السبت 2020/12/05

آخر تحديث: 14:05 (بيروت)

قتل العقيد أبو رجيلي.. مسلسل جرائم "جمركية"!

السبت 2020/12/05
قتل العقيد أبو رجيلي.. مسلسل جرائم "جمركية"!
سيناريوهان متضاربان حول الجريمة يعزّز تضاربهما صمت المحققين والأجهزة الأمنية (الانترنت)
increase حجم الخط decrease
بعد4 أيام على جريمة قرطبا، التي أودت بحياة العقيد المتقاعد في جهاز الجمارك، منير أبو رجيلي، لا تزال القوى الأمنية صامتة حيال القضية. وصمت الأجهزة يترك جريمة قتل أبو رجيلي مفتوحة على السيناريوهات والأبعاد وأصابع الاتهام والدوافع.
الرجل، وُجد جثة هامدة في منزله الجبلي، وقد تعرّض للضرب بآلة حادة على رأسه. هذا كل ما هو أكيد في القضية. أما الباقي فتفاصيل غير مؤكدة، منسوجة بطريقة بوليسية ربطت قتل أبو رجيلي بجريمة انفجار مرفأ بيروت، في حين تشير رواية أخرى إلى أن دافع السرقة كامن وراء الجريمة.

سيناريو سرقة
في جريمة قرطبا، رواية أولى تشير إلى أنّ السرقة هي الدافع الأساسي للجريمة. تتحصّن هذه الرواية بحقيقة وقوع منزل أبو رجيلي في منطقة نائية بعيدة عن السكن، إضافة إلى سرقة جهاز تلفزيون من موقع الجريمة حسب ما تشير مصادر محلية من البلدة. وصل أبو رجيلي إلى منزله، حيث تتم ورشة تجديد المنزل وصيانته، فتأخر الوقت، وبات ليلته في المنزل ووقعت الجريمة ليلاً.

سيناريو إسكات وتضليل
أما السيناريو الآخر الذي تم التداول به، فهو أنّ قتل أبو رجيلي تمّ بناءً على منصبه في الجمارك وجريمة 4 آب في مرفأ بيروت، فتم إسكاته بهدف طمس حقيقة انفجار المرفأ، وتضليل التحقيق فيه. أضيفت البهارات اللازمة حول هذا السيناريو، مع إشاعة معلومات مفادها أنه تم استدعاؤه إلى التحقيق في قضية المرفأ. وثبت زيف كل هذا على اعتبار أنّ أبو رجيلي لم يتولَّ أي موقع في مرفأ بيروت. وكان مسؤولاً عن دائرة التهريب في مجلس الجمارك الأعلى،‏ وعن قطعات جمركية على الحدود البرية، ثم في مطار بيروت.

أين التحقيق؟
بين السيناريو الأول والثاني، فارق كبير ودوافع متغيّرة، من شأنها تغيير معادلات التحقيق في جريمة قرطبا وفي جريمة انفجار بيروت. لكن أكثر ما يثير الريبة إلى الآن، أنه بعد 96 ساعة على وقوع الجريمة لم يصدر أي بيان عن قوى الأمن أو المحقّقين في الجريمة. كما أنه لم تصدر بعد أي معلومات حول كاميرات المراقبة الموجودة في البلدة وعن داتا الاتصالات التي يمكن الحصول عليها. التحقيق يراوح مكانه، كأن الدولة تتقصّد ترك السيناريوهات مفتوحة، وكذلك التأويلات واستمرار طرح الأسئلة والتساؤلات. وجاء أبرزها على لسان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي سأل على تويتر: "ماذا وراء مقتل العقيد منير ابو رجيلي رئيس مكافحة التهريب سابقا في الجمارك اللبنانية. هل أن هذا الحدث المريع لتعطيل أي تحقيق جدي في قضية الانفجار في مرفأ بيروت"؟

عدم ثقة وشفافية
وتتعزّز هذه التساؤلات مع واقع غياب الشفافية في الدولة اللبنانية، وعدم الثقة المطلقة بعملها. في دولة مماثلة، يديرها مسؤولون مماثلون، لا يمكن استبعاد أي سيناريو جهنّمي يرد في مسلسلات أو أفلام كشف الجرائم. ففي هذا الإطار سابقة خطيرة، تتمثل في حادثة موت العقيد جوزيف سكاف قبل ثلاث سنوات ولم يصدر فيها إلى الآن أي خيط أو ادعاء أو دافع. في قضية سكاف، روايتان متضاربان. تقول الأولى إنه توفى قضاءً وقدراً بعد أن انزلقت رجله في موقف للسيارات، أما الثانية فتشير إلى تعرّضه لاعتداء وقتل عمد. وفيها أيضاً تقريران شرعيان متضاربان، يثبّت الأول الرواية الأولى ويؤكد الثاني أنه تعرّض لكدمات على الرأس ورميه عن ارتفاع ثلاثة أمتار.

والعقيد جوزف سكاف، كان سبق وكتب رسالة في شباط 2014 إلى "مصلحة التدقيق والبحث عن التهريب" التابعة لوزارة المالية، طالب فيها بإبعاد الباخرة Rhosus المحمّل على متنها 2750 طناً من "نترات الأمونيوم" إلى خارج الرصيف 11 في مرفأ بيروت، وطالب بوضعها تحت الرقابة، وخصوصاً حمولتها. لأنها تُشكّل خطراً على السلامة العامة. سكاف، الذي كان رئيس شعبة مكافحة المخدرات وتبييض الأموال، كان مطلّعاً على حمولة باخرة نيترات الأمونيوم، ووجّه كتاباً إلى مصلحة التدقيق والبحث عن التهريب عام 2014، بضرورة إبعادها عن المرفأ وبوضعها تحت إشراف ورقابة جمركية نظراً إلى حمولتها. تقاعد سكاف، ثم مات أو قُتل أسفل منزله في بيت الشعار، وبعدها بسنوات تم قتل أكثر من 200 ضحية في انفجار المرفأ. بيت الشعار، قرطبا، انفجار المرفأ، يبدو فعلياً أننا نعيش في مسلسل لكشف الجرائم، لكن ليس فيه أبطال أو محققين لامعين، فقط ضحايا يتوالى سقوطهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها