ومن بين هؤلاء المتعاقدين هناك مدرّسي التعاقد للمواد غير الإجرائية (الفنية) مثل الموسيقى والرسم وغيرها، لا يتلقون أتعابهم مثل باقي الأساتذة فصلياً، رغم أن بعضهم يعمل نحو 12 ساعة في الأسبوع. أما مدرسو التعاقد للمواد العادية، فيتلقون أتعابهم عند انتهاء كل فصل.
ووفق إحدى المعلمات للمواد الإجرائية، لا يتقاضى المدرّس أكثر من أربعة ملايين ليرة في السنة، ويتأخر الدفع له عن كل فصل أكثر من سبعة أشهر. هذا رغم أن أغلبهم يعلّم بدوامات كاملة أسوة بأي أستاذ في الملاك، لكن بلا أي ضمانات صحية أو بدل نقل أو أي شيء آخر.
وتضيف: "أشعر حالياً أنني بت أعمل مجاناً. لقد باتت أتعابنا لا تتخطى الخمسمئة دولار في السنة، في ظل ارتفاع سعر الدولار الجنوني. كنت منذ نحو عشر سنوات، عندما بدأت التعليم، أتحمل هذا الظلم على أمل أن تجرى مباريات كي اتثبت. لكن امتحانات مجلس الخدمة المدنية لم تأت، ولن تأتي أبداً بعد اليوم، في ظل الأزمة الحالية التي ستطول لسنوات. وبالتالي، في زمن التعليم عن بعد، بات العمل الذي أقوم به مجانياً صرفاً، وخصوصاً أننا أجبرنا على شراء كمبيوتر لتعليم الطلاب، وعلينا شراء حزمات الإنترنت شهرياً. ليس هذا فحسب، بل بتنا نعمل بمجهود يفوق الضعفين لتنظيم الحصص. وحيال تقطع شبكة الإنترنت وانقطاع الكهرباء، بتنا نعلّم حتى الساعة الرابعة بعد الظهر. وعلينا تحضير حصص اليوم التالي، ما يستغرق عملاً حتى العاشرة مساءً. وكل ذلك لقاء مبالغ زهيدة.
معاناة التدريس عن بعد
وعن طرائق التعليم وتعاميم وزارة التربية لتعبئة بيانات بالطلاب والحصص وأسباب تغيّب الطلاب، يسأل أحد المدرسين المتعاقدين في مرحلة الثانوي: "ماذا تستطيع أن تفعل الوزارة مع الطالب الذي لا يحضر الحصة أونلاين؟ هل تعرف ظروف أهله، وأن معظم أهالي طلاب المدارس الرسمية لا يملكون إلا كمبيوتر واحد لجميع أفراد الأسرة؟ وهل تعلم أن العديد منهم ليس لديهم كمبيوتر ولا يوجد حتى أكثر من هاتف واحد في المنزل، ويضطر الأولاد أحياناً إلى استخدامه مداورة، فيحضر كل واحد منهم حصة أو اثنين في اليوم؟". وأضاف: نقوم بما طلب منا، لكن ليت وزارة التربية تستفيد من هذه الاستمارات لمعرفة أوضاع الطلاب والأهل لمساعدتهم، ولا تحصر استخدامها لتسجيل عدد الحصص التي علمها المتعاقد لدفع بدل أتعابه.
إلى هذه المعاناة الشخصية في زمن التعليم عن بعد، التي بات جميع أساتذة التعليم الرسمي يرفعون الصوت شكوى منها، شرحت إحدى المعلمات في مرحلتي الابتدائي والتمهيدي أنهم لم يتعرفوا على طلابهم الجدد بعد. فبعكس أساتذة الثانوي والمتوسط، لم يبدأوا باستخدام منصة التعليم عن بعد لطلاب هذه المراحل بعد. بل يكتفون بإنشاء مجموعات واتساب لأهالي الطلاب، ويرسلون عبرها مواد التعليم وشروحاً بالصوت والصورة. لكن تعليم الطلاب يقع على عاتق الأهل، لأن لا تواصل مباشر بين المدرس وطلابه. علماً أن عدد الساعات التي يعلمها المدرس لهذه المراحل تصل إلى 25 ساعة أسبوعياً.
وتقول شاكية: "ألزمونا بالتعليم عن بعد، ولا أحد سأل كيف لنا أن نعلم وبأي وسائل. ورغم ذلك ترسل وزارة التربية التعاميم لتعبئة استمارات يومية ببيانات الطلاب وأسماء الحاضرين والمتغيبين، وكم دقيقة تعلموا وأسباب انقطاعهم عن الحصة. بينما عملياً لا حصص تُدرّس، بل يقتصر التعليم على إرشادات للأهل".
وتقول: "تعاميم الوزارة تفترض أنه على المدرس التواصل مع طلابه جميعاً، والاستفسار منهم لتعبئة الاستمارة التي يجب ارسالها للمدراء". وزعمت أنها تشكو، مثل باقي المدرسين، من أن هذا الدور يجب أن يناط بالنظّار، الذين لديهم إمكانية الدخول لجميع الحصص أونلاين ومراقبة المدرس والتلاميذ، معتبرة أن تعبئة الاستمارات في ظل التعليم عبر واتساب، مضيعة للوقت فحسب. فالأساتذة لا يتواصلون مع طلابهم في هذه المراحل، وليس لديهم أي قدرة على تقييم الطلاب ومدى اكتسابهم المهارات المطلوبة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها