انتخابات نقابة المحامين: توافق المعارضة تهدده "مراهقة يسارية"

مفاوضات كثيرة جرت في الأسابيع الفائتة لكيفية خوض هذا الاستحقاق والاستحقاقات النقابية المقبلة (نقابة طب الأسنان ونقابة الأطباء والصيدلة) وكانت الأجواء إيجابية. لكن الأجواء السلبية سيطرت بسبب رفض بعض المجموعات دخول حزب الكتائب على اللائحة! 

توريث سياسي؟
بعض المجموعات، مثل "لحقي" و"بيروت مدينتي" و"المرصد الشعبي لمحاربة الفساد"، ترفض حزب الكتائب على أي لائحة محتملة. أي العودة إلى تلك "العقدة" المعتادة التي تراهن عليها أحزاب السلطة لشق صفوف المعارضة في الاستحقاقات المقبلة. هذه المجموعات تردد: "حزب الكتائب حزب سلطة، وقائم على التوريث السياسي". إنها شعارات ومعايير جاهزة غب الطلب، لا تراعي حتى جهود محامي التنظيم الشعبي الناصري، الذي يرأسه النائب أسامة سعد، في عملهم بجد لتوحيد صفوف كل المعارضين، بمن فيهم الكتائب. ووصل الأمر إلى حد أن إحدى المجموعات لديها محامٍ وحيد في النقابة، ومع ذلك تريد أن تفرض شروطها على حزب الكتائب المتجذر في هذه النقابة، أو على "الناخبين الكبار" في هذا الاستحقاق!

نوايا تعطيلية
بعض من حضر الاجتماعات يقول إن هناك نوايا تعطيلية عند البعض، لعدم تشكيل لائحة موحدة في النقابة، والتي ستسري على باقي النقابات، بما ينم إما عن عدم مسؤولية لما يمكن أن تؤسس له هذه الانتخابات من جو عام في البلد، أو لغايات تنسف أي إمكانية لتوحيد المعارضة في الانتخابات النيابية المقبلة. فالبعض يتعامل مع هذا الاستحقاق كمسار يستكمل المعركة وصولاً إلى الانتخابات النيابية، وربما يضرهم التحالف مع الكتائب في بعض الدوائر، لأنه يملك أصواتاً أكثر منهم. لكن عوضاً عن التحالف مع الكتائب والاتفاق معه على تبادل الأصوات في العديد من الدوائر الانتخابية، ينظر هذا البعض إلى المسألة بشخصانية مفرطة على قاعدة "أنا الملك". 

تجميد العضوية الحزبية
صعدت هذه المجموعات على شجرة رفض حزب الكتائب، وخاضت معركة شرسة تحت حجة رفض ترشيح المحامي ألكسندر نجار، لأنه محامي شركة مكتّف لتحويل الأموال. ولم تعرف كيف تنزل عنها عندما وضع التحالف ثلاث مرشحين توافقيين. وفاوضت بنفس تشكيل لائحة أسوة بالنقابة تنتفض والثورة الدائمة في معاقل اليمين. لكن الرفض الفعلي لم يكن بسبب نجار، الذي أبدى الكتائب عن استعداده لعدم طرح اسمه، أو لأن البعض منتفض أكثر من الآخر، بل لسبب وحيد هو حشد المجموعات ضد الكتائب. فحيال الرفض والتشدد ضد الكتائب طرحت أفكار كثيرة منها تجميد المرشحين الحزبيين عضويتهم في أحزابهم. وتم التوافق على ثلاث مرشحين توافقيين مستقلين. 

يسار-يمين
في نقابة المحامين ناخبون كبار يحددون مصير الانتخابات. النقباء السابقون بما يمثلونه من جو عام مؤثر يأتون على رأس الناخبين. ولحزب الكتائب والكتلة الوطنية (الكتلة القديمة) كتلة ناخبة كبيرة، فيما الجو اليساري كله قد لا يستطيع جمع أكثر من مئة ناخب. وتاريخ نقابة المحامين عريق بيمينيته. ومعيار المهنية يطغى على النقابة أكثر من أي شيء آخر. ورغم ذلك يتعامل البعض مع الانتخابات لفرض جو يساري في النقابة، ولخوض الانتخابات انطلاقاً من انتفاضة 17 تشرين. علماً أن النقيب محلم خلف أتى بجو عام شعبي مدعوماً من النقباء السابقين، وليس بأصوات 17 تشرين.

أحد المطلعين على المفاوضات يعتبر أن خلَف كسر الأعراف كونه أول نقيب لم يكن عضواً في مجلس النقابة، كما هي حال كل النقباء الذي توالوا على النقابة منذ تأسيسها. وبعيداً عن أن ذاك الجو العام الشعبي لم يعد قائماً حالياً، ولا يمكن أن ينعكس على الانتخابات في النقابة، فكسرُ الأعراف لا يعني فرض جو يساري على هذه النقابة تحديداً. وكذلك لا يمكن خوض معركة النقابة بأجواء يسارية وثورية. 

المفاوضات ما زالت قائمة، وتوحي بالتوافق رغم الأجواء السلبية. وربما يشكل المرشح كريم ضاهر نقطة التقاء بين الجميع، وخوض هذه الانتخابات كمعارضة وطنية ضد أحزاب السلطة. غير ذلك، يسير اليسار بالمرشح موسى خوري، الذي رشحته مجموعة "مواطنون ومواطنات في دولة"، وتسير المجموعات الأخرى بالمرشح المستقل رمزي هيكل.