الجمعة 2020/03/27

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

المغتربون: الأفضل هو بقاؤهم في الخارج!

الجمعة 2020/03/27
المغتربون: الأفضل هو بقاؤهم في الخارج!
المطار مُقفل بوجه اللبنانيين والأموال مقطوعة عنهم لكن الدولة تتفّهم مشاعرهم (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
اللبنانيون المنتشرون، أي المغتربون بحثاً عن تعليم أو عمل أو حياة محترمة أو مستقبل حتى، يعانون الأمرّين من إهمال الدولة. هذا ما توضحه البيانات الصادرة عن الجاليات اللبنانية حول العالم، وما تؤكده أيضاً الاتصالات مع عدد منهم. هم خارج البلاد، في أوروبا بشرقها وغربها، ممنوعة عليهم التحويلات المصرفية من أهاليهم إن كانوا طلبة. وإن وجدت هذه التحويلات فهي محدودة وشحيحة. وفي حال كانوا في زيارة، انقطعت بهم سبل الرجوع إلى عائلاتهم. وكذلك الحال في أفريقيا حيث حصد الوباء حتى الآن حياة لبناني وإصابة اثنين آخرين. ويشكو أغلب الجاليات اللبنانية من القرارات المصرفية المحلية، وعدم تحويلها الأموال وكذلك سياسات شركات تحويل الأموال.

وباتت هذه الجاليات تعاني إضافة إلى عبء كورونا وخطر الإصابة به، من صعوبات دفع المستحقات المالية والإيجارات وتأمين لقمة العيش. هذه حالة الجالية في أوكرانيا وإيطاليا وبريطانيا وغيرها. ومطلب هذه الجاليات فتح أبواب المطار أمامها أو فتح التحويلات إليها أو مدّها بالمساعدات المعيشية اللازمة، أسوة بالبلاد التي تعيش فيها. فأوكرانيا، مثلاً، أجلت رعاياها حول العالم، وأعادت أكثر من 80 ألف أوكراني على نفقة الدولة. كما عمدت أغلب دول العالم على إجلاء رعاياها من إيطاليا، لكن الدولة اللبنانية في مكان آخر.

خط ساخن ونصيحة
عمّمت وزارة الخارجية اللبنانية على السفارات اللبنانية تخصيص خطوطاً ساخنة للجاليات بهدف التواصل والعمل على بذل كل الجهود للوقوف إلى جانب اللبنانيين في هذه الأزمة. وليس من رد رسمي سوى رقم ساخن وتفّهم للمشاعر. وهذا ما أكده وزير الخارجية ناصيف حتّي الذي قال ""أتفهم مشاعر كل مواطن لبناني خارج لبنان يريد العودة ولم يتمكن من ذلك، لأن المطارات مقفلة، نظراً لخطورة التنقل في هذه الأزمة الصحية". كما يحمل الوزير نصيحةً لأبناء هذه الجاليات، "نناشد أهلنا في لبنان والخارج بملازمة منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى". فعمل الوزارة يقتصر على خط ساخن وتفهّم ونصيحة.

الأفضل بقاؤهم بالخارج
وبينما يؤكد الوزير حتّي على أنّ "الوزارة تعمل مع السفارات من أجل إخراج الطلاب والمواطنين الذين يريدون العودة الى لبنان بعد تأمين الظروف الصحية"، تقول أجواء وزارة الخارجية اللبنانية أنّ التعامل مع أزمة الوباء محدود. وتكمن هذه المحدودية في واقع تفشّي الوباء وثقله وسبل معالجته. وتقول هذه الأجواء إن الدولة اللبنانية عاجزة عن إجلاء رعاياها حول العالم، فبإمكان الوزارة إجلاء عشرات أو ربما المئات منهم "لكن ليس بالمقدور إجلاء الآلاف". وبالتالي "من الأفضل للبنانيين الموجودين في الخارج البقاء في الخارج". فالدولة غير قادرة على معالجتهم إن كانوا مصابين، "وهم سيتلقّون العلاج في الخارج إن أصيبوا لا قدّر الله". وإن قدموا زادوا من مخاطر تفشّي المرض، في ما بينهم وفي بيئاتهم أيضاً، فيمكن أن يحملوا الفيروس معهم من بلدان الاغتراب". وكل هذا من شأنه زيادة الأعباء على الدولة اللبنانية وقطاعها الصحي. لذا يمكن الاكتفاء بالنصيحة والخط الساخن والتفهّم.

التبرّعات.. سياسة
وكما الحال في لبنان، عمدت بعض السفارات اللبنانية إلى فتح أبواب المساهمات، علّها تلبّي احتياجات اللبنانيين، فتوجّهت السفارة اللبنانية في ألمانيا إلى "الجمعيات والأندية والمؤسسات الاغترابية اللبنانية وأركان الجالية اللبنانية من المقتدرين والميسورين للمساهمة بتأمين مساعدات مادية أو عينية محلياً لسد احتياجات اللبنانيين في ألمانيا". وهذا ما حصل أيضاً في إيطاليا، حيث تمّ جمع بعض التبرّعات وتوزيعها على ما تيسّر من طلبة وموظفين لبنانيين، عاجزين عن تأمين لقمة عيشهم، نتيجة الوباء وتوّقف الأعمال والمنح وانقطاع المال عنهم. فخطة التبرّعات، سياسة لبنانية كرسّتها السلطة السياسية منذ عقود. 

يوضح كل هذا أنّ الدولة اللبنانية، أو المسؤولين فيها، يتعاملون مع الاغتراب اللبناني على أنه عبء إضافي. وهو كذلك أصلاَ، لكن من دون أي سياسة واضحة أو قرارات فعلية تقّي هؤلاء المغتربين شرّ الجوع والمرض. ولو كنا في موسم انتخابي، لكان هؤلاء المغتربون، منتشرون، يستحقون بعض المال والتضحية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها