الخميس 2020/03/19

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

أديان في مواجهة كورونا: محاربة الشذوذ الجنسي والأفلام القذرة

الخميس 2020/03/19
أديان في مواجهة كورونا: محاربة الشذوذ الجنسي والأفلام القذرة
اللجوء إلى الماورائيات لم ينهه تقدم الطب والعلم (Getty)
increase حجم الخط decrease

سواء أكانوا يؤمنون بالله أو لا يؤمنون، يحتاج العلماء والأطباء الالتفات إلى المعتقدات الدينية المؤثرة بقوة في السلوكيات الرئيسية، وخصوصاً في المجتمعات الملتزمة دينياً، وفي أوقات التعامل مع الأوبئة. فالمعتقدات والممارسات التقليدية والدينية على صلة وثيقة بالثقافة الغذائية والصحية. وهذا ما يظهره التنوع العرقي والثقافي بين المجتمعات، ويشكل عاملاً أساسياً في إضعاف مواجهة الأوبئة عبر التاريخ.

إيبولا أفريقيا
تاريخياً،  يعد تفشي مرض إيبولا الفيروسي في غرب إفريقيا، والذي يصيب المجتمعات في غينيا وليبيريا وسيراليون مع حالات احتوائه في نيجيريا ومالي والسنغال، أكبر تفشٍ معروف منذ اكتشاف الفيروس عام 1976. والمجتمعات الإسلامية والمسيحية هناك تتكاثر تفسيراتها الدينية للوباء. فقيل إن إيبولا عقاب من الله على انغماس البشر في أنشطة مثل الزنا والشذوذ الجنسي. وذكرت دراسة سابقة أجراها الباحثان هيوليت باري وهيوليت بونّي ادعاءات مماثلة لدى المعالجين الروحانيين التقليديين في أوغندا. وهم اعتمدوا علاجاً من الوباء جرح أجسام المصابين وفركها بمستحضرات نباتية. وقد أصيب المعالجون بالعدوى، ونقلوها إلى مرضاهم. 

واللجوء إلى الماورائيات لم ينهه تقدم الطب والعلم، فالثقافات الشعبية غالباً ما  تربط البلاء  بالماورائيات. وليس بمستغرب استدعاء العرافين والمعالجين الروحيين للعلاج.

عِناد وتصلب دينيان
وعلى ضوء انتشار  الفيروس كورونا (كوفيد 19) المستجد في مختلف دول العالم، نشهد انقساماً واضحاً على مستوى الوعي حيال كيفية تعامل الأديان مع الفيروس المعدي.

ففيما توصي منظمة الصحة العالمية تجنب  التجمعات  والتوقف عن أي نشاط ٍ يتسبب بنقل الفيروس، وصولاً إلى إعلان حالة الطوارئ في الدول الموبوءة، استمر فتح المساجد في لبنان وإقامة صلاة الجماعة حتى الجمعة الأخيرة،  رغم مرور 24 يوماً على تسجيل أول حالة  في البلاد. وتخطى عدد المصابين بالفيروس الستين لإقرار دار الإفتاء باختصار خطبة الجمعة إلى أن لا تتجاوز دقائق عشر، قبل أن تعلقها تماماً يوم السبت 14 آذار.  وهذا ما أغضب مجموعة "شباب صيدا المسلم" الذين رأوا أن القرار جائر، ولا مثيل له على مر العصور. ودعت المجموعة "إلى رفض هذا القرار والذهاب إلى المساجد  والصلاة في أوقاتها، ولو على الأبواب. وإلا سوف نذهب للوقوف أمام دار الإفتاء والمطالبة بالتراجع عن هذا القرار بشتى الوسائل السلمية." وأعلن البطريرك الماروني الراعي مار بشارة بطرس الراعي الجمعة 13 آذار تعليق التجمعات في الكنائس على أن يتابع المؤمنون الصلاة في كافة المناسبات في منازلهم.

وتصر بعض دور العبادة  في بعض الدول حول العالم على  إصدار قرارات تتعارض مع توصيات منظمة الصحة  العالمية. فقالت الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية قبل أسبوع إنها ستواصل تقديم  المناولة  على طريقتها التقليدية: الخبز المنقوع بالنبيذ من الكأس نفسه لجميع الحاضرين في  الكنيسة. وفي بلغاريا تسير الأمور على النحو ذاته، بعدما أعلن البطريرك الأرثوذكسي أن الكنائس ستظل مفتوحة لجميع الخدمات والطقوس من دون الخوف من الإصابة بفيروس الكورونا. وقال فاسيلي بانيسكو المتحدث باسم  الكنيسة الرومانية الأرثوذوكسية: "الكنيسة ليست في حجر صحي لأنها تنتمي  إلى المسيح، وليس لأي سلطة أرضية". وفي باكستان  رغم الإعلان عن 23 إصابة  بكورونا، تستمر  حتى اليوم إقامة صلاة الجمعة مع استبدال الخطبة بنصائح حول اتخاذ الاجراءات الاحترازية. وهذا ما فعله الشيخ باقر زيادي في كاراتشي، موجهاً إرشاداته لمصلين محتشدين بالمئات.

وفي بلجيكا تركت الفدرالية للمركز الإسلامي والكاتدرائية حرية اتخاذ القرار إزاء فتح المساجد والكنائس أو إغلاقها،  شرط الالتزام بالشروط الاحترازية. وعليه يتوزع المسلمون في بلجيكا على المساجد لتجنب الاكتظاظ وليس هناك قرار بوقف صلاة الجماعة  حتى الآن. أما الكاتدرائية فقد اتخذت القرار بتعليق إقامة الطقوس الدينية في الكنائس.  وفي تونس أصدرت وزارة الشؤون الدينية بياناً دعت فيه الأئمة إلى عدم إطالة خطبهم وصلواتهم وتقليص  وقت خطبة الجمعة إلى عشر دقائق. 

واستهجن رواد مواقع التواصل الاجتماعي إقفال الحرم المكي أمام شعيرة العمرة، فيما توقفت شعيرة الحج الأعظم لدى المسلمين، بسبب الطاعون عام 1814 وبسبب الكوليرا عام 1883.

دين وخرافات
مواجهة الوباء محكومة بكيفية النظر لمسبباته. فإذا نظر إليه على أنه تتويج لأسباب ماورائية، عقاب من الله أو عمل أرواح شريرة، فإن خط التفكير هذا يمكن أن يجعل من الصعب فهم  سبب انتشار مثل هذا الوباء. يقول القس  باستور ريك ويلز، عبر قناة TruNews أنه يعتقد أن الله أرسل الفيروس لتطهير الخطيئة: "روحي تشهد على أن هذا وباء حقيقي قادم على الأرض. والله على وشك تطهير الخطيئة من هذا الكوكب". ويلقي ويلز باللوم على "الفجور الجنسي" و "القذارة على التلفزيونات والأفلام" باعتبارهما مرتبطان بالفاشية. وهو يعتقد أن المسيحيين المخلصين ليسوع محصنون ضد الفيروس. ويعتبر أن "حكومة الصين الشيوعية الملحدة" هي سبب إصابتها بالفيروس. ويقول الحاخام الإسرائيلي مئير مزوز  إن انتشار فيروس كورونا حول العالم سببه الشذوذ الجنسي ومسيرات المثليين "ضد الفطرة والطبيعة، والله ينتقم منا بسبب ذلك". ويتساءل مسلمون إن كان كورونا من علامات يوم القيامة. فيما يواصل بعض رجال الدين نشر  وصفات الشفاء من الوباء،  آخرها اكتشاف علاج عالم الدين الإيراني  عباس تبريزيان الذي نصح متابعيه عبر قناته على تلغرام بعلاج جديد  للكورونا  يقضي بدهن فتحة الشرج بزيت البنفسج  قبل الخلود إلى النوم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها