الخروج على أحزاب الطوائف في اليسوعية مروراً بساحات الحرية

سامي أبو طعامالخميس 2021/09/23
1.jpg
تكاد تكون ميزانية النادي العلماني لخوض الانتخابات في اليسوعية صفر دولار (علي علوش)
حجم الخط
مشاركة عبر

عام 2018 دخلت الجامعة اليسوعية في بيروت، طالب سنة أولى في كلية العلوم الاقتصادية. دخلت مليئاً بالأحلام والطموحات، فكانت توقعاتي للحياة الجامعية عبارة عن أصدقاء جدد، نشاطات أكاديمية، سهر في شوارع بيروت الجميلة. بعبارة أخرى، توقعت بأن أعيش التجربة الجامعية الكاملة في مساحة افترضت أنها آمنة، شيء قريب من الذي نشاهده في الأفلام الهوليودية.
كل ذلك تبخر بعد ثاني أسبوع على بدء العام الدراسي، حينما بدأت المحاولات في إلباسي هوية طائفية كنت قد ظننت بأنني منيعٌ ضدها.

أنا الشاب الذي لم يكن مطّلعاً على السياسة اللبنانية، تقرب مني مندوب أحد احزاب النظام، بمحاولة لضمّي إلى حزبه لسبب بسيط، يُختصر بقول إنني "شيعي". بعد بضعة محاولات تم فيها استغلال سذاجتي، وجدت نفسي منضوياً في صفوف أحزاب 8 آذار، وعملت بجانبهم كماكينة انتخابية لسنتين متتاليتين في الانتخابات الطلابية. علمتني هذه التجربة طريقة عمل أحزاب النظام، التي تتمثل في فرز الناس طائفياً، وتربية الغرائز التي من شأنها خلق النزاعات بين الطلاب، في ظل جو طائفي كريه، بالإضافة إلى تفريغ الدور السياسي للطلاب واختزاله بنشاطات ترفيهية.

أتت انتفاضة 17 تشرين كلحظة فصل. فبالرغم من تأييدي لأحد الاحزاب، لطالما حلمت بوطن أفضل، وطن مزدهر وعادل وأخضر يليق بسكانه. وبناءً على هذه الطموحات، أمضيت أكثر من ثلاثة أشهر في ساحات الحرية والتغيير، رافضاً سلطة أحزاب النظام ومنتفضاً على نفسي وقناعاتي. وبتّ أجاهر بمواقفي المعارضة للحزب الذي كنت أؤيده، بعدما اكتسبت وضوح الرؤية والنضوج السياسي في تجربتي المتواضعة في ساحات 17 تشرين.

شكلت 17 تشرين مساحة التقاء للتقدميين، وبخاصة الطلاب منهم. ففي شهر نيسان عام 2020، انضممت إلى النادي العلماني في الجامعة اليسوعية، النادي الذي يعكس مبادئي بما يخص الديموقراطية، العلمانية والعدالة الاجتماعية. يلعب النادي دوراً مهماً على صعيد الحركة الطلابية عبر الانتظام السياسي والدعوة لعقد اجتماعي جديد. وعندها أدركت أهمية دور الطلاب في الحياة السياسية. بل أدركت أيضاً السبب وراء سعي أحزاب النظام إلى تفريغ السياسة من معناها داخل الحرم الجامعي.
كنا نحلم بقلب موازين القوة لصالحنا إلى أن تحقق الحلم، عندما اكتسحت لوائح "طالب" المدعومة من النادي العلماني الانتخابات الطلابية للعام الدراسي 2020-2021 في أكبر جبهة علمانية تقدمية في تاريخ الجامعة اليسوعية، وبتنا نترأس مجالس 12 كلية. هذا الإنجاز لم يكن نزهة. فعلى صعيد كلية الاقتصاد، تعرض المستقلون (وكنت من بينهم) إلى حملة شعواء من قبل طلاب حزبي الكتائب والقوات اللبنانية، مستغلين الانتماءات السياسية السابقة لبعض أعضاء لائحة "طالب". كما أنهم شنّوا هجوماً طائفياً رجعياً، آملين بالحصول على بعض الأصوات. ولكن عبثاً. فانتهى الأمر بفوز لائحة "طالب" بستة مقاعد مقابل 3 مقاعد لتحالف الكتائب-قوات. أما بالنسبة لتحالف 8 اذار، فكانوا أضعف من أن يشكلوا لائحة للترشح وظلوا صامتين طوال الحملة.

كمنسق لجنة الاستقطاب في النادي العلماني، يمكنني القول بكل فخر إن الحركة الطلابية تنمو وتكبر. وفي كل يوم ينضم إلينا أعضاء جدد طامحين بدولة العلمانية والعدالة الاجتماعية. ونأمل هذه السنة أن نعيد تكرار الإنجاز الانتخابي الذي حققناه السنة الماضية، وأن نزيد عليه بالرغم من ضعفنا على المستوى اللوجستي. فعلى عكس الأحزاب التي تخصص مئات آلاف الدولارات للانتخابات الطلابية، تكاد تكون ميزانية النادي لخوض الانتخابات صفر دولار. ولكننا متأكدون من شرعيتنا وشعبيتنا بين الطلاب. ونحن على يقين بأننا نمتلك الروح القوية التي تطغى على أي شكل من أشكال الزبائنية.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث