الأحد 2020/02/09

آخر تحديث: 00:23 (بيروت)

سبت "التبوّل" على المصارف.. ووسط بيروت قلعة عسكرية

الأحد 2020/02/09
سبت "التبوّل" على المصارف.. ووسط بيروت قلعة عسكرية
"معركتنا لإسقاط هذه السلطة مفتوحة.." (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease

 
على نهج المسيرات التي ينظمها الناشطون والمجموعات الناشطة أيام السبت، كما بات معتاداً منذ أكثر من شهر، تأتي مسيرتي يوم السبت في 8 شباط، في إطار رفض تدفيع اللبنانيين ثمن الانهيار الاقتصادي. لكن الدعوات لمسيرات السبت تفاوتت بين شعار لا لمنح حكومة حسان دياب الثقة، إذ وسمت بعض الدعوات بعبارة "لا ثقة"، وبرفع البطاقات الحمراء بوجهها، وبين المعتاد في أيام السبت الفائتة "لن ندفع الثمن"، وبين التعبير عن رفض الإجراءات التي تتخذها المصارف في إذلال اللبنانيين على أبوابها. فقد أتت بعض الدعوات تحت عنوان "السبت الفنترة على المصارف"، لدعوة جميع المشاركين للتبول على جميع فروع المصارف التي تقع على خط سير المسيرات، التي تنطلق واحدة منها من تقاطع الشيفروليه والأخرى من أمام وزارة الداخلية والبلديات في الصنائع. 

احتقار المصارف
وبدت لافتة الدعوات للرجال إلى الإكثار من شرب المياه قبل الانطلاق في المسيرة، وجميع النساء لجمع البول في عبوات لرشها على المصارف. وهو فعل تعبيري احتقاري، يُظهر غضب الناس من الذل اليومي الذي تمارسه السلطة السياسية والمصرفية الممعنة في التضييق أكثر فأكثر على اللبنانيين وصولاً إلى تجويعهم.
 
وبعد محاولات أحزاب السلطة شيطنة المتظاهرين إثر موجات الشغب التي طالت بعض المصارف، لم يجد المتظاهرون إلا "البول"، أو التهديد به، وسيلة للازدراء بالمصارف وبالسلطة، التي دأبت منذ اندلاع ثورة 17 تشرين على محاولة "تهذيب" اللبنانيين وأسلوب تعبيرهم عن أوجاعهم. على أن هذه الدعوات بقيت رمزية، ولم يلجأ المتظاهرون إلى تنفيذها، لكنها تكشف عن حنق عارم على المصارف، وتشي بأنهم يطلبون من اللبنانيين اعتبار المصارف ليس أكثر من "مراحيض" بعدما فرغت فروعها وآلات صرفها الإلكترونية من المال.

مسيرتان تحت المطر 
من أمام وزارة الداخلية انطلقت المسيرة باتجاه مصرف لبنان مروراً بمبنى "ستاركو" ووصولاً البرلمان، شارك فيه عشرات الأشخاص في هذا الطقس الماطر. وردد المشاركون الهتافات المناهضة للقوى السياسية والمصرف المركزي وضد حكومة حسان دياب، معلنين عدم منحها الثقة.
وبالتزامن، انطلقت المسيرة الثانية من مفترق الشيفروليه باتجاه قصر العدل، تتقدمها لافتة كبيرة كتبوا عليها "أنتم السلطة الناهبة نحن العين الساهرة". ومرت المسيرة أمام جمعية المصارف والتقت المسيرتين في محيط المجلس النيابي. 

وبدا وسط بيروت، بعد الإجراءات الأمنية تحضيراً لجلسة الثقة، مقراً عسكرياً يحيط قلاع ساحة النجمة المزنّرة بالجدران الإسمنتية الشاهقة التي وضعت منذ أسبوعين. فقد عملت القوى الأمنية منذ الصباح على استقدام المزيد من "البلوكات الإسمنتية" إلى وسط بيروت وأقفلت الشوارع وصولاً إلى الواجهة البحرية.
  
هي مسيرات تشبه سابقتها لناحية الشعارات والهتافات والشتائم بحق المسؤولين، وتختلف لناحية ترجع عدد المشاركين المضطرد. لكنها مختلفة عن بقية المسيرات أيضاً لناحية المواكبة الأمنية المشددة التي تشي بتعامل مختلف للحكومة الجديدة مع المتظاهرين.

استعدادات ليوم الثلاثاء
تسبق هذه المسيرات التظاهرات التي دعا إليها الناشطون يوم الثلاثاء المقبل، عندما تنعقد جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة. فالمتظاهرون سيختبرون قدرة الشارع على تحدي الإجراءات الأمنية وكيفية تعاطي الحكومة الجديدة مع المنتفضين، والذي ظهرت بعض بوادره في الاجتماع الأخير لمجلس الدفاع الأعلى، وتوعد المتظاهرين والناشطين تحت ذريعة مكافحة المشاغبين والحفاظ على السلم الأهلي. فالسلطة بدأت تتعامل مع محاولة بعض المتظاهرين منع نائب من هنا أو مسؤول من هناك يتناول العشاء في الأماكن العامة، كتهديد للسلم الأهلي. وتعتبر المتظاهرين الذين يحاولون منع النواب من الوصول إلى البرلمان مشاغبين يجب مكافحتهم، كما لو أن تجويع الناس وسرقة أموالهم وإقفال مئات المؤسسات أبوابها، وطرد عشرات آلاف الموظفين، وسلب من بقي في وظيفته أكثر من نصف راتبه، سلام دائم، لا يهدد السلم الاجتماعي، بينما التظاهرات تهديد للسلم الأهلي!؟

لا ثقة بحكومة التحدي
أمام السور الذي وضع على مفترق الطريق المؤدي إلى ساحة النجمة، تلا المتظاهرون بيانا باسم المشاركين جاء فيه: "في تحد لإرادة الشعب، الذي طالب من ساحات الثورة بحكومة مستقلين من خارج منظومة السلطة المسيطرة على القرار السياسي والاقتصادي، التي أوصلت البلد إلى حافة الافلاس، تشكلت حكومة حسان دياب كامتداد للمنظومة الحاكمة نفسها ولو بوجوه جديدة. وفي تحد آخر لإرادة الشعب، تبنت حكومة حسان دياب موازنة أعدتها حكومة متهمة بارتكاب جرائم مالية بحق الشعب اللبناني وساقطة في الشارع.

وإمعاناً في تحدي صوت الناس، أعدت هذه الحكومة بياناً وزارياً منفصلاً عن الواقع، مزروعاً بشعارات وجمل فضفاضة، اعتاد اللبنانيون على قراءتها في البيانات الوزارية السابقة حول محاربة الفساد ووقف الهدر من دون أي آلية تنفيذ واضحة. أما الأخطر في البيان فهو انه لا يتضمن خطة إنقاذية واضحة لإعادة هيكلة الدين العام، بشكل يحمي المودعين الصغار ومتوسطي الدخل في المصارف، وهو يلتزم بخطط سيدر وماكنزي، مبنياً على المزيد من الاستدانة وعازماً على خصخصة القطاعات المنتجة، في ظل سلطة لطالما استخدمت نفوذها لمصالحها الخاصة. وبالتالي، لا نثق بقدرتها على إدارة ملف الخصخصة بما يخدم المصلحة العامة.
هي حكومة التحدي إذاً، لا حكومة التحديات، تحدي إرادة الشعب ومطالب ثورته. سوف تذهب حكومة التحدي إلى المجلس النيابي لنيل الثقة ممن لا يملكها.. من مجلس يمثل سلطة أسقطها الشعب في الساحات، وثار على فسادها وسرقاتها وعجزها، وهنا نسأل: كيف لفاقد الشرعية أن يعطيها؟
نحن نؤكد أن ثورتنا لن تهدأ. ونعلن أن معركتنا لإسقاط هذه السلطة مفتوحة، انطلاقاً من إسقاط حكومة حسان دياب، والنضال من أجل اتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية عادلة تحمي المواطن اللبناني، وتهدف إلى تحميل من أوصل البلد إلى الخراب ثمن الانهيار، وصولاً إلى إجراء إصلاحات سياسية، من أجل إعادة تكوين السلطة، من خلال إجراء انتخابات نيابية وفق قانون عادل لتعود الشرعية إلى مجلس النواب، ويعاد بناء الدولة بكافة مؤسساتها. لا ثقة نعلنها اليوم، لا ثقة بحكومة التحدي ولا ثقة بالمجلس النيابي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها