الجمعة 2021/02/26

آخر تحديث: 13:16 (بيروت)

انتخابات رابطة الأساتذة: أنقذوا جامعتكم بأصواتكم الحرّة

الجمعة 2021/02/26
انتخابات رابطة الأساتذة: أنقذوا جامعتكم بأصواتكم الحرّة
لم توفر أحزاب السلطة وسيلة للانقضاض على الجامعة وأهلها (الأرشيف، ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
غداً السبت في 27 شباط يتوجه المندوبون المنتخَبون حديثاً في مجلس مندوبي الجامعة اللبنانية، لانتخاب 15 عضواً لـ"الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين" في الجامعة عينها. أمامهم مسؤولية كبيرة في ظل الأوضاع الحرجة التي تعيشها الجامعة. فأحزاب السلطة فرضت سيطرتها عليها، وعلى قرار "الرابطة"، المفترض أن تدافع عن الجامعة وأساتذتها. لكنها تعيش حال نكران تامة، فلم تحرك ساكناً للدفاع عن كرامة الجامعة والأساتذة.

اجتياح حزبي
منذ تأسيسها في خمسينيات القرن الماضي، لم تواجه الجامعة اللبنانية - تستقبل أكثر من نصف الطلاب الجامعيين في لبنان من الشرائح الاجتماعية والمناطق اللبنانية كافة - تحديات صعبة ومصيرية كالتي تواجهها اليوم، مترافقة مع حملات ممنهجة من أحزاب السلطة لإضعافها. وأصبحت الجامعة مهددة في وجودها، نتيجة ضرب مقوماتها وإضعاف مناعتها بقضم ميزانيتها ومصادرة صلاحيات إدارتها، المفترض أن تكون مستقلة. وصولاً إلى تصفية حقوق أساتذتها، لمنعها من أداء رسالتها في إعداد طلابها، ليكونوا فاعلين، يساهمون في بناء المجتمع اللبناني وتنميته.

لم يعد يناسب هذه الأحزاب أن يكون للجامعة اللبنانية إدارة ودوراً مستقلين عن سيطرتها وتحويلها غنيمة خاوية. وهي لا تتوانى عن ارتكاب الموبقات التي مارستها الحكومات المتعاقبة والمنظومة الحاكمة وأحزابها.

70 في المئة بالساعة
منذ العام 2003 لم تصادق الحكومات المتعاقبة على عقود أساتذة التدريس بالساعة الذين يحصلون على مستحقاتهم بعد سنتين أو ثلاث، كعقود مصالحة مع الجامعة من دون أي استقرار اجتماعي، ولا ضمانات صحية. وهم أصبحوا يشكلون حوالى 70 في المئة من أساتذة الجامعة اللبنانية. علما أن المادة 5 من قانون 6/1970 نصت على عدم جواز أن تنقص نسبة ساعات التدريس الموكلة إلى افراد الهيئة التعليمية المتفرغين وفي الملاك، عن ثمانين بالمئة من مجموع ساعات التدريس المقررة في الجامعة.

السبت الأبيض
وعلى مر السنوات، سعت المنظومة الحاكمة إلى تحويل كليات الجامعة مكاتب خدمات توظيف لأحزابها: تعيينات حزبية زبائنية، بدءًا من عضوية مجالس الأقسام، إلى المناصب الإدارية كافة، ومروراً بملفات التعاقد والتفرغ والملاك.

وهكذا فرغت الجامعة من الكفاءات الأكاديمية والعلمية، لا سيما بعدما "فرّخت" دكاكين جامعية كثيرة، سعياً إلى استغلال الوضع الاقتصادي السيء واستقطاب الطلاب الجامعيين بتقديم منح ومساعدات مالية حصدتها منظومة الفساد، بعدما نهبت البلاد والعباد، وليس آخرها سرقة أموال المودعين في المصارف.

وتوازياً مع سعي أحزاب السلطة الدائم لفرض سيطرتها على مفاصل الجامعة اللبنانية، نجحت إلى حد بعيد في السيطرة على قرار "الرابطة"، التي أنشئت للدفاع عن الجامعة وأساتذتها.  وفي العام 2019 تلقت احزاب السلطة صفعة قاسية خلال محاولتها تعليق الإضراب المفتوح في الجامعة، حين انتفض أساتذة الجامعة دفاعاً عن كرامتهم وحقوقهم. وكان "السبت الأبيض" عندما أسقط مجلس المندوبين - رغم طغيان الحزبيين عليه - قرار الهيئة التنفيذية بتعليق الإضراب الذي فرضت تعليقه أحزاب السلطة في حينه.

إعدام الجامعة
لم توفر أحزاب السلطة وسيلة للانقضاض على الجامعة وأهلها. وها هي اليوم ضمّنت مشروع الموازنة العامة مواد تدميرية، تمهيداً لتنفيذ حكم إعدام الجامعة الوطنية التي باتت ميزانيتها السنوية أقل من 40 مليون دولار! مع نسف الحقوق المكتسبة لأساتذتها. علما أن المجلس الدستوري سبق أن أبطل مواد كثيرة في موزانات عامة سابقة، لمخالفتها مبدأ الحقوق المكتسبة!

ومنذ العام 2018 بدأت حكومة أحزاب السلطة بتنفيذ حكم الإعدام بالأساتذة المتفرغين الذين وصلوا إلى سن التقاعد، عندما لم تصدر مراسيم إدخالهم إلى ملاك الجامعة. وكانت النتيجة فقدانهم أبسط الحقوق في الحصول على راتب تقاعدي، وضمان صحي هم بأشد الحاجة إليه في مرحلة التقاعد. والطامة الكبرى أن رابطة الأساتذة المتفرغين تعيش في حالة نكران تامة، فلم تحرك ساكناً للدفاع عن كرامة وحقوق الزملاء المتقاعدين. وهذا رغم استمرار هذه الجريمة الموصوفة. إذ يصل كل عام العديد من الزملاء إلى سن "الإعدام" تحت أنظار الرابطة التي يصح فيها القول: "شاهد ما شفش حاجة".

انتفاضة المتعاقدين
فيما الجامعة اللبنانية تحتضر، ولن ينقذها إلا وفاء أهلها وإخلاصهم، ينتفض الزملاء المتعاقدون بالساعة ويضربون، بعدما سئموا من وعود السلطة الكاذبة، معلنين تضامنهم في معركة الدفاع عن كرامتهم وعن حقهم في التفرغ في الجامعة. هذا فيما فكت "الرابطة" الإضراب منذ نحو عشرة أيام، لقاء وعود من وزير المالية، هي أشبه بالوعود السابقة التي بقيت حبراً على ورق.

انتخابات غد السبت تترتب عليها مسؤولية كبيرة، معلقة بأعناق المندوبين الذين يتوجهون إلى صندوق الاقتراع. فهم مدعوون لوقف تنفيذ حكم الإعدام بالجامعة الوطنية. وذلك باختيار هيئة تنفيذية غير مرتهنة في قرارها لأحزاب السلطة. والآمال معقودة عليهم للمضي في انتفاضة أساتذة الجامعة للدفاع عن كرامتها وكرامة أهلها. فإنقاذ الجامعة يبدأ من استعادة أساتذة الجامعة أداتهم النقابية التي يخطف قرارها أحزاب السلطة.

حكّموا ضمائركم وأنقذوا الجامعة اللبنانية ولا تطلقوا عليها رصاصة الرحمة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها