الثلاثاء 2020/03/17

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

سائقو الفانات بين الحجر المنزلي وصرخة الجوع

الثلاثاء 2020/03/17
سائقو الفانات بين الحجر المنزلي وصرخة الجوع
كيف لهؤلاء أن يصمدوا في وجه المرض والجوع في بلد منهار؟ (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
بعد إعلان حال الطوارئ الصحية، والبيان الوزاري الذي تلاه، وأعلن حال التعبئة العامة لمواجهة فيروس كورونا، على الرغم من تداول معلومات صحافية عن اعتراض وزير الاقتصاد اللبناني على حال الطوارئ العامة، بسبب الوضع الاقتصادي السيئ في لبنان، يقف أصحاب الدخل اليومي المحدود مكتوفي الأيدي وفارغي الجيوب إلى إشعار آخر.

لطالما كان النقل العام، وخصوصاً فان رقم 4 في بيروت، بساط ريح فئة من للبنانيين. لكن كورونا والحجر الاحترازي المنزلي المعتمد للوقاية منه، وتقليل نسبة التجمعات، تهدد سائقي الفانات بالجوع.

حجر وضيق معيشي
يخبرنا إيّاد، وهو سائق فان يعمل على خط صيدا - النبطية، أنَّ نسبة حركة الفانات وسيرورة العمل انخفضت كثيرًا. فنسبة الركّاب تدنت كثيراً جدًّا. والمردود الذي يحصل عليه إيّاد لا يكفي لتأمين مستلزمات منزله وعائلته المؤلفّة من زوجة وولدين. حتّى أنّها تكاد لا تكفي لتأمين مصاريفه الشخصيّة أثناء فترة العمل وكلفة المحروقات. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال أياد يخرج من منزله كلّ يوم صباحًا لنقل ما يصادفه من ركّاب اضطرّوا لمغادرة منازلهم. لكنّه لا يتوانى عن اتخّاذ بعض التدابير الوقائيّة من تعقيم أيدي كل راكب قبل الصعود إلى الفان وتعقيمه.

لكن ذلك لم يمنع دوريات قوى الداخلي على طريق بيروت - صيدا - صور من توقيف سائقي الفانات، وإنزال الركاب القليلين من سياراتهم، وتحذيرهم من استعمال وسائل النقل العام في تنقلاتهم اليومية، بل التزام منازلهم. وروى أياد أن هذا ما حصل معه ومع ركابه، أثناء نقلهم من بيروت إلى صيدا.

إيّاد هو مالك الفان الذي يعمل عليه. أما حسين فعلى عكسه: يدفع 400 ألف ل.ل شهريًا أجرة نمرة النقل العمومي للفان. وحيال الوضع الراهن لم يجد حسين خيارًا آخر غير المكوث في المنزل، لأنّه مريض سكرّي ويشكّل كورونا خطرًا كبيراً عليه وسواه من مرضى السكرّي. وحيال اعتزاله منزله لا مفرّ لحسين من الاستدانة من الميسورين لتأمين معيشة عائلته. وهو يقول إنه إذا استمرّ الحال على هذا المنوال لشهرين، يحقّ لمالك نمرة الفان سحبها منه، وبالتالي يخسر حسين تلقائيًا 5000 آلاف دولار دفعها إيجاراً للنمرة.

ودولة مفلسة
كثرة من سائقي الفانات الذين يسكنون في مناطق بعيدة عن صيدا، وبسبب الحجر الاحترازي ومنع تجوّل المواطنين، مكثوا في منازلهم لعدم تعريض حياتهم للخطر من أجل مصلحة خاسرة.

وبعدما أعلنت الحكومة حالة التعبئة العامة وطلبت من المواطنين أن يزاولوا أعمالهم من المنزل، كيف لسائقي الفانات أن يؤمنّوا مستلزمات عائلاتهم؟ كيف لهؤلاء أن يصمدوا في وجه المرض والجوع في بلد منهار؟ وعندما سألنا حسين عمّا إذا كان يريد توجيه رسالة ما للمسؤولين، أجاب: "الدولة مفلسة شو بدنا نقول؟!".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها