ويعتمد لقاح فايزر-بيونتك تقنية معروفة بـRNA. تحقن كل جرعة مواداً جينية من الفيروس في الجسم تساعد في إنتاج البروتين الموجود على ظاهر جزيئيات فيروس كوفيد 19، والتي بدورها تحفّز نظام المناعة. وقد تمّ اختباره على مجموعات اثنيّة مختلفة تضمّ 43 ألف شخص، غير أنّ الاختبار لم يكتمل بعد. وتنوي شركتا الدواء نشر المعلومات التي توصّلتا إليها في مجلة علمية للاضطلاع عليها. ومن الممكن أنّ تتراجع الفعالية المرجوّة من هذا اللقاح مع استمرار عملية تجميع المعلومات. وعليه، تعد النتائج مميزة بما فيه الكفاية بغض النظر إن كان المنتج النهائي للقاح سيكون مختلفاً.
الأمان وكبار السن
إلى ذلك، ثمّة ثلاثة أسئلة مهمّة لم يجد الخبراء لها إجابة بعد، وهي: مدى قدرة هذا اللقاح على معالجة المتقدّمين في العمر، وهم إحدى الفئات الأكثر تضرّراً من فيروس كوفيد 19، والذين قد لا يتجاوبون جيداً مع اللقاح. والثاني إن كان في إمكانه الحد من انتقال العدوى. إذ من الممكن أن يخفّف من عوارض الفيروس. لكن ليس بالضرورة الحد من انتقاله إلى الآخرين. والثالث، عدم تحديد المدى الزمني لفعاليته.
وعليه، ثمة تشكيك في أن تكون إيجابية هذا الاكتشاف بهذا الحجم المعلن. إذ أنّ شركة فايزر ذكرت أنها لم تلحظ مشاكل تتعلّق بمدة الأمان خلال الاختبارات، وأنّ فعالية البيانات ما زالت في طور التجميع.
لقاحات أخرى
من جهة أخرى، هناك معلومات عن لقاحين سيعلن عنهما في الأسابيع المقبلة، تعمل على تصنيعهما شركة أسترازينيكا بالتعاون مع فريق من جامعة أوكسفورد، وشركة موديرنا وهي شركة تكنولوجيا حيوية أميركية. ويعرف لقاح أسترازينيكا -اوكسفورد بتسجيله تجاوباً على مستوى المناعة عند المتقدمين في العمر. وهذا الدور لم يتمكن من لعبه لقاح فايزر في هذه الفئة العمرية. من أجل ذلك، هناك فرصة جيدة لتلعب شركة أخرى هذا الدور.
باختصار، إن إمكانية قضاء اللقاحات على فيروس "كوفيد-19" بات قريباً، ولو أنّه سيستغرق وقتاً إضافياً. فالخطوة التالية لشركة فايزر هي تقديم طلب الحصول على إذن طارئ لاستخدام اللقاح في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. لكن منظمة الصحة الدولية لديها آلية لإعطاء هكذا تراخيص للقاحات، بغية استخدامها في الدول من دون المرور عبر الهيئات الرقابية. وعلى طلب الترخيص الخاص بلقاح BNT162b2 الانتظار حتى الأسبوع الثالث من تشرين الثاني، لأنّ على شركة فايزر تجميع بيانات السلامة للمشاركين في الاختبار على مدى شهرين. وقد تقبل هيئات الرقابة باستخدامه في المجموعات المعرّضة للخطر الكبير، مثل الأطباء في المستشفيات والممرضات، وذلك بحلول نهاية العام، بانتظار المزيد من بيانات السلامة. أما التصديق العام على استخدام اللقاح فقد يكون في الفصل الأول من 2021. أما لجهة توزيع اللقاح فسيكون محدوداً بداية، حتى لو أنّ إنتاج لقاح BNT162b2 قد بدأ منذ تشرين الأول. وتشير التوقعات الراهنة إلى أنه سيتوفّر 50 مليون جرعة من اللقاح خلال العام 2020 على أن ينتج 1،6 بليون جرعة في العام 2021.
تحدي التوزيع
يكمن التحدي الكبير في القدرة على توزيع هذا اللقاح. إنها المرة الأولى التي ستجرى فيها حملات تلقيح على نطاق واسع في العالم، وستكون اليونيسيف إحدى الوكالات التي ستدير توزيع اللقاحات. وصرّحت اليونيسيف إنّها تشتري سنوياً بين 600 و800 مليون حقنة من أجل تحصين مناعة الطفولة في العالم، مشيرة إلى أنّ لقاح الكوفيد 19 سيضاعف هذا العدد ثلاث أو أربع مرات. وتعمل منظمة الصحة العالمية مع اليونيسيف على وضع خريطة للتوافر العالمي لقدرة التخزين بسلسلة التبريد، بهدف مساعدة الدول الحصول على اللقاح.
بالمحصلة، على المدى البعيد، ستولّد فعالية هذا اللقاح مناعة القطيع، في حال تلقى عدد كاف من الأشخاص هذا اللقاح الفعال بنسبة 90%، وعليه فإن من لم يتمكّنوا من أخذه سيكونون محميين أيضاً. أما على المدى القصير، فإن الأولوية ستكون لمن هم أكثر حاجة له. وهذا سيساعد في مراقبة الجائحة، ويؤدي إلى إنعاش الاقتصاد العالمي، حتى أنّ السياحة والتجارة ستستعيدان نشاطهما في وقت أقرب مما كان متوقعاً.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها