الجمعة 2020/11/20

آخر تحديث: 12:55 (بيروت)

طرابلس تقع في قبضة عصابات السرقة

الجمعة 2020/11/20
طرابلس تقع في قبضة عصابات السرقة
قصّ السارقون 50 متراً من حديد سور الكورنيش بالمينا (المدن)
increase حجم الخط decrease

تمكنت دورية تابعة لشرطة بلدية الميناء فجر اليوم الجمعة من إحباط محاولة سرقة محل لبيع المواد الغذائية، في شارع الكوندور، من قبل عناصر دورية الليل، الذين قاموا بإطلاق النار في الهواء وفرّ السارقون إلى جهة مجهولة. 

كما استطاعت الدورية أيضاً استعادة دراجة نارية مسروقة من قبل شخصين. وقام أحدهم بإطلاق الرصاص على عناصر الدورية التي ردت بالمثل لمنع السرقة.

الكورنيش والبلدية
هذا الخبر ليس استثنائياً في مناطق طرابلس. فبينما دخلت البلاد مرحلة الإقفال الشامل، الذي يتفاوت الإلتزام به بين منطقة وأخرى، يبدو أن "السرقة" تنشط على نطاق واسع في طرابلس ومحيطها من المناطق الشمالية. أول ذريعة لهذه الظاهرة الخطرة التي تهدد سلامة المواطنين وتهدد أملاكهم في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق، هو أن حاجة الفقراء هي الدافع الأول للإقدام على السرقة. لكن، هل يمكن تحويل "الفقر" إلى شمّاعة للسارقين، في وقت أضحى معظم اللبنانيين من طبقة الفقراء؟ وبعد أن صاروا عاجزين عن تعويض كل ما يُسلب منهم؟  

آخر فصول السرقة المريبة، تمثّل بما حصل أخيرًا عند كورنيش الميناء، إذ تفاجأ أبناء هذه المدينة البحرية صباح يوم أمس بقصّ أكثر من 50 مترًا من سور الكورنيش، بعد إقدام مجهولين على تنفيذ العملية بهدف سرقة حديد السور!  
وفي وقت لاحق، رفع محافظ الشمال القاضي، رمزي نهرا، شكوى إلى النيابة العامة الاستئنافية في الشمال، حول سرقة درابزين "ستانلس ستيل" من على الكورنيش البحري في مدينة الميناء، طالباً اتخاذ الإجراءات القانونية، وإجراء التحقيقات اللازمة، مع اتخاذ بلدية الميناء صفة الادعاء الشخصي، بحق كل ما يظهره التحقيق فاعلاً.

وللتذكير، فإنّ الميناء تشهد حاليًا تنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع تأهيل الكورنيش بطول 700 متر، بعد أن جرى تأهيل نحو 1800 متر على مرحلتين، وذلك ضمن برنامج الأمم المتحدة الانمائي (UNDP)، وبتمويل أوروبي كلّف ملايين الدولارات. وواقع الحال، فإنّ سرقة السور ليست الأولى من نوعها عند الكورنيش، وإنما سبق أن سُرقت منه خراطيم المياه التي تسقي المزروعات أوتوماتيكيًا، أضافة إلى سرقة كابلات الكهرباء قبل 4 أشهر.  

هذا ما يؤكده عضو بلدية الميناء المستقيل هاشم أيوبي لـ"المدن"، في وقتٍ يرمي عدد كبير من أبناء المدينة المسؤولية على بلدية الميناء وشرطتها، علمًا أنها انحلت منذ استقالة رئيسها عبد القادر علم الدين، وهي تخضع حاليًا لوصاية محافظ الشمال رمزي نهرا.  

50 شرطياً
في حالة كورنيش الميناء، لا شكّ أن السارقين كانوا مطمئنين أثناء تنفيذ مهمتهم، التي استغرقت وقتًا مديداً، بقصّ السور ثمّ تحميله والذهاب به من دون أن ينتبه لهم أحد. وفي السياق، يشير أيوبي أن السرقة تستفحل بالميناء في شكل مخيف. ففي أسبوع واحد جرت سرقة ما لا يقل عن ثلاث سيارات، كما سُرقت مئات بطاريات سيارات أخرى. ما وضع أصحابها في حال صعبة نظرًا لغلاء ثمنها بعد انهيار الليرة، إلى جانب سرقة عدد كبير من الكابلات والموتورات، مؤكدًا أن الميناء ومحيط المعرض باتت بلا "ريغارات" (الأغطية المعدنية) للصرف الصحي، بعد أن انتزعها كلها السارقون من الأرض، وهو ما يعرض السيارات لحوادث خطرة، وسيتسبب بغرق الشواع بفيضان الأمطار أثناء الشتاء.  

وبينما لا يوجد لدى بلدية الميناء أكثر من 50 شرطيًا، يتساءل أيوبي عن دور القوى الأمنية الموكلة بالحفاظ على الأمن، لا سيما في ظل دخول البلد مرحلة الإقفال الشامل. وقال: "أبسط ما يمكن فعله هو تفتيش الأراضي البور وأماكن بيع الخردة والحديد، للعثور على تلك الريغارات والبطاريات، وملاحقة بائعيها، لا سيما أن بعض المسروقات من المعروف أن ملكتيها عامة تعود للبلدية".  

ويستغرب أيوبي أن تخلو الأحياء من الدوريات الراجلة والسيّارة، لا سيما ليلًا. الأمر الذي قد يردع السارقين قبل الإقدام على أي فعل من هذا النوع. وأضاف: "بينما تنشغل الدوريات بملاحقة الناس على وضع الكمامة ويسطرون محاضر الضبط بحق كل من يتجول بعد الخامسة مساء، يبدو غريبًا عدم ملاحقة السارقين، الذين يسرحون بحرية من دون رقيب، وصار من المستحيل أن تكشف عنهم الكاميرات التي لا يراجعها أحد، خصوصًا أنهم يضعون الكمامة والقبعة معًا".  

في قلب المدينة
تشير معلومات "المدن" أن معظم السارقين يستخدمون الدراجات النارية ليلًا أثناء تنفيذ مهامهم. وهناك عدد كبير من الشكاوى تُقدّم للنيابة العامة ضد مجهولين، كما تلاحق الأجهزة الأمنية بعض أصحاب السوابق في السرقة. لكن أعدادهم تتكاثر وفي مختلف المناطق، بوتيرة غير مسبوقة، مما يعيّق إمكانية القبض عليهم جميعًا، في وقتٍ ينشط البعض بالسرقة بدوافع فردية من دون أن الانخراط في عصابات.  

وفي السياق، يشير رئيس بلدية طرابلس لـ"المدن" أن السرقة في طرابلس تتفاقم يوميًا من دون توقف، لا سيما على مستوى سرقة الريغارات ومصافي المياه والكابلات الكهربائية والبطاريات والمولدات والدرّاجات، لافتًا أن البلدية تتكبد خسائر هائلة نتيجة السرقة التي تتكرر كل ليلة. حتى في سوق الخضار الجديد، يقدم ليلًا السارقون لسلب الألمنيوم والحديد. كما أن نساء كثيرات يتعرضن في المدينة لسرقة حقائبهن في النهار، وفق يمق، الذي يخشى على أمن الناس في بيوتهم، من تمادي الظاهرة لدرجة اقتحام أكبر عدد من المنازل، فيما يطالب كثيرون بتكثيف الدوريات لمراقبة حركة الدراجات النارية ليلًا. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها