السبت 2021/01/02

آخر تحديث: 13:05 (بيروت)

زجاج انفجار بيروت ينفخ الروح بمعامل ميتة

السبت 2021/01/02
زجاج انفجار بيروت ينفخ الروح بمعامل ميتة
أطنان من الزجاج تم جمعها من أحياء بيروت المنكوبة (Getty)
increase حجم الخط decrease

في وسط مدينة بيروت المنكوبة بعد انفجار 4 آب، خيمة تحمل بقايا ما خلفه الانفجار من أضرار مادية. الزجاج الذي كان متراكماً في شوارع المنطقة وداخل منازلها أُعيد تدويره، لتُصنع منه الأباريق الزجاجية والمراطبين وغيرها من المستلزمات المنزلية، ومن ثم عرضها للبيع في المنطقة نفسها في موسم الأعياد.

مصانع الزجاج المحلي في لبنان معدودة. وهي ثلاثة مصانع. إثنان في الشمال اللبناني وآخر في الجنوب، وتحديداً بمنطقة الصرفند.

سجال حول المبادرة
بدأت فكرة تدوير زجاج الكارثة بمبادرة قامت بها مجموعتا "مواطن لبناني" و"بيتنا بيتك"، من المجتمع المدني، بالتعاون مع حملة "إعادة تدوير الزجاج الأخضر في لبنان"، من أجل تجميع الزجاج من بيوت المنطقة المتضررة جراء الانفجار قبل طمره، ووزعته على المعامل الثلاثة لإعادة تدويره. ومن بعدها قامت الحملة نفسها بعرض مصنوعات المعامل في وسط بيروت، في موسم الأعياد بهدف تصريف هذه المنتجات.

وبين الذكرى الأليمة التي تحملها هذه الزجاجات، والبحث عن فسحة أمل لتشجيع الصناعة المحلية، تنقسم آراء الزبائن والمواطنين. فإما يعكفون عن شرائها اعتراضاً عن "تدوير المأساة" أو يبتاعونها "تكريماً للذكرى".

يقول زياد أبي شاكر مؤسس حملة إعادة تدوير الزجاج الأخضر، في حديث لـ"المدن"، إن الهدف الأساسي للمبادرة هو الاستفادة من الزجاج المتراكم وتشجيع الصناعة المحلية. فمعامل الزجاج في لبنان قليلة جداً، وهي تعاني من أوضاع صعبة، وعملها يبقى متقطعاً بين موسم وآخر. وتأمين المادة الأولية من الزجاج من دون أي تكلفة (جمعاً ونقلاً) يشجعها على المشاركة في هذه المبادرة.

حرفة "النفخ في الزجاج" معرّضة كباقي الحرف في لبنان لخطر الاندثار، خصوصاً بعد المنافسة العالية التي تعرضت لها من قبل البضائع المستوردة. فالزجاج المستورد كانت أسعاره أرخص بكثير من الزجاج المحلي، ما وفر له سوقاً قوية في لبنان. لكن مع الأزمة الاقتصادية وصعوبة الاستيراد، ازداد الطلب ولو بشكل خفيف على الصناعة المحلية من الزجاج، ما أعاد تشغيل المصانع على نحو خجول.

معمل آل خليفة
الخيمة المتواجدة في وسط البلد، تساهم بشكل أساسي في تصريف إنتاج المعامل الثلاثة، التي شاركت في مبادرة إعادة التدوير، وبشكل أساسي مصنع آل خليفة في منطقة الصرفند جنوب لبنان.

معمل آل خليفة هو من المعامل الصغيرة المختصة بحرفة نفخ الزجاج. وليست المرة الأولى التي يعيد فيها تدوير الزجاج. بل عمله يرتكز أساساً على هذه التقنية.

يتم تفريغ حمولة الزجاج الآتية من بيروت في المعمل. تنظف أولاً من الأوساخ قبل وضعها في الفرن على حرارة عالية، ليعود وينفخ العامل في المادة الملتهبة عبر أنبوب ، لتأخذ الشكل المطلوب.

وكان المعمل قد أُقفل -خلال السنتين- مدة 10 أشهر إما بسبب الاضطرابات أو بسبب كورونا والإقفال التام، ليعاود نشاطه، حسب ما قالت نسرين خليفة، بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار، حين ازداد الطلب على الزجاج المصنوع محلياً، خصوصاً من التجار الذين يصدّرون إلى الخارج، كونه يسعر على الليرة اللبنانية. وأوضحت نسرين، أن الزجاج المحلي بجودته وسعره الرخيص نسبياً الآن، أصبح ينافس الزجاج المستورد خصوصاً ذاك المستورد من الصين. وأضافت نسرين خليفة قائلة إنه خلال موسم الأعياد هذه السنة، ازداد الطلب على الزجاج المحلي أكثر من السنوات الماضية.

بين معاني "المبادرة" والذاكرة التي يحملها هذا الزجاج الآتي من المصيبة، والفائدة التي نفخت الروح في مصانع مهددة بالانقراض، تظل الصورة غير شفافة، كزجاج مخدوش وجارح.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها