الجمعة 2021/01/22

آخر تحديث: 15:31 (بيروت)

المهندسون ليسوا بخير: خذلان استشفائهم.. وتقاعس النقابة

الجمعة 2021/01/22
المهندسون ليسوا بخير: خذلان استشفائهم.. وتقاعس النقابة
بعد الأخذ والردّ تبيّن أن بمقدور النقابة ونقيبها التحرّك لتحصين واقع المهندسين (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
المهندسون في لبنان ليسوا بخير، وكذلك نقابتهم. في أزمة كورونا، وجد عدد من المهندسين أنفسهم أمام ذلّ واستهتار، وعجز عن دخول المستشفيات. أزمة الوباء التي تطرق كل باب، كشفت عورةً جديدة في عمل نقابة المهندسين على مختلف الأصعدة. عندما يجد مهندس نفسه أمام باب المشفى، كما غيره من المواطنين، يجد أنّ شركة التأمين ووزارة الصحة تتقاذف المسؤولية عن علاجه. وإن كان أمراً مفهوماً لكون العقود مع الشركة المعنية لتغطية التقديمات الاستشفائية والطبية لا تغطّي معالجة الوباء، إلا أنّ ما يحصل منذ مدّة على هذا المستوى يشير إلى أنّ في النقابة محسوبيات و"تمريرات". هذا ما يؤكد عليه عدد من المهندسين الذين خاضوا تجربة الاستشفاء، قبل وخلال أزمة كورونا.

تجارب مرّة
قبل كورونا، تقول رواية أحد المهندسين، أنّ فضيحة بآلاف الدولارات تستوجب التوقّف عندها. إذ أنّ أحد المستشفيات قبض ثمن عملية جراحية لم تتمّ، وطبعاً تم خصم هذا المبلغ من الرصيد الاستشفائي للمهندس، من دون أن يكون للنقابة أي رأي في الموضوع. هذه قصة واحدة، من بين قصص أخرى تكشف واقع النقابة على مستوى الطبابة. وفي كورونا، تتمّ الآن معالجة المهندسين على نفقتهم الخاصة، على أن يتقدّم هؤلاء بالفواتير إلى النقابة ويتقاضون لاحقاً كلفة الاستشفاء. لكن في رواية أخرى، فإنّ عملية استرداد الأموال المدفوعة تخضع للمحسوبية. إذ يتم تأخير أو تقديم الدفع حسب تدخّل أعضاء من مجلس النقابة. وفي ثابتة أخرى، فإنّ النقابة لا تقوم بتغطية مصاريف استشفاء كورونا لأهل المهندسين، على اعتبار أنّ عقود التأمين تتمّ بعقد مباشر بين المهندس وشركة التأمين، فلا تكون النقابة إلا وسيطاً في هذا الموضوع. بلغة أحد المهندسين: "ندفع فوقنا وتحتنا، نسدّد الاشتراكات، ولا نلقى الخدمات. سرقت المصارف أموالنا، وسرق السياسيون حياتنا، وما نملكه من مال الآن ندفعه في المستشفيات. إن كان النقيب ومجلس النقابة عاجزين عن العمل كمؤسسات الدولة، فليرحلا الآن". 

مطالب واضحة
يفترض بأي مهندس أصيب بفيروس كورونا، أن يضع مبلغاً مالياً في صندوق المستشفى لتلقّي العلاج، هذا إن توفّر لديه المال في ظروف مالية واقتصادية ومهنية صعبة. أثار قطاع المهندسين والمهندسات في مجموعة "لِحقي"، أمس، موضوع فضيحة الاستشفاء مع مطالب واضحة وبديهية وهي "تمكين المهندسين المصابين بكورونا والمسدّدين لاشتراكاتهم من تلقّي العلاج اللازم في المستشفيات على نفقة صندوق الاستشفاء في النقابة، من دون تأخير بسبب إجراءات ماليّة وإدارية تطلبها شركة التأمين منهم". إضافة إلى "مطالبة النقابة بإلزام شركة التأمين القيام بالتزاماتها وواجباتها المنصوص عنها بالعقد الموقّع بين النقابة والشركة". خصوصاً لجهة تغطية علاج أهل المهندس/ة والأقارب. مع إشارة البيان إلى أنّ "المشكلة الأكبر أنّ وزارة الصحّة لا تغطّي تكاليف استشفاء المرضى الّذين لديهم تأمين صحّيّ من جهات ضامنة وشركات تأمين".

تابت: لا حلول
وقد لاقى البيان الصادر عن المجموعة إجماع شرائح عديدة من العاملين في هذا المجال، ما استدعى ردّ نقيب المحامين عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فكتب نقيب المهندسين جاد تابت، الذي أغلق هاتفه لساعات، موضحاً أنّ "عقد التأمين الذي وقعناه منذ سنة كان يستثني صراحة كل الأوبئة المعلنة من قبل وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية في الفقرة 8 من القسم الرابع". مضيفاً أنّ هذا الاستثناء كان موجوداً في كافة عقود التأمين السابقة، ومشيراً إلى أنّ "لا سلطة للنقابة طبعاً على الشركة، وبانتظار العقد الجديد الذي يبدأ تطبيقه في الأول من آذار، والذي سيشمل كورونا ومضاعفاتها، قرّرت النقابة السماح للمهندسين باسترداد الفواتير حسب ما تسمحه قوانين النقابة.. ولا يمكن لا النقيب ولا لمجلس النقابة ولا لاي هيئة أخرى إيجاد حل آخر". وردّت "لِحقي" على ردّ تابت مذكرةً بمطالب تسهيل أمور المهندسين جراء المعاملات الإدارية، وما يخص أهل المهندسين، إذ ترفض وزارة الصحّة علاجهم لكونهم مشمولين بتأمين. فجاء ردّ آخر من تابت الذي اعتبر أنّ "الوزارة تتهرّب من تعهدها مثلها مثل كافة مؤسسات الدولة، التي لم تفعل شيئاً لمساعدة المواطنين". وأضاف "آسف، لكن لا حلول لدينا غير ما نقدمه الآن".

..ويستجيب
وبعد ساعات من السجال الدائر على وسائل التواصل الاجتماعي، أكد النقيب تابت استجابته لمطلب "لِحقي" في بيان آخر، أشار فيه إلى أنه "بعد المفاوضات التي اطلقها النقيب ومجلس النقابة مع المستشفيات وشركة نكست كار في الأيام الأولى للحجر، توصلنا اليوم إلى اتفاق يسمح بتغطية علاج كورونا للمهندسين وعائلاتهم (الزوج(ة) والأولاد) المؤمّنين في الصندوق بسقف مالي يبلغ 25 مليون ليرة لبنانية للفرد، تدفع كموافقة مرضية استثنائية من خارج صندوق التأمين تصدر عن النقابة عبر شركة نكست كار وذلك ابتداء من الأحد في 24 كانون الثاني 2021". فتبيّن أنّ بإمكان النقابة التحرّك وسند المهندسين وتحصيل حقوقهم، وما كان قرار مماثل ليصدر إلا بعد إعلاء صرخة الناشطين، ما يؤكد واقع تقاعس النقيب ومجلسه.

أسئلة للنقيب
بين الردّ والردّ المضاد، تأكيد على أنّ واقع نقابة المهندسين، أكبر نقابات لبنان، غير سليم. ومع تأكيد النقيب تابت بأنّ "عقد التأمين للسنة الجديدة سيشمل كورونا ومضاعفاتها وسينطبق ذلك أيضا على عقود أهالي المهندسين مع شركة التأمين"، يكون وعد جديد قد قُطع بهذا الخصوص غير واضح موعد تنفيذه. لكن النقيب، إن شاء الخوض في هذا النقاش، فيمكن أن يجيب على سلّة من الأسئلة والتساؤلات التي يتناقلها العديد من المهندسين اليوم، ومنها: لماذا استثناء موضوع معالجة كورونا في عقد التأمين الأساسي الذي تم توقيعه عام 2020، في حين كان الوباء قد غزا العالم وعلى عتبة الوصول إلى لبنان؟ لماذا عدم الوضوح في ملف الفاتورة الاستشفائية في نقابة المهندسين وعدم التدقيق في بعض الحالات والشكاوى الموصوفة؟ لماذا عدم سريان مفعول تمديد المهل على المهندسين الذين لم يسدّدوا اشتراكاتهم في النقابة، في حين سرى على موضوع تمديد ولاية النقيب ومجلس النقابة، وأدى إلى تأجيل الانتخابات النقابية؟ ويمكن طرح هذه الأسئلة على النقيب تابت فور وضع خطّه الهاتفي في الخدمة!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها