"حنكة" الحلبي
تعامل الحلبي بحنكة مع الملف الشائك المتمثل بمقاطعة هيئة التنسيق النقابية، التي تضم الروابط، ولجأ إلى اللقاءات المنفردة مع الروابط، وعقد اتفاقات جانبية مع كل رابطة من مكونات الهيئة، لتسهيل التفاوض والمضي بخطته الجديدة لبدء العام الدراسي في 11 تشرين الأول. فقد استبق الوزير اللقاءات التي عقدها مع رابطة التعليم الثانوي ورابطة التعليم الأساسي، الثلاثاء، مؤكداً أن العام الدراسي سيبدأ في 11 تشرين، كموعد ثابت، على أن يكون التعليم حضورياً، داعياً الجميع إلى "التضحية" في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها الجميع.
في لقاءاته الثلاثاء حمل الوزير للأساتذة وعوداً من الدول المانحة بعدما لمس عجز الدولة. فقد سبق والتقى يوم أمس رئيس الحكومة نجيب الميقاتي لعرض المعضلات التي تحول دون انطلاق العام الدراسي، وعلى رأسها تصحيح رواتب وأجور المعلمين. ولم تفض إلى أي حلحلة.
الإيقاع بالروابط
أراد الوزير جر الروابط إلى ملعب البدء في تسجيل الطلاب، بعدما كانت الروابط قررت مقاطعة كل الأعمال المتعلقة بالعام الدراسي. في البداية، حصل الوزير على تنازل رابطة التعليم المهني التي بدأت بتسجيل الطلاب الأسبوع الفائت. وفي اليومين المقبلين يعوّل على موافقة رابطة الثانوي والأساسي على هذا المطلب. وبعدها ينتقل إلى جرهم لبدء العام الدراسي.
صدق الوزير
رابطة التعليم الثانوي عقدت اجتماعاً تقييمياً لنقاش ما عرضه الوزير. مصادر في الرابطة اعتبرت أن الوزير يسعى بصدق لحل قضية الأساتذة ولتحسين وضعهم وفق الإمكانات المتوفرة. وأكد لهم أن الجهات المانحة ستساعد الأساتذة والمدارس والطلاب. لكن لا حلول ملموسة بعد. وهذا غير كافٍ لبدء العام الدراسي.
وعن إمكانية لجوء الرابطة إلى اتخاذ قرار ببدء تسجيل الطلاب، أكدت المصادر أن الأمر متوقف على اللقاءات التي ستعقدها الرابطة مع ممثلي الأساتذة لأنهم أصحاب القرار النهائي. وهناك لقاءات ستعقد مع مدير عام التعليم الثانوي ومدير عام وزارة التربية في هذا الخصوص.
خلافات في الرابطة
أما عضو الهيئة الإدارية في الرابطة، الأستاذ سليمان جوهر، فأكد أن جل ما بدر عن الوزير ثلاثة أمور. فقد وعد الوزير برفع بدل النقل ولم يحدد المبلغ. كما وعد بأن بعض الدول المانحة ستساعد الأساتذة بمبالغ مالية بالدولار، لم يحدد قيمتها، ولا يمكن ضمان وصولها إلى الأساتذة نقداً بالدولار، لأن التجربة مع حاكم مصرف لبنان لا تبشر بالخير. وشدد الوزير أن على الأساتذة أن ينسوا مسألة تصحيح الرواتب والحصول على سلسلة جديدة، لأن صندوق النقد متشدد، ويعتبر أن هذا الأمر سيعيد البلد إلى الوراء. وجل ما يمكن أن يحصل عليه الأساتذة مساعدة مالية من الدولة إلى جانب الراتب، رفض الوزير تحديد قيمتها. وسيعقد الوزير اجتماعاً في السرايا الحكومية برئاسة نجيب ميقاتي مع وزراء المالية والطاقة والصحة لحسم بعض الأمور يوم الجمعة المقبل.
مصيدة الحلبي
يعتبر جوهر أن الوزير لم يقدم أي حل، ورغم ذلك قد تتجه الرابطة إلى القبول ببدء تسجيل الطلاب، من دون الحصول على أي مطلب واقعي. وبالتالي، هذا يفتح المجال لبدء العام الدراسي لاحقاً. ما يعني أن الرابطة وقعت في مصيدة الحلبي لأنها تتجه إلى كسر قرار المقاطعة. ما ينسف كل الضغوط التي مورست سابقاً لتحقيق المطالب ويمنح الحكومة التي تتجاهل التعليم الرسمي شيكاً على بياض، على حد قوله.
وحذر جوهر من أن هذا سيؤدي إلى وضع الرابطة في مواجهة الأساتذة، معتبراً أن مصلحة الأساتذة ومكتسباتهم يجب أن تبقى فوق أي اعتبار، وهي أمانة لا يجب التفريط بها. ومصلحة الأساتذة وحقوق أولادهم فوق مصلحة أي يكن ومهما علا شأنه.
لا خلافات
لاحقاً، وفي اتصال مع "المدن"، أكد رئيس الرابطة نزيه الجباوي أنه بعكس ما صدر عن أحد الزملاء في الهيئة الإدارية لا وجود لخلافات داخل الرابطة، التي تجري المفاوضات كي تضمن حقوق الأساتذة ومصالحهم. وحتى اليوم، لم يصدر عن الرابطة أي موقف رسمي منها حول فك مقاطعة العام الدراسي، وهي تنتظر ما سيبدر عن لقاءات وزير التربية يوم الجمعة مع الوزراء وما سينقله لهم يوم الإثنين المقبل، وما هي المبالغ التي سترصد للأساتذة، كي تتخذ الموقف المناسب.
مساعي الوزير
من ناحيته أكد رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد لـ"المدن" أن الجو كان ايجابياً لكن لا حلول واقعية بعد. فقد أكد لهم الوزير أن يسعى مع الدول المانحة لمساعدة الأساتذة بمبلغ شهري بالدولار النقدي، وبتقديم الدعم للمدارس في تأمين المحروقات والقرطاسية والكلفة التشغيلية. لكن الوزير لم يحدد أي مبلغ بعد، وسيبلغ الأساتذة بسقف هذه المبالغ يوم الإثنين المقبل، بعد لقاء سيجمع فيه كل مكونات هيئة التنسيق.
ووعد بأن يحل مسألة حصول المدارس على أموالها من المصارف بدفعات شهرية كافية لصرفها على الأمور التشغيلية، فضلاً عن إمكانية رفع سقف السحوبات الشهرية للأساتذة من المصارف التي فرضت سقوفاً شهرية لا تتخطى ستة ملايين ليرة.
واعتبر جواد أن هذه الأمور يستطيع الوزير الإقدام عليها. وهذا ما قدمه لهم. لكن يبقى أن تصحيح الأجور وغيرها من المطالب في عهدة الحكومة. فعلى مستوى الدولة اللبنانية سبق لوزير المالية السابق غازي وزني ووعد بتخصيص نصف راتب كمساعدة شهرية للأساتذة، وسيكون للرابطة لقاء مع الوزير يوسف الخليل في هذا الشأن. إضافة إلى ذلك وعد الوزير الحلبي بأن الحكومة تدرس مسألة رفع بدل الانتقال.
وأكد جواد أن ما طرحه الوزير بادرة جيدة ستدرسها الروابط، وتحدد موقفها منها وربما تتخذ قراراً ببدء تسجيل الطلاب وإجراء امتحانات الإكمال، لكن من دون البدء بالعام الدراسي، وذلك إلى حين التحقق من كيفية تنفيذ الوعود على أرض الواقع.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها