الأربعاء 2020/09/02

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

بعد تجدد اشتباكات خلدة: "المدن" تكشف مسرحها وتنبش أسبابها

الأربعاء 2020/09/02
بعد تجدد اشتباكات خلدة: "المدن" تكشف مسرحها وتنبش أسبابها
رصاصات كانت كفيلة لرؤية الرعب في عيون الأمهات (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
عصر اليوم الثلاثاء 1 أيلول، تجددت الاشتباكات التي  كانت انفجرت دامية ليل الخميس - الجمعة، 27 - 28 آب المنصرم في منطقة خلدة، بين "عرب خلدة" السنّة ومجموعة شبان شيعة بقيادة علي شبلي الموالي لحزب الله.

لكن منذ أكثر من أسبوعين كان التوتر قائماً بين عشائر عرب خلدة ومجموعة علي شبلي، ابن صاحب سنتر شبلي، الذي فيه سوبر ماركت رمال الذي أحرقه شبان "عرب خلدة" المسلحون، رداً على مقتل فتى وشخص سوري، وجرح  8 أشخاص منهم في الحادثة السابقة.

الرعب مجدداً
وظهر اليوم حاول محمد شبلي، شقيق علي، العودة إلى منزلهما الكائن في المنطقة. وهذا ما يرفضه شبان عرب خلدة، الذين لم ينسوا بعد ابن عمهم الذي سقط أثناء مواجهات الخميس الفائت، فحاولوا منع شبلي من العودة إلى الحيّ. وسرعان ما اطلقت زخات الرصاص العشوائي في الهواء. ودب الرعب مجدداً بين سكان خلدة كلها، وخصوصاً أهالي حيّ العرب.

رصاص رصاص رصاص، تصرخ النسوة وتهرعن إلى الأطفال بطريقةٍ هستيرية. فرح تركض في منزلها من نافذة إلى أخرى، وتصرخ منادية أطفالها في الشارع: "يا عدي، يا قصي، يا دلّي، وين أولاي، وين أولادي؟!". وتركض المرأة إلى الشارع تسابق طلقات الرصاص  في الهواء. من طبقة عليا في البناية نفسها تتدحرج علا على الدرج حاملة طفلها، تقع ويسقط ابنها فوقها، ويعم الصراخ: "غميت، غميت علا، جيبو سبيرتو".

حدث هذا وأنا أقف حاملة ورقة وقلماً، فيما كنت أجري مقابلة صحافية أستطلع فيها حادثة ليلة الخميس المنصرم. عند زاوية منزل رأيت الطفلة زينب واقفة منكمشة على نفسها، فيما تتشكل بين قدميها على الأرض بقعة ماءٍ كبيرةٍ. لقد بالت زينب على نفسها من شدّة الخوف. أما نظرات عينيها فمزيج من الخجل والرعب. تقول والدتها إن زينب تبول على نفسها منذ معركة الخميس الماضي.

هجموا الشيعة هجموا 
رصاصات كانت كفيلة لرؤية الرعب في عيون الأمهات، والقلق والتوتر في نفوس الأطفال الذين لا يفقهون شئياً مما يحدث، أو ربما تناهى إلى مسامعهم "أن الشيعة هجموا علينا وعم يقوصونا".

فيما النسوة والأطفال في المنازل، يملأ شباب العرب شوارع حيّهم السكني. الشوارع التي كانت ملاعب طفولتهم قبل سنوات، هي اليوم حِماهم العشائري الذي يشعرون أنه عرضة للاحتلال من الشيعة المحميين بحزبيهم، وعليهم أن يحموه و"يحموا شرفهم" وديرتهم.

وفي أثر الاشتباكات استنفر الجيش مجدداً في محيط مبنى سنتر شبلي المحترق. قطع الطريق المؤدي إلى فيلا شبلي على تلة قريبة، محاولاً حمايتها بركن دبابتين على مدخلها.

مصالحة في المخفر
في حديثه لـ"المدن" قال الشيخ عمر غصن، أحد أطراف النزاع، وجُرح في حوادث الخميس الماضي، إن الاشتباكات بدأت قبل نحو أسبوعين، عندما قام شبلي ورفاقه بمحاولة تعليق يافطة عاشورائية، مكتوب عليها "لن تسبى زينب مرتين"، إضافة إلى صورتين: واحدة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وأخرى لسليم عيّاش المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري. حينذاك وقع اشتباك بالأيدي، ورفع على أثره شبلي شكوى بحق كلٍ من غصن والشيخ علي موسى.

ونهار الخميس الفائت حاولت القوى الأمنية فض الخلاف في المخفر بعقد مصالحة بين الطرفين. لكن شبلي رفض تهدئة الوضع قائلاً: "إنتوا مين لتشيلوا رايات حسينية؟!". وهذا ما حمل بالكابتن حمدان على طرده من المخفر.

هجوم شبلي
وعند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم نفسه، قدم شبلي وعدد من أنصاره إلى الحي بسيارات دفعٍ رباعي كثيرة. الشيخ غصن الذي كان خارج المنطقة تلقى اتصالاً قال فيه محدثه إن "المسلحين يطوقون المنطقة وبدهم ياك يا شيخ". حضر غصن وقام بتصوير المسلحين وأرسل الصور إلى قيادة الجيش التي حضرت على الفور. غير أن حضورها لم يحل دون فتح شبلي وشبانه النار على الشيخ غصن الذي أصيب بثلاث طلقاتٍ، وجُرح ستة أشخاص، ولقي الطفل حسن غصن مصرعه، وهو ذاهب لإحضار ربطة خبزٍ لوالدته. 

ينفي الشيخ عمر كل الأقاويل التي تنسب الحادثة إلى منع راية عاشورائية، مشدداً على احترامه هذه المناسبة وأهل البيت. لكن سبب المشكلة هو صورة المتهم سليم عياّش.

وشنت حملات افتراضية عدة تطالب بإلقاء القبض على الشيخ غصن الذي أصبح (جسمه لبيساً)، مفادها السلب وفرض الخوّات على المارة. وفي هذا الخصوص يعتبر غصن أن زيارته المخفر وخروجه منه من دون توقيفه بعدما طُلبت النشرة، أكبر دليل على أنها كلها افتراءات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها