الإثنين 2020/02/24

آخر تحديث: 16:26 (بيروت)

شربل خوري وحرية الرأي والتعبير.. مواجهة مفتوحة مع السلطة

الإثنين 2020/02/24
شربل خوري وحرية الرأي والتعبير.. مواجهة مفتوحة مع السلطة
اعتصامات مستمرة للدفاع عن حرية التعبير واستقلالية القضاء (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
لم يصمد قرار النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، بتوقيف الناشط شربل خوري، بعد التحقيق معه في مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية (ثكنة جوزف فاضل). فأُطلق سراح الناشط بعد ساعات على توقيفه غير المبرر وغير القانوني، لأسباب مختلفة أهمّها أنّ اعتصاماً كان سيُنظّم أمام منزلها في الأشرفية. فاستبقت كل ذلك، وقررت إخلاء سبيله.

لكن قبل كل ذلك حاولت معاقبة خوري لكونه رفض الانصياع إلى قرارات التطويع وقمع الحريات ومصادرة الرأي. رفض إطلاق سراحه المشروط بحذف المنشور عن فايسبوك أو التوقيع على تعهّد يقرّ فيه بـ"خطئه" وعدم تكراره. وأمام هذين الشرطين، كان قرار خوري بالمواجهة وعدم الرضوخ، لأنّ أحلاهما مرّ. فاتّخذت قراراً بتوقيفه وختم التحقيق معه وإحالة الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان. وبهذا القرار أصرّت على توقيف خوري وقطعت الطريق على أي نقض كان سيصدر عن المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. وكل هذا عاد وسقط بإطلاق سراح خوري، الذي خاض معركة جدية مع السلطة وكل أساليب الترهيب والقمع التي تحاول من خلالها إخضاع الناس وإسكاتهم.

المواجهة المفتوحة
بتمسّكه برفض شرطيّ إطلاق سراحه (حذف المنشور وتوقيع التعهد غير القانوني)، أكد خوري أنّ معركة الحريات مفتوحة مع السلطة وفق الأطر القانونية. معركة ليست بحاجة إلا لعناد وإصرار وتمسّك بحرية القول والتعبير. خصوصاً أنّ أغلب موقوفي الرأي والمنشورات الإلكترونية في الحالات المشابهة السابقة، كانت تنتهي بأمر من الإثنين المذكورين. وبقرار خوري، تكون مواجهة جديدة لهيستيريا الاستدعاءات والتوقيفات المتتالية والمتصاعدة التي تقوم بها السلطة وأجهزتها منذ انطلاق ثورة 17 تشرين. فمحاولات ترهيب المنتفضين وإسكات أي صوت معارض للسلطة، تسير في نمط متراكم، وهو ما توضحه أعداد الاستدعاءات. وعلى ما يبدو فهذه مواجهة مفتوحة مع السلطة.

العهد لن يسكتنا
في اعتصامين متوازيين، كان المتضامنون والمنتفضون يؤكدون على مبادئ حرية التعبير ورفض الدولة البوليسية واستقلالية القضاء أمام قصر العدل في بيروت وثكنة جوزف فاضل. ومن أمام الأخيرة، خرج خوري قرابة الخامسة والنصف من بعد الظهر، معلناً الانتصار على السلطة والتمسّك بالحقوق واستكمال المواجهة. وفور خروجه أكد خوري أنّ "هذا العهد لن يسكتني، وضغط الانتفاضة أسقط الدعوى والتوقيف غير الشرعي ولا القضاء ولا العهد ولا أحزاب السلطة قادرون على الاستفراد بأي منا". وأكد على أنّ "الملف مورست فيه ضغوط سياسية، ولذلك نخوض معركة استقلالية القضاء لان المعركة غير متكافئة، فالسياسيون يعيّنون قادة الأجهزة الأمنية والقضائية وكأننا في مراكز حزبية". 

إسقاط الدعوى.. بروباغندا 
وشدد محامون من لجنة الدفاع عن الثوار على أنه لم يكن لإسقاط المدّعي المستشار الاقتصادي للتيار الوطني الحر، شربل قرداحي، أي علاقة بإطلاق سراح خوري. فتؤكد المحامية نرمين السباعي أنّ "إطلاق سراح خوري كان أمراً واقعاً، وإسقاط الدعوى بروباغندا، فقاعة إعلامية، لا أهمية لها لأنّ قرداحي تقدّم بالدعوى في الأصل. ولو كان مسانداً لحرية القول والتعبير كما يقول لما كان تقدّم بالدعوة من الأساس". وفي الإطار نفسه، أعادت السباعي التأكيد على أنّ قرار عون بتوقيف خوري "خطأ قانوني لا يمكن إذ لا يمكن توقيف أي شخص بتهمة قدح وذم، كما أنه لا توقيف احتياطياً في أي جرم عقوبته أقل من سنة". فتوقيف خوري يأتي بناءً لدعوى تقدّم بها المستشار الاقتصادي للتيار الوطني الحرّ، شربل قرداحي، نتيجة حوار مشترك على "تويتر" تخلّلها بعض الكلمات النابية العرضية. الأمر الذي أزعج المستشار. وكأنّ هذه الدعوى تأتي لتعيدنا إلى ما قبل 17 تشرين، وما كسرته من تابوهات سياسية ومنطق تعبير يتماشى مع الواقع. 

الدعاوى المتلاحقة
وإذا كانت استدعاءات الناشطين تسير في خط تصاعدي، فلا بد من الإشارة إلى أنّ بعض ناشطي الحراك الشعبي في أزمة النفايات و"طلعت ريحكتم" عام 2015، لا تزال قضاياهم القضائية عالقة. يُجرجرون إلى المحاكم بين مناسبة وأخرى بانتظار الأحكام والبتّ بها.

والمماطلة بهذه القضايا عقاب بحد ذاته، يهدف إلى تطويع الناس من جهة وإلهائهم بتحصيل حقوقهم الشخصية والعامة من جهة أخرى. وما نشهده اليوم على مستوى عدد الاستدعاءات والتوقيفات دليل قرار هذه السلطة بمعاقبة الناس المنتفضين عليها منذ أكثر من أربعة أشهر. وتماماً كما كانت الحال في قضية شربل خوري، أرادت تأديب الناس من خلال الاستفراد به. لكن حصل العكس. تمسّك خوري بحقوقه ومطالبه، آزره المنتفضون في الاعتصام والتصعيد الاحتجاجي، ومضى محامو الثورة في الدفاع عن هذه الحقوق حتى النَفَس الأخير.. فكانت معركة أولى ناجحة، ولو أنّ المواجهة مفتوحة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها