الإثنين 2021/01/25

آخر تحديث: 16:22 (بيروت)

اللقاحات وتحدي سلالات كورونا الجديدة: سباق مع الطفرات

الإثنين 2021/01/25
اللقاحات وتحدي سلالات كورونا الجديدة: سباق مع الطفرات
المناعة المتشكلة بعد الشفاء أقوى من مناعة اللقاح (مستشفى أوتيل ديو، علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
كثر الحديث عن أن ارتفاع عدد الإصابات في لبنان مرده إلى انتشار السلالة البريطانية التي ثبت أنها سريعة الانتشار. وربط البعض ارتفاع عدد الوفيات بهذه السلالة، مستندين إلى حديث لرئيس الوزراء البريطاني عن السلالة الجديدة التي رفعت عدد الوفيات، استناداً إلى معلومات إحصائية.

إلى ذلك، لفت كبير خبراء البيت الأبيض، أنطوني فاوتشي، إلى إمكان عدم تجاوب اللقاحات المتوفرة في الأسواق مع السلالة الجديدة التي ظهرت في جنوب أفريقيا، موضحاً أنه حتى لو حصل هذا الأمر، تبقى اللقاحات تمنح الإنسان حماية كافية، داعياً إلى تسريع عملية التلقيح.

وحيال هذا الهلع في لبنان من هذه المعطيات، لفت رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو لجنة اللقاحات في منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، البروفسور غسان دبيبو، إلى أن الأبحاث التي يجريها البعض في لبنان للتأكد من انتشار السلالة البريطانية، تتمحور حول طفرات معينة في البروتين الشوكي لفيروس كورونا.

ويعتقد القيمون على هذه الأبحاث أنه في حال تشابهت هذه الطفرات في البروتين في لبنان، مع الطفرات في بريطانيا، فهذا يعني أن السلالة الطاغية في لبنان هي البريطانية. لكن هذا النوع من الأبحاث يختصر الطريق عوضاً عن تحليل تسلسلي (sequencing) لكل جوانب الفيروس، الذي من خلاله نتثبت ما إذا كانت السلالة المنتشرة في لبنان بريطانية، أو هي متحور جديد خاص بلبنان. وبمعزل عما إذا كانت هذه الأبحاث في حال تعمقت ستثبت الأمر أو تنفيه، من المتوقع أن تطغى السلالتين الجنوب أفريقية والبريطانية عالمياً وليس في لبنان فحسب. ومرد ذلك إلى نجاح هاتين السلالتين في القدرة على الانتقال بسرعة أكبر، تمكنهما من الحلول مكان السلالات القديمة التي طغت خلال هذه السنة من الجائحة.

وسألت "المدن" دبيبو: هل من معطيات حول فاعلية اللقاحات ضد السلالات الجديدة، وخصوصاً الجنوب إفريقية، التي أشير إلى عدم تجاوبها مع اللقاح؟
ما زالت الدراسات التي تجرى أولية. لقد حسم الجدل حول السلالة البريطانية، وأُثبت أن اللقاح فعال ضدها، والمتغيرات التي طرأت على الفيروس لا تمنعه من ذلك. أما في جنوب أفريقيا فيوجد بعض الطفرات المختلفة عن السلالة البريطانية. لكن حتى الساعة، ما زال البروتين الشوكي الموجود في اللقاحات مشابه للبروتين الشوكي في الفيروس. فهذا البروتين مؤلف من 1273 حامض أميني، تغير فيه نحو تسعة أحماض، ما قد يؤثر جزئياً في عدم التجاوب مع اللقاح، وخصوصاً أن بعض هذه الطفرات حصلت حيث المضادات الحيوية تلتصق بالبروتين وتمنعه من الدخول إلى خلايا الإنسان. لكن حتى الساعة هناك مجرد مخاوف من أن تتأثر التغطية التي يؤمنها اللقاح. الموضوع لم يحسم بعد والدراسات جارية حوله. لكنني أعتقد أنه حتى لو تغير هذا البروتين في تلك المناطق، يستطيع جهاز المناعة التعرف عليه ويحمي الإنسان.

بمعزل عن حسم الجدل حول فعالية اللقاح ضد السلالة البريطانية، ما مدى دقة الحديث عن أنها أدت إلى ارتفاع عدد الوفيات في بريطانيا؟
أعتقد أن رئيس الوزراء البريطاني شطح بالتفسير بعدما زود بمعلومات أولية أن السلالة أدت إلى ارتفاع عدد الوفيات. وتبين أنها معلومات حسابية. فارتفاع عدد الوفيات ناتج عن ارتفاع عدد الإصابات. وهذا أمر طبيعي في ظل سرعة انتشار السلالة الجديدة. لكن نسبة الوفيات ما زالت مستقرة، لا بل تحسنت وانخفضت عن السابق. ومرد ذلك إلى تطور أمور كثيرة، منها تشخيص أكبر وأفضل للحالات، وتحسن نوعية العلاج وكيفية التعامل مع المرضى في المستشفيات. حتى أن حظوظ المرضى في الخروج من المستشفيات بعد التعافي ارتفعت كثيراً، بينما كانت حظوظهم قليلة في بداية الجائحة.

لكن ماذا يحصل في حال تحور الفيروس بشكل كبير يمنع اللقاح من التعرف عليه، هل من تلقى اللقاح يصاب بهذا المتحور؟ وهل يصبح بحاجة لتلقي اللقاح الجديد.
في حال تغير الفيروس كلياً عن السابق، من أخذوا اللقاح القديم عليهم أخذ اللقاح الجديد، مثلما هو معمول في لقاحات الأنفلونزا التي نتلقاها سنوياً. لكن تقنية اللقاحات المتوفرة والمعتمدة حتى الساعة، تتيح تعديلها بشكل سريع لتصبح متوافقة مع السلالات التي ستظهر، إذا تبين أن الفيروس تطور بشكل جذري ولم يعد اللقاح القديم ينفع معه.

هل المناعة التي يعطيها اللقاح تختلف عن تلك التي تتشكل بعد الإصابة بكورونا؟ وهل هذه المناعة فاعلة في السلالات الجديدة التي ستطرأ؟ أم أن الإنسان يصاب بأعراض مشابهة بتلك التي حصلت في الإصابة الأولى؟
المناعة التي تتشكل بعد الإصابة تعطي الجسم مناعة كبيرة تفوق تلك التي يؤمنها اللقاح. فهذه المناعة موجهة إلى عدد كبير من البروتينات الموجودة في فيروس كورونا، وليس فقط البروتين الشوكي الذي يستخدم في اللقاحات.

وعندما نصاب بكورونا تتشكل لدينا مضادات حيوية ومناعة خلوية على بروتينات كثيرة في الفيروس، تحمينا من السلالات الجديدة. لكن إلى متى تستمر المناعة؟ فما زال البحث جار، ولم يحسم الجواب عليه بعد. وهذا ينطبق على فترة الحماية التي يؤمنها اللقاح. فلقاح "فايزر" الذي بدأت الاختبارات عليه في شهر نيسان المنصرم، لم يمض عليه سنة بعد لمعرفة نسبة المناعة التي يحافظ عليها الجسم. وهذه المسائل تحتاج إلى متابعة في السنتين المقبلتين. 

"موديرنا"والسلالات الجديدة
وفي سياق متصل، حول فعالية اللقاحات مع السلالات الجديدة، أعلنت شركة "موديرنا" الأميركية، اليوم الاثنين، أن اللقاح الذي طورته لا يزال فاعلا ضد النسختين المتحورتين البريطانية والجنوب إفريقية. وأجرت تجارب خلص فيها الخبراء إلى أنهم يتوقعون أن يحمي اللقاح من عدوى "النسخ المتحورة المكتشفة حتى تاريخه". كذلك عملت الشركة على تطوير جرعة إضافية لزيادة الحماية من هذه النسخ المتحورة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها