الأربعاء 2020/12/16

آخر تحديث: 14:18 (بيروت)

العلاج النفسي للأثرياء فقط وأدويته مفقودة: زمن الانتحار بدأ

الأربعاء 2020/12/16
العلاج النفسي للأثرياء فقط وأدويته مفقودة: زمن الانتحار بدأ
200 ألف ليرة للجلسة العلاجية الواحدة والأدوية غير متوفرة (Getty)
increase حجم الخط decrease
لا تكفي وصمة العار التي تلحق مرضى الاضطراب النفسي، لتلاحق صحتهم النفسية نكبات العام 2020، وتجعلهم في خطر غلاء الأدوية واحتكار وفقدانها، وصولاً إلى ارتفاع فاتورة الاستشفاء الطبية للأطباء والمعالجين النفسيين.     

فالمواطن التي يصعب عليه تأمين قوته اليومي وطبابته العادية، لا قدرة لديه لتغطية كلفة علاجه النفسي، حسب المعالج النفسي شادي رحمة في حديث لـ"المدن". إذ ارتفعت كلفة الجلسة العلاجية لتصل إلى ما بين 130 - 200 ألف ليرة للجلسة الواحدة. فيما يترك غياب قانون ينظم عمل المعالجين النفسيين، ودور النقابة، الفاتورة في حال تصاعدية وبلا سقف موحد.

اكتئاب بلا علاج
وقال رحمة إن أبرز الاضطرابات النفسية شيوعاً في لبنان هي الاكتئاب وأمراض التوتر والقلق. مشيراً إلى أن مرضى كثيرين عزفوا عن العلاج في المدة الأخيرة، لعدم قدرتهم على دفع تكاليفه المادية. وهذا ما يجعلهم "عرضة للتوتر الدائم، وتدني قدرتهم على العمل والتكييف مع المحيط، ويغرقهم في الأزمات العاصفة بالمجتمع، ويزيد إقدامهم على الإنتحار". ويلفت رحمة إلى تزايد عدد طالبي المساعدة النفسية هذه العام، لا سيما بعد انفجار 4 آب، ما يجعل العلاج النفسي ضرورة وليس ترفاً.

وارتفعت تعرفة جلسة الطبيب النفسي في المركز الطبي للجامعة الأميركية إلى 375 ألف ليرة لبنانية. أما تعرفة المعالجين النفسيين فبلغت 290 ألف ليرة لبنانية عن كل جلسة.

وتتكبد سارة.ع التي تعاني من اكتئاب حاد ورهاب، ما يقارب 720 ألف ليرة لبنانية شهرياً، لعلاجها لدى الطبيب النفسي، الذي وصلت كلفة جلسته إلى 200 ألف ليرة لبنانية، وكلفة جلسة المعالجة النفسية 130 ألف ليرة، وسارة تزورها مرة أسبوعياً.

صيدليات الأدوية المفقودة
أما معاناة سارة مع الأدوية فكارثة أخرى. فهي اضطرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية لتغييرالوصفة الطبية مرات عدة، بسبب انقطاع الأدوية، مثل olanzax. فجابت صيدليات منطقة الأشرفية لإيجاد بدائل عنه.

والأدوية الأكثر شيوعاً كـcipralx، وxnax، وSeroquel، مفقودة بحسب الصيدلي (ح.ح)، لعدة أسباب، منها عدم تسليم الوكيل هذه الأدوية، وتهافت المواطنين على شرائها منذ بدء جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان. ويتلقى الصيدلي عشرات الاتصالات يومياً للسؤال عن أدوية الأمراض النفسية والعصبية، من مدنٍ وقرى مختلفة وبعيدة عن صيدليته. ويلفت الصيدلي إلى أن  أدوية مرضى الاضطرابات النفسية والعصبية يجب أن تكون أولوية لدى المعنيين، نظراً لخطورة التوقف عن تناولها، حتى لنهار واحد.

وزارة الصحة والشركاء
لا وصاية على عمل القطاع الخاص، تقول وزارة الصحة.
فهي لا دور لها في وضع التعرفة للفاتورة الاستشفائية للصحة العقلية والنفسية. مع أنها ضرورية تماماً كضرورة تأمين الأدوية والعلاجات للأمراض المزمنة والمستعصية. والجدير بالذكر أن وزارة الصحة أطلقت منذ بدء جائحة كورونا مذكرة بضرورة استقبال مرضى الصحة العقلية والنفسية على حساب الوزارة والجهات الضامنة، وسط تلكؤ إدارات المستشفيات الخاصة، وتنصل شركات التأمين من تغطية أية كلفة علاجية مرتبطة بالصحة النفسية، من فحوصات أو أدوية أو دخول مسشتفيات.

ويلفت مدير برنامج الوطني للصحة النفسية في الوزارة، الدكتور ربيع الشماعي، إلى أنه بالتعاون كافة الشركاء يتم العمل على تحسين خدمات الصحة النفسية، ودمجها مع خدمات الرعاية الأولية. وقد تم افتتاح قسم مختص للصحة النفسية في مستشفى رفيق الحريري. ويُعمل بشكل دوري على إجراء مسح للخدمات النفسية التي تقدم عبر العديد من الجمعيات التي تعنى بالصحة النفسية، عبر تقديم خدمات علاجية مجانية أو شبه مجانية. ويمكن الاستفسار عن هذه الخدمات عبر الخط الوطني السخن للدعم النفسي والوقاية من الانتحار، خط الحياة، 1564.

مناشدة القطاع الخاص
ولا يغفل شماعي الدور الذي يجب أن يلعبه القطاع الخاص، مطالباً عبر "المدن"، بضرورة أن يراعي العاملون في القطاع الصحي الخاص الأوضاع الاقتصادية للمواطن، والتي هي إحدى أسباب ازدياد الطلب على خدمات الصحة النفسية.

أما عن انقطاع الأدوية، فيقول شماعي: "هناك حالة من التقنين بتسليم الأدوية للصيدليات، بسبب تهافت المواطنين على شرائها بسبب الخوف من رفع الدعم عنها. ومن ناحية أخرى يعمل البرنامج الوطني للصحة النفسية بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية على تم تأمين لائحة الأدوية النفسية الوطنية، التي توصف في حالات الاضطرابات النفسية لمدة سنة".

وللوقوف على مدى توفر الأدوية في وزارة الصحة، حاولت "المدن" التواصل مع رئيسة مصلحة  الصيدلة في الوزارة الدكتورة كوليت رعيدي إلا أننا لم نلقَ جواباً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها