الأربعاء 2020/09/30

آخر تحديث: 21:30 (بيروت)

قانون جديد يلجم رجال الأمن وتعسّفهم: العبرة بالتنفيذ

الأربعاء 2020/09/30
قانون جديد يلجم رجال الأمن وتعسّفهم: العبرة بالتنفيذ
تصوير التحقيق الأولي بالصوت والصورة وحضور المحامين من أبرز التعديلات التي تم إقرارها (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
أقرّ مجلس النواب اليوم، في جلسته التشريعية، اقتراح القانون المتعلّق  بتعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، في خطوة تعزّز حماية الموقوفين وحقوقهم. وجاء إقرار التعديلات ليضمن حقّ الموقوفين بالاستعانة بمحام أثناء التحقيقات الأولية وتسجيل هذه التحقيقات بالصوت الصورة، إضافة إلى حقه بالمعاينة الطبية وبحضور مترجم وبالاتصال بشخص يحدّده. في سير الجلسة، لاقى الاقتراح تأييد معظم الكتل النيابية، فأثنى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إبراهيم الموسوي على التعديل مشيراً إلى أنّ "هذا القانون من أهمّ القوانين لأنه يتناول جوهر العدالة، ومن واجبنا حماية حق الموقوف بالاستعانة بمحام". وأشار النائب هادي حبيش إلى أن "القانون مهم ووضعنا في الاقتراح تجهيز المخافر بتقنيات الصوت والصورة". أما النائب ميشال موسى، عن كتلة التنمية والتحرير، فأشار إلى أنّ أنه "خيراً فعلت لجنة الإدارة والعدل بتعديل الاقتراح، وقد تأخرنا عن تطبيق التوصيات التي أتت من اللجان المختصة، وهو رسالة للبنان بأنه يفي بتعهداته الدولية". كما شكر عضو كتلة اللقاء الديموقراطي، النائب بلال عبدالله، الذين تقدموا بالاقتراح معتبراً أنّ "به نخطو خطوة إلى الامام ونلجم بعض التصرّفات التي تحصل في بعض الأماكن، وهو خطوة في اتجاه تكريس لبنان في مجال حقوق الإنسان". فصدّق الاقتراح.

قائمة من الضمانات
وبينما أكد نائب رئيس مجلس النواب، إلياس الفرزلي، لـ"المدن" أنّ "الجلسة التشريعية أقرّت العديد من البنود الإصلاحية الممتازة، منها تعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية"، لفت النائب جورج عقيص إلى أنه "في الاقتراح المقدّم، تمّت مراعاة كل المعايير الدولية في التحقيقات". عقيص، الذي غاب عن الجلسة، هو أحد واضعي نصّ الاقتراح أشار في اتصال مع "المدن" إلى أنّه "إذا طبّق القانون بكل تفاصيله نكون قد عبرنا من الدولة البوليسية إلى دولة حقوق الإنسان". ويضيف أنّ التعديل عبارة عن قائمة من الضمانات التي تم تقديمها للموقوفين "في بلد يتم الاعتماد فيه على الاعترافات في ظل أجواء من الضغوط والتعذيب، في حين أنّ أنظمة قضائية دولية وعالمية لم تعد تعتمد على اعتراف الموقوفين إلا كوسيلة أخيرة في التحقيقات. إذ تتقدّم عليها الأدلة اليقينية". 

احتفاء محامو الثورة
وعلى صعيد متصل، احتفى عدد كبير من المحامين بالتعديل الصادر عن الهيئة العامة في مجلس النواب. وأول هؤلاء لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين في لبنان التي اعتبرت أنه "بعد سنوات من الصراع لتطبيق المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة، والتي تضمن حقوق الدفاع للموقوفين، تم إقرار تعديل المادة المذكورة بحيث أصبحت الأجهزة الأمنيّة ملزمة بتوثيق التحقيق بالصوت والصورة، كما بات من حق كل من يخضع للتحقيق الأولي الاستعانة بمحام يحضر معه خلال التحقيقات لدى الأجهزة الأمنية". فأشارت اللجنة في بيان صادر عنها إلى أنّ "أيام منع المحامين من لقاء موكّليهم ومواكبتهم خلال التحقيقات باتت، وبحكم القانون، وراءنا، ولن يكون بمقدور الأجهزة الأمنية التحقيق مع المتظاهرين من دون حضور محاميهم لحفظ حقوقهم، ولن يكون بإمكانهم تلفيق إفادات واعترافات لتكون سندًا لملاحقات كيديّة أمام القضاء".

التزام الأجهزة الأمنية                                   
وتعليقاً على إقرار التعديل، يقول المحامي والناشط الحقوقي أيمن رعد لـ"المدن" إنّ "لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين ونقيب المحامين ملحم خلف، كرّسا في فترة 17 تشرين الأول مبدأ مقابلة الموقوفين قبل إجراء التحقيق الأولي"، مشيراً إلى أنّ المحامين كانوا يدخلون مكان التوقيف ويلتقون الموقوفين للإطلاع على أحوالهم الصحية والنفسية، والتأكد من عدم تعرّضهم للضرب وإعطائهم التوجيهات القانونية اللازمة. إلا أنّ المحامين، بحسب رعد، كان يضطرون إلى مغادرة الثكنة أو مكان الاحتجاز عند بدء التحقيق، مشيراً إلى أنه أساساً "لم تكن كل الأجهزة الأمنية تلتزم بنص المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية". ليؤكد على أنّ المعركة الفعلية اليوم هي إلزام كل الأجهزة الأمنية بهذه المادة، مع العلم أنّ المحامين الناشطين كانوا يمنعون من الدخول ومقابلة الموقوفين لدى 3 جهات أمنية محدّدة وهي مخابرات الجيش وأمن الدولة وجهاز الأمن العام.

وبما التجربة في لبنان تؤكد على أنّ الشيطان يكمن في التفاصيل وفي تطبيق القوانين، الخوف اليوم هو من تذرّع الأجهزة الأمنية والضابطات العدلية بنقص التجهيزات وعدم القدرة اللوجيستية على تسجيل التحقيقات مع الموقوفين. وهو أمر قد يدفع القضاء، نسبة للتجربة اللبنانية أيضاً، إلى إرجاء تطبيق بند تصوير التحقيقات الأولية بالصوت والصورة لحين تجهيز كل المخافر والمراكز بهذه التقنيات. لكنّ الأكيد أنه بات من حق الموقوفين الجلوس إلى جانب محاميهم في هذه التحقيقات. ضربة لصالح الناس على حساب الدولة البوليسية، إن التزمت الأجهزة الأمنية-كلها- بالقانون، وفي الأصل القانون يمنع الاعتداء على الموقوفين وتعذيبهم... إلا في أقبية ظالمة لا يدخلها نور ولا محامون.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها