الثلاثاء 2021/11/30

آخر تحديث: 14:20 (بيروت)

القرارات العراقية "أنقذت" التعليم اللبناني.. ولا تحقيق بفضيحة الشهادات!

الثلاثاء 2021/11/30
القرارات العراقية "أنقذت" التعليم اللبناني.. ولا تحقيق بفضيحة الشهادات!
جل ما حصل في وزارة التربية أن هناك تقارير رفعت إلى الوزير حول الطلاب العراقيين (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
من سخرية الأقدار أن يتحول لبنان وشهاداته الجامعية إلى مادة للتندر والسخرية في العراق وحتى في لبنان، خصوصاً في ظل انتشار الجامعات "التجارية" الكثيرة، التي نبتت لأسباب سياسية وطائفية. وضعت تلك الجامعات التعليم العالي في لبنان في إطار السخرية بين العراقيين في مجالسهم، حين يتبادلون الاتهامات: "أنت من جماعة بيروت" (حصلت على شهاتدك من لبنان). وباتت محط تندر كما فعل الباحث هلال العبيدي، في حوار تلفزيوني، محطاً من شأن الضيف الآخر حيدر البرزنچي قائلاً: "أنت شهادتك من بيروت"، فيرد عليه الآخر نافياً "التهمة": "شهادتي من بغداد". 

التحقيق اللبناني
ما أقدمت عليه الحكومة العراقية من قرارات للتدقيق بأطروحات الخريجين، الذين حصلوا على شهادتهم الجامعية من لبنان في السنوات السابقة، ووقف التعليم من بعد، أدى إلى تراجع عدد الطلاب الذين كانوا يتهافتون إلى لبنان للتعلم من بعد. ففي السابق كانوا يمكثون في وظائفهم في العراق، ولا يتكبدون عناء الدرس، مسلمين أبحاثهم ورسائل التخرج إلى مكاتب خاصة هناك تتولى إنجاز أبحاثهم وأطروحاتهم مقابل مبالغ مالية. 

بموازاة القرارات العراقية لإعادة امتحان الطلاب الذين نالوا الشهادات من لبنان، يبدو أن التحرك الرسمي اللبناني يسير ببطء شديد (لا تحقيق جدي كما يشاع في أروقة وزارة التربية). والمصادر الرسمية في الوزارة أكدت في وقت سابق لـ"المدن"، أن الوزارة فتحت تحقيقاً وستسلم النتائج إلى مجلس التعليم العالي، كي يحقق بدوره ويرفع توصياته في هذه القضية، التي شغلت الرأي العام العراقي واللبناني. 

لكن يبدو أن تشكيلة مجلس التعليم العالي الجديد، التي صدر فيها القرار، لن تبصر النور قريباً. ففي السابق كان المجلس معطلاً، ورفعت له توصيات بشأن الطلاب الأجانب (لم تذكر التوصية العراقيين كي لا تتهم لجنة المعادلات بـ"العنصرية") وكان المقصود الطلاب العراقيين، الذين زاد عددهم بشكل غير طبيعي (كم هائل وغير مسبوق من طلبات المعادلات) في شهر آب، وذلك حفاظاً على مستوى الشهادة الجامعية في لبنان. ورفعت توصية لجعل تقديم الطلبات عبر خدمة ليبان بوست، خصوصاً أن عدد طلبات المعادلات كانت تفوق 200 طلب يومياً!  

مجلس التعليم العالي
مع قدوم الوزير الجديد عباس الحلبي، وبعد فضيحة بيع الشهادات، بدأ الأخير العمل على إعادة تشكيل مجلس التعليم العالي. وصدر مرسوم بتشكيل المجلس الجديد في 19 تشرين الثاني. لكن لم ينشر بعد، لأنه ربما يخضع لتعديل أحد أسماء ممثلي الجامعات الخاصة. ويضم المجلس خبيرين في التعليم العالي، يتم انتقائهم من بين المتقدمين بطلبات ترشيح لهذا المنصب. وترشح، وفق مصادر "المدن"، شخصان فقط، أي كان يفترض أن يتم اختيارهما، بينهما الخبير السابق في المجلس عبد الحسن الحسيني. لكن تم استبعاد الأخير بسبب مواقفه السابقة في المجلس السابق من معظم الجامعات الخاصة، إذ كان يطالب بإقفال جميع الجامعات والفروع غير المرخصة. وبسبب مواقفه من قضية الشهادات المباعة للطلاب العراقيين، وقبلهم اللبنانيين، مطالباً في جلساته الخاصة والعامة، بمحاكمة رؤساء الجامعات المتورطة وزجهم بالسجون. ويبدو أن تدخلات سياسية ومن جامعات أدت إلى استبعاده. 

العارفون بسيرة الحسيني، من رؤساء جامعات ووزراء، حاليين وسابقين، يشيدون به بوصفه "حارس التعليم العالي في لبنان"، ويعرفون صراعه لإقفال الجامعات غير المرخصة وإصلاح ما يمكن إصلاحه ووضع أسس وضوابط للتعليم العالي. وهم يستغربون إبعاده عن المجلس الحالي، وخصوصاً بعد الأزمة-الفضيحة مع العراق. 

رفع تقارير
وفق مصادر "المدن"، جل ما حصل في وزارة التربية أن هناك تقارير رفعت إلى الوزير حول ملف الطلاب العراقيين، وأكدوا له ما سبق وعرضته "المدن"، عن وجود سماسرة ووكلاء عن الطلاب العراقيين يخلصون معاملاتهم من دون الحضور إلى لبنان، ووجود محاولة عرض رشاوى على موظفين من الوزارة، وإغراءات من موظفين في السفارة العراقية في لبنان. 

وتشكك المصادر في جدية تعاطي لبنان مع ملف بيع الشهادت، لأنه عوضاً عن الذهاب إلى أصل المشكلة في كيفية حصول الطلاب العراقيين، وغيرهم، على شهادات من دون الحضور إلى لبنان، أو حتى اللبنانيين، ومعالجة هذه القضية المتعلقة بمستوى التعليم الجامعي في لبنان، يبحث البعض في عدد الشهادات المعادلة في لبنان. كما لو أن المشكلة هي في عدد الشهادات وليس في طريقة منح الشهادة. 

إقفال الجامعات
البحث في العدد يعتريه إشكاليات تقنية، تتعلق بعدم توفر المكننة في بعض اللجان. كما أن العديد من الطلاب العراقيين والأجانب يُقبلون في الجامعات حتى من دون معادلة شهاداتهم في لجان المعادلات. ويكتفي معظم الطلاب الذين ينهون التعليم بمصادقة الشهادة في وزارة التربية وحسب، ومن دون معادلة الشهادات السابقة. علماً أن عدد الطلبات للحصول على معادلة الشهادة فاقت 6 آلاف طلب في العام 2021، وكان مقدراً للارتفاع أكثر وأكثر، لكن أتت الفضيحة والقرار العراقي، ففرمل اندفاعة الطلاب العراقيين للتسجيل في لبنان. لذا تعتبر المصادر أن القرارات العراقية أنقذت التعليم في لبنان، أكثر مما فعل لبنان نفسه. ففي لبنان لا خلاص من الفضائح التي تنفجر بين الحين والآخر قبل إقفال الجامعات التجارية.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها