السبت 2020/03/14

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

كورونا والصرّافون في شتورا: "المصاري" هي الدواء

السبت 2020/03/14
كورونا والصرّافون في شتورا: "المصاري" هي الدواء
الاستهتار بخطر كورونا وانتقاله بالعدوى عبر تبادل العملة باليد يبعث قلقاً كبيراً (المدن)
increase حجم الخط decrease

تتجه الحياة إلى جمود شبه نهائي في معظم القطاعات الإنتاجية في المرافق العامة والخاصة، وعلى الأراضي اللبنانية كلها. وليس مستبعداً أن يستمر كورونا في إيجاد ثغرات يتسلل منها ويخترق محاولات حصاره داخلياً وخارجياً.

الدولار الوبائي
هذه الثغرة تكافئ تلك الابتسامة التي ترتسم على وجوه حاضنيه المحتملين، فيما هم يلامسون بأيديهم ما جنوه من فرق صرف عملاتهم لدى الصرافين.

نعم الدولار الذي يفرح الصرافون بالتلاعب بسعره إلى حد إفشال محاولات تثبيته مجدداً على ألفي ليرة، قد لا يغلبه سوى الكورونا، بيعاً وشراءً وانتقالاً من يد إلى يد. فالفيروس لا يُستبعد أن يجد له، في لعاب الجشع السائل في السوق السوداء، أرضاً خصبة تسهم بتفشي عدواه بين الصرافين، والصارفين المتدهورة أحوالهم المعيشية.

وما يحصل في تجمعات الصرافين الكثيرة على الأراضي اللبنانية بساحة شتورا، شاهد على ذلك.

في جولة ميدانية على هذه التجمعات التي ازدهرت سابقاً بسبب حركة الانتقال البرية الكثيفة بين لبنان وكافة البلدان العربية عبر سوريا، لا شيء يشي بأن لبنان يتقيد بحال طوارئ صحية، تستدعي اتباع إرشادات الوقاية الذاتية لمنع إنتشار وباء كورونا وتفشيه في دوائر اختلاط واسعة.

فاستهتار الصرافين والصارفين بالفيروس، يبعث قلقاً كبيراً. فمن أكثر من عشر محال صرافة زارتها "المدن" للاطلاع على الإجراءات الاحترازية فيها، ثلاثة فقط أمنت مستحضرات تعقيم. لكن الداخلين إليها والخارجين منها لا يلجأون إلى إستخدامها في معظم الأحيان. محل واحد استحدث عازلاً زجاجياً يفصل بين الصراف والزبائن، الذين يتكدسون بكثافة ومتلاصقين تقريباً خلف العازل الزجاجي، من دون مراعاة مسافة الأمان المطلوبة لمنع تفشي الفيروس. أما المحال الباقية فتسلحت فقط بقارورة "اسبيرتو"، ظناً من أصحابها أن رشة منها تقضي على الجراثيم التي يمكن أن تحملها الأوراق النقدية المتداولة بكثافة من يد إلى يد.

"المنجّي ربنا"
لدى الاستفسار من الطرفين عن سبب عدم تقيدهم بالاجراءات الوقائية - مع أن الصرافين القطاع الوحيد الذي لا يزال يجني الأرباح في لبنان، تراوحت الإجابات على النحو التالي: "خلّي الدولة تأمّن المعقمات ونحن منستعملها"، "المنجّي ربنا"، "المصاري دواء وما بتجيب فيروس"، "نحن الفيروس، وكورونا بيهرب منا".

البعض شعر بنشوة انتصاره على محاولتنا "الخبيثة" لإيقاعه بتهمة التقصير، فشهر قارورة السبيرتو ليخبرنا أنه "على أهبة الاحتياط". وتحدث آخرون عن خلطات من الديتول والخل التي ابتدعوها. وهؤلاء وغيرهم استبدلوا غسل اليدين برشها بالسبيرتو.

السبيرتو لا يجدي
لكن مدير مستشفى الياس الهراوي الحكومي، الطبيب المتخصص بالأمراض الرئوية، نقولا معكرون، ينفي نفياً قاطعاً فاعلية السبيرتو في هذه الحال.

ويقول معكرون لـ "المدن" إن السبيرتو لا يمكن أن يكون قط واقياً من انتقال الجراثيم باليدين. وشرح أن المتخصصين في الطب يستخدمون السبيرتو عادة للصق خزعات المرضى على زجاجة التحليل. وبالتالي فإن السبيرتو يلصق هذه الجراثيم باليدين، بدلاً من أن يطهرها منها. أما الوقاية الحقيقية من شتى أنواع الجراثيم، فبغسل اليدين المتكرر بالماء والصابون، مع إمكان لرش السبيرتو عليها، أو إستخدام أي من مستحضرات التعقيم، بعد الغسل.

اختلاط بشر وأشياء
كم مرة يغسل الصرافون أيديهم في اليوم برأيكم؟

الحقيقة هي أن معظم محال الصيرفة في هذ التجمع البقاعي الكبير، غير مجهزة بمغسل. وهي أساساً عبارة عن كونتوار، تتجمع عليه شتى بصمات البشر، ويجلس خلفه الصرافون يعدون الأموال. والمحال هذه تتعدد نشاطاتها بين بيع المواد الغذائية والآلات الكهربائية وغيرها. وهذه الحال انعكاس لفوضى مزمنة تتحكم بنشاطات اللبنانيين اليومية: من تسعير الدولار والتلاعب بسعره، إلى الاستهتار المتمادي الذي يهدد بنقل عدوى كورونا إلى المنازل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها