الجمعة 2020/04/10

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

طلاب إيطاليا: لا عودة مع غلاء الطائرات ومخاطر العدوى

الجمعة 2020/04/10
طلاب إيطاليا: لا عودة مع غلاء الطائرات ومخاطر العدوى
خفّت حماسة العودة إلى لبنان لدى الكثيرين من الطلاب اللبنانيين في إيطاليا (Getty)
increase حجم الخط decrease
يبدو أن الطلاب اللبنانيين في إيطاليا تراجعوا خطوة إلى الوراء، في قرار العودة إلى لبنان، بعدما بدأت الحياة تستقر في إيطاليا، رغم استمرار الإجراءات المشددة في الحجر المنزلي. 

منذ بدء تفشي الوباء في الشمال الإيطالي، وعجز المستشفيات عن إنقاذ المصابين، وتزايد أعداد الوفيات، عاش سكان المقاطعات الشمالية رعب كورونا الذي قضّ مضاجعهم. ودفع بالطلاب اللبنانيين إلى طلب استغاثة أهلهم والدولة للعودة إلى لبنان. لكن بدء ارتفاع الحالات المصابة بكورونا في لبنان، وعدم تكفل الدولة ثمن بطاقات السفر، وثمنها الباهظ على الطلاب، وخوفهم من التقاط العدوى خلال السفر، تبدلت الأولويات. إذ راح الطلاب يراجعون حساباتهم خوفاً من موافاة كورونا لهم في لبنان، بعدما نجحوا بعدم التقاط العدوى في مهجرهم الإيطالي، كما قال أكثر من طالب لـ"المدن".

ضائقة مالية
في مدينة بافيّا، في مقاطعة لومبارديّا يعيش نحو 100 طالب لبناني. عانى الذين يتابعون تعليمهم الجامعي في السنة الأولى من عدم تحويل المصارف الأموال التي يرسلها أهلهم. ولجأ بعضهم إلى ترك الغرف التي يستأجرونها، والسكن مع أشخاص لبنانيين آخرين، بسبب عدم تمكنهم من دفع الإيجار الشهري، خصوصاً بعد توقفهم عن العمل الليلي، كما قال الطالب علي شمس الدين. 

وشمس الدين، الذي يدرس علوم الأحياء في السنة الأولى، سارع إلى تقديم طلب إلى القنصلية اللبنانية للعودة إلى لبنان، إسوة بطلاب لبنانيين ثلاثة يتقاسم معهم شقة في المدينة. لكن ثمن بطاقات السفر المرتفع جداً والخوف من التقاط عدوى كورونا على متن الطائرة، خصوصاً أن لا فحوص تجرى للركاب قبل صعودهم الطائرة، جعلهم يعدلون عن فكرة العودة. لذا عمد شمس الدين وزملاؤه اللبنانيون، وهم جميعهم طلاب جدد في إيطاليا، إلى مشاركة مهمة تبضع حاجياتهم الأسبوعية، لتخطي الضائقة المالية التي فرضتها عليهم المصارف في لبنان. 

تكبد ثمن الحجر
يتشارك المهندس المدني علي العنان مع شمس الدين هذا الرأي. وهو مثله يعيش أيضاً في المدينة ذاتها. لكن عدا عن غلاء بطاقة السفر، والتقاط العدوى على متن الطائرة، ثمة قلق عنده من تكفل ثمن الحجر في الفنادق في لبنان. فقد سمع عن أنهم سيتكفلون ثمن الفندق لمدة 14 يوماً في لبنان. ما يعني أنهم يهربون من إيطاليا بسب الضائقة المالية كي يجدوا أنفسهم في مأزق تكفل ثمن حجرهم في لبنان، كما قال.

والعنان الذي تخرج منذ نحو ست سنوات باختصاص الهندسة المدنية، وأسس شركة ترميم مبانٍ مع زميل له، توقف عن العمل حالياً، وفكر بتمضية هذا الوقت بجانب أسرته في لبنان. لكن عندما علم أن الفحوص التي أجريت لركاب الطائرة الإسبانية أظهرت وجود سبع إصابات، غير رأيه وأقلع عن فكرة العودة نهائياً. فهو لا يريد أن يصاب على متن الطائرة، بعدما نجح لأكثر من شهر من عدم التقاط العدوى في إيطاليا، مقصراً تنقلاته على تأمين حاجاته من السوبرماركت. 

مدينة فارغة
باتت شوارع المدينة حيث يعيش فيها هؤلاء اللبنانيون فارغة. ورجال الشرطة منتشرون في كل الطرقات، ويطلبون من المارة إذن الخروج. وفي حال رأوا أن السبب غير كافٍ يسطّرون بحقهم محاضر ضبط. ورغم عدم وجود إصابات كثيرة في المدينة، لا تختلف الإجراءات عن المدن الموبوءة. ففي المتاجر الصغيرة يسمحون بدخول خمسة أشخاص في وقت واحد، أما في الكبيرة فعشرة فقط. ولا يسمح لأحد بالدخول قبل خروج من هم في الداخل. وعلى الجميع ارتداء القفازات والكمامات رغم عدم توفرها في الصيدليات. فمنذ انفجار الأزمة انقطعت الكمامات من الأسواق، وما زالت غير متوفرة، رغم سماعهم عن وصول دعم من الصين من هذه المستلزمات، كما قال العنان، مشيراً إلى أن صديقاً أجنبياً يتقاسم معه المنزل اشترى منها كمية عبر الإنترنت، وأهداه كمامة ما زال يستخدمها إلى حد الساعة. 

صعوبة اتخاذ القرار 
بالنسبة لطالب السنة أولى في الهندسة الإدارية نبيل عكاري لم تعد العودة إلى لبنان في صلب أولوياته. ففي مدينة سيينّا، حيث يعيش منذ بضعة أشهر، ما زال الوضع غير خطير على مستوى الإصابات، لكن الإجراءات المشددة كباقي المناطق الإيطالية، جعلته لا يبارح سكنه إلا للضرورة القصوى. وجميع السكان باتوا يضعون الكمامات والقفازات عندما يخرجون للتبضع. والشوارع فارغة. وهذا يبث الرعب فيه.

فبعدما كان قد تقدم باستمارة للعودة، عاد وتراجع عن قراره، وبات في حالة من الضياع. فزملاؤه الثلاثة، الذين يتقاسم معهم المنزل، لا يكترثون للإجراءات وغير مبالين لالتقاط العدوى، ما يدفعه إلى العودة إلى لبنان، لكن من ناحية ثانية يسمع يومياً عن ارتفاع عدد الإصابات في لبنان فيحجم عن قرار العودة. 

العدو غير المرئي
وأسوة ببقية الطلاب في بافيّا، يتابع عكاري دروسه الجامعية عبر الانترنت. وبدأ الأساتذة بإجراء الامتحانات عبر الانترنت، وتقنية الصوت والصورة، خصوصاً أن إعادة فتح الجامعة لأبوابها بات مستحيلاً حالياً، كما أكدوا.

خفّ هلع أهالي الطلاب في لبنان على أولادهم في إيطاليا. ففي البداية كانوا قلقين ويضغطون عليهم للعودة. لكنهم باتوا حالياً محتارين مثلهم، بعدما بدأ عدد الإصابات يرتفع في لبنان. البعض منهم قلق مثلهم من التقاط العدوى في القطار الذي سيقلهم إلى المطار، أو على متن الطائرة التي ستقلهم إلى لبنان.. وهذا هو منطق هذا العدو غير المرئي الذي أرعب البشرية. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها