

وفي النصف الأول من 2020، تلقت المفوضية معلومات عن قارب على متنه 12 سوريًا، نزل في الجزء الشمالي من قبرص. وفي النصف الثاني من العام نفسه، علمت المفوضية بـ30 رحلة هروب على متن قارب أو محاولة مغادرة إلى قبرص، وأعادت السلطات القبرصية 5 قوارب خلال أيول 2020، تحمل نحو 206 أفراد إلى لبنان. وبعد انخفاض الحركة في الربع الأخير من عام 2020، غادرت 6 قوارب من لبنان في العام 2021 على متنها نحو 229 راكبًا (228 سوريًا وواحدأ لبنانياً).  

وتشدد أبو خالد على ضرورة توفير الأمان للهاربين عبر البحر، واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية. كما "يحصل الأفراد السوريين الذين يتم إنقاذهم في البحر أو إعادتهم إلى لبنان على الدعم الطبي والنفسي والمساعدة في حالات الطوارئ".  

من جهته، يعتبر ناصر ياسين، الباحث والأكاديمي في الجامعة الأميركية في بيروت، أن تصاعد أرقام الهجرة غير الشرعية هو انعكاس لتدهور الأوضاع في لبنان، وأن السوريين هم من الفئات الاكثر استضعافًا، لا سيما في ظل عدم توفر شروط العودة الآمنة لبلادهم؛ فـ"يرمون أنفسهم إلى المجهول نتيجة الضغط الذي يعيشون تحت وطأته كلاجئين".  

ويتوقع ياسين أن تتوسع ظاهرة اللجوء غير الشرعي في الأشهر المقبلة، في ظل الفوضى التي تعم البلاد والحدود. وقال لـ"المدن": "لعل حرص الدول الأوروبية على توفير حد أدنى من الاستقرار في لبنان، هو بسبب الخوف من تدفق موجات الهجرة غير الشرعية إلى بلادهم، بعد انسداد أفق الحل في لبنان".  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها