الإثنين 2020/10/12

آخر تحديث: 00:20 (بيروت)

الشياح وتبغ التهريب وصرخات "فاليزير" الشَّبِقة في بدارو الستينات

الإثنين 2020/10/12
الشياح وتبغ التهريب وصرخات "فاليزير" الشَّبِقة في بدارو الستينات
وكانت صرخات الفتيان: "فاليزير، فاليزير، فاليزير".. (Getty)
increase حجم الخط decrease
ولد المدرّس أحمد كزما سنة 1935، إبنًا لعائلة شيعيّة من عائلات الشياح "الأصليين". وفي العام 2005 روى سيرته العائلية في إطار شهادة عن المجتمع الشيعي الريفي أو الزراعي، وزمنه البلدي البطيء، الاكتفائي الأليف، في قرى ساحل المتن الجنوبي، قبل تسارع ذلك الزمن إلى الاندثار أمام هجوم "عمران الهجرات الجماهيري" على تلك القرى، فصارت ضاحية جنوبية لمدينة بيروت.

قطيعة الأجيال
افتتح كزما رواية سيرته بما يشبه الرثاء: رثاء ذلك الزمن البلدي البطيء الأليف، ونمط الحياة الريفية الزراعية: صناعة التبغ العلنيّة والسرية في البيوت. تربية الأبقار والدجاج والحمام ودود الحرير. زراعة الخضر والفاكهة. وانتشال الماء من النواعير وجرِّها إلى حقول السقي وبساتينه في أقنية من قناطر زبيدة البعيدة على نهر بيروت. لكن بعدما أمضى الراوي أكثر من أربعة عقود من عمره مدرّساً ومدير مدرسة في الشياح والغبيري (1953 - 1994)، يبادر إلى تعريف نفسه شغوفًا بانّه مزارع وابن مزارع وحفيد مزارع. وهذا - بحسبه - على خلاف أولاده الذين يعتبرون أنفسهم أبناء مدرّس أو موظف.

فأولاده نشأوا وشبوا مع توسّع التعليم واستمرار طلابه أكثر من ذي قبل في حلقاته ومراحله المتقدمة. وكذلك مع هبوب الزمن العقاري سريعًا وعاصفًا على مساكب الخضر قرب البيوت المتباعدة، وعلى الحقول والبساتين في السقي، فاقتلعها؛ ليس في الشياح وحدها، بل في قرى ساحل المتن الجنوبي كلها. واختفى ذلك السهل الأخضر الذي تتخلله بيوت قليلة، واندثر كأنه لم يكن، ولا كان ذلك الطفل والفتى والشاب الذي كانه الراوي في ضيعة ساحلية مكتفية، أليفة ومطمئنة.

لكن أحمد كزما المدرس، يشعر أنه أقرب إلى جده وأبيه وأمه منه إلى أبنائه الذين لا حضور لهم في سيرته هذه. ربما لأنه لا يستطيع أن يجعلهم ويجعل زمنهم الاجتماعي ومصائرهم في مهب الرواية. فهو من جيل "وسيط"، عايش وخبر زمنًا قرويًا أو ريفيًا ساحليًا، وتشبَّعت به حواسه وذاكرته. ثم عايش بعده زمنًا جديدًا حاصر الضيعة وبدّد عالمها الريفي البلدي، فحوّلها ضاحية استقبلت موجات من جماعات مهاجرين ريفيين (جنوبيين وبعلبكيين)، انتزعهم من أريافهم وعالمهم وذاكرتهم  فيها "نداءُ المدينة" (فاروق عيتاني في كتابه "البيروتي التائه")، ونداء العمل والتعليم في المدينة.

وطغى على الاجتماع الأهلي البلدي في قرى الساحل، اجتماع المهاجرين الأهلي، الجماهيري والفوضوي، في أحياء ضاحية بيروت الجنويبة. وظل المهاجرون في أحياء الضاحية مشدودين إلى أريافهم. وظلت المدينة وعالمها تبدو لهم من ضاحيتهم أقرب إلى نداء بعيد، واحتمال معلّق في مخيلتهم وصدورهم، ويصعُب عليهم مناله. أما أهالي ضيعة الشياح "الأصليين" فانكفأوا على ذاكرة عالمهم الريفي المندثر، وعاشوا أيضًا في زمن معلّق.

الريجي وتبغ التهريب
ذكريات صناعة التبغ البيتيّة، تربية دود الحرير والأبقار، وزراعة الخضر في البساتين، بعيدة وقصيّة في ذاكرة الراوي المدرّس. حتى يكاد لا يتذكر منهما سوى صور وكلمات غشيها النسيان، وأقرب إلى حياة جيل والده وأمه منها إلى حياته وخبراته.

وفي سنة ولادة أحمد كزما (1935) أنشأت سلطات الانتداب الفرنسي شركة حصر التبغ والتنباك اللبنانية - السورية المشتركة (الريجي). وفي مطلع عهد كميل شمعون الرئاسي (1952 - 1958) انفصلت الشركة إلى اثنتين، لبنانية وسورية مستقلتين. فاحتكرت الشركة تسلّم محاصيل التبغ من مزارعيه في المناطق اللبنانية (الجنوبية خصوصًا)، وتصنيعه وتوزيعه على التجار. وفي أواسط عهد فؤاد شهاب الرئاسي (1958 - 1946) أُنشئ للريجي مبنى جديد، كبير وحديث ومجهز، في الحدث بأقصى ساحل المتن الجنوبي.

في طفولة أحمد كزما كان كُثرٌ من أهالي قرى ساحل المتن الجنوبي يعملون في تصنيع التبغ في بيوتهم، بعد شرائهم بعض محاصيله مجفّفة من مزارعيه في قرى الجنوب والبترون وجبيل، ونقلها إلى قراهم الزراعية الساحلية.

بيت جدّه القديم، كانت تتصل به غرفتان من الخشب (يسمّي خليل خالد الفغالي الواحدة منهما، شاحط) جعلهما أهله مشغلا لصناعة التبغ الذي كانت تعمل نساء العائلة ورجالها بفرم أوراقه، فيصير خيوطًا دقيقة كشعر النساء. بعد ذلك ينشغلون بتصنيفه وخلط أنواعه خلطات معينة أو محددة. ثم يعملون بآلات يدوية على لفّ الخلطات في سجائر، يقومون بتوضيبها في علب "التطلي سرت" و"البافرا" و"الينيجه"، وسواها من أسماء علب التبغ المصنّع في الريجي. وكمثل صناعته البيتيّة والعائلية، كانت أعمال توزيع علب التبغ وبيعها والإتجار بها شائعة بين أهالي الضيعة، الذين لم يستجيبوا للقانون الجديد الذي فرضته الريجي، فاحتكرت بموجبه تصنيع التبغ والإتجار به، وحرمتهم حرفةً وتجارةً يعتمدون عليهما في تحصيل شطر من معاشهم.

وكان من الصعب عليهم الامتناع والتخلي، بين ليلة وضحاها، عن صنعةٍ خبروها وتوارثوها وألفوها في حياتهم، وتدّر عليهم ربحاً مالياً، إلى جانب أعمالهم الزراعية الأخرى التي يعتاشون منها ويرتزقون. وكان بعض الأهلين يستخدم لإنجاز خلطات التبغ وتصنيفها ولفّها سجائرَ وتوضيبها في العلب، أُجراءَ يمتلكون خبراتٍ لم تكن متوافرة لدى أفراد هذه العائلة أو تلك في قرى الساحل.

خرقًا لقانون إدارة حصر التبغ والتنباك الجديد، استمر بعض أهالي الشياح وسواها من قرى الساحل في شراء التبغ من مزارعيه، الذين كان عليهم تسليم محاصيله كلها لإدارة الريجي، وفق القانون الجديد الذي راح بعضهم يخرقه، فيبيع في السِّر والخفاء جزءًا من محصول تبغه، لمشترين، يخرقون بدورهم القانون، ويهرّبون إلى بيوتهم كميات التبغ التي اشتروها من مزارعيه.

وفي السِّر والخفاء استمر بعض الأهالي قرى الساحل في تصنيع التبغ المهرب في بيوتهم، رغم مداهمات رجال الدرك الذين كان بعضهم يرتشي لقاء غضّه الطرف عن هذه الصناعة البيتية السرية المحظّرة. وفي السِّر والخفاء كان الأهالي يبيعون علب تبغهم "التهريب"، "تحت الطاولة" في لغة ذلك الزمان. وحتى الخمسينات من القرن العشرين استمرت هاتان الصناعة والتجارة السريتان في بيوت أهالي الشياح.

حرير الغرباء
إلى جانب صناعة التبغ البيتّة وبيعه في العلن قبل إنشاء الريجي، وفي السر وتهريبًا بعد إنشائها، كانت تربية دود القز أو الحرير عامرةً وموردًا للعيش في الشياح، كما في سائر قرى ساحل المتن الجنوبي، عندما كان الراوي طفلا بعدُ. وهو يتذكر أن تجارَ الحريرٍ غالبًا ما كانوا غرباء، ولا يدري أو يعي من أين يأتون إلى بيت جده لشراء موسم الشرانق بعد قطفها. لكن جده، وسواه من مربّي يرقات القز في غرف خشبية قرب بيوتهم، كانوا أيضًا يحملون شرانقهم ويذهبون لبيعها من أصحاب مصانع الحرير (الكرخانات) في جبل لبنان.

كان جده يغيب أياما قبل عودته من رحلته، فيروي لحفيده الراوي كيف رأى عمالًا وعاملات في المصانع يضعون الشرانق في مراجل كبيرة مليئة بماء ساخن، لحلها وتحويلها خيوط حرير طبيعي، فيما تموت اليرقات المتشرنقة في نواة الخيوط. وبيده البطيئة الحركة بطء ذلك الزمان، أشار جده إلى شجرات التوت القريبة من بيتهم، جوابًا منه على سؤال حفيده مرة عن مصدر الخيوط التي تنسجها حولها اليرقات وتتشرنق فيها. وفي رحلاتهم لبيع الشرانق كان مزارعو قرى الساحل يشترون يرقاتها الميتة في المراجل، ويستعملونها، مع سلح الدجاج وروث الأبقار، سمادًا حيوانيًا طبيعيًا لمزروعاتهم من الخضر في مساكبهم وحقولهم القريبة من البيوت، وللأشجار المثمرة في البساتين.

توسع زراعة الخضر
استمر تراجع صناعة التبغ البيتيّة السرية وتربية دود الحرير سنوات، قبل تسارع انهيارهما واختفائهما اختفاء تامًا في نهايات أربعينات القرن العشرين. لكن تربية الأبقار استمرت على حالها مصدرًا أساسيًا من مصادر عيش كثرة من الأهالي المقيمين على نمط حياتهم الريفية الزراعية شبه الاكتفائية. واختفاء الزراعتين الصناعيتين الكلي، حمل أهالي قرى الساحل على التحول من زراعة الخضر على نطاق ضيق وللاستهلاك البيتي، إلى زراعتها على نطاق واسع في أرضهم التي حوّلوها جنائن خصبة ومنتجة لأنواع كثيرة من خضر، راحوا يبيعون مواسمها في أسواق بيروت.

وروى كزما أن زراعة الخضر على نطاق يتجاوز متطلبات استهلاكها البيتي والعائلي إلى النطاق التجاري، احتاجت جهدًا مضنيًا يفوق كثيرًا مردودها المادي البسيط، بل المتدني والضئيل قياسًا إلى الصناعتين الزراعتين البيتيتين السابقتين (شرانق والتبغ) اللتين كانتا توفران لأصحابهما شيئًا من فائضٍ ماديّ يميّزهم عن سواهم، ويجعلهم على شيء من اليسر في مقاييس تلك الأيام.

وكان التأقلم مع التحول إلى زراعة الخضر وضآلة عائدها المادي، أقل صعوبة على مسلمي الشياح الشيعة، مما على مسيحييها الذين كان عددهم يتناقص في نواحيها وجهاتها، نتيجة موجات هجرتهم الداخلية والخارجية المتلاحقة على إيقاع انهيار صناعة الحرير في الثلاثينات.

الغبيري وحي المصبغة
كانت الشياح قرية ساحلية تشمل نواح بتسميات جغرافية وجهوية، ريفية ومحلية، كالطيونة والغبيري في شمالها الغربي، وعين الرمانة في جنوبها الشرقي. ومع تزايد المهاجرين من مناطق وطوائف متباينة إلى تلك النواحي، اتخذت هذه التسميات صبغة طائفية ظهرت ملامحها في تنظيمها البلدي، وفي طبيعة مجتمعها الأهلي المحلي.

فالغبيري التي تكاثر فيها المهاجرون الشيعة الجنوبيون والبعلبكيون، انفصلت بلديًا عن الشياح، واختلفت عنها في تكوينها العمراني، الأهلي والاجتماعي. والحي السكني المعروف بالمصبغة في الغبيري، شكل أحد النماذج الأولى لنشوء العمران العشوائي والسكن القرابي لما سيصير ضاحية بيروت الجنوبية. وقد يكون نشوؤه مرتبطًا بتشغيل ميدان سباق الخيل مطلع الثلاثينات في جهة من حرج بيروت القريب من طرف الشياح الغربي. فالدفعة الأولى من النازلين في حي المصبغة كانوا بعلبكيين عملوا سيّاس خيل في ميدان السباق وفي اسطبلات الخيول التي انتشرت كثيفة في الغبيري وعلى أطراف الشياح، لا سيما في الطيونة. وفي الخمسينات توسع هذا الحي، مع تزايد نزول البعلبكيين والجنوبيين فيه.

وما كان سكان الشياح "الأصليون" يسمونه "تخاشيب" - وهي غرف أو أكواخ خشبية أقامها أولئك السكان على أرض زراعية لا تتجاوز مساحتها المئتين من الأمتار المربعة، وأجروها من قدامى المهاجرين البعلبكيين، واشترى بعض الوافدين البعلبكيين والجنوبيين قطعًا صغيرة منها - تحولت غرفًا إسمنتيّة ومساكن صغيرة فوضوية البناء والإنشاء، وتتألف من طبقة أو اثنتين أو ثلاث، متراكبة ومتداخلة، تفصل بينها أزقة وزواريب ضيقة. وعلى هذا النحو توسع حي المصبغة في الغبيري المنفصلة بلديًا عن الشياح، فصار نموذجًا للسكن الفوضوي الكثيف، القرابي والعشائري، ويشبه عمران حي آل المقداد في طرف حارة حريك الشمالي الشرقي، ويتصل به.

حقول عين الرمانة
في المقابل، ظلت عين الرمانة تتميز حتى مطالع الخمسينات في أنها مساحة واسعة من الحقول والبساتين المثمرة المتصلة، والتي يندر فيها البناء والسكن الريفيان، شأنها في هذا شأن محلة بدارو المتاخمة لها والمتصلة ببلدة فرن الشباك.
والدليل إلى ندرة البناء والسكن الريفيين في عين الرمانة وبدارو، خلوهما من البيوت القديمة المنفردة والمشيّدة على الطراز المعماري التقليدي لسكن العائلات المحلية، على خلاف حضورها في حارة حريك والشياح وبرج البراجنة، قبل أن تزيلهما الهبّة العقارية وتجارة البناء الجاهز بعماراته الكثيرة الطبقات.
وتأخر بدء الهبّة العقارية وتشييد البنايات في عين الرمانة وبدارو، الى ما بعد "نكبة فلسطين" (1948)، وحدوث الانقلابات العسكرية في مصر وسوريا والعراق، ونزوح أصحاب الثروات والرساميل من هذه البلدان إلى لبنان، هربًا من التأميم والمصادرة، وخصوصًا المسيحيين منهم، أولئك الذين استثمر بعضهم أمواله في قطاع البناء في عين الرمانة وبدارو.

بدارو وصرخات "فاليزير"
ليس من قبيل المصادفة أن تستمد محلة بدارو اسمها من اسم عائلة غبريال بدارو، الفلسطيني أو السوري، المسيحي المتلبنن والحائز على الجنسية اللبنانية، ومؤسس مصنع "فاليزير" في الأراضي الزراعية بين عين الرمانة وفرن الشباك. "فاليزير" هي الماركة الشهيرة للألبسة الداخلية النسائية (اللانجري)، والتي شاعت إعلاناتها في الصحف ومحطة التلفزيون اللبنانية في الخمسينات والستينات.
وفي الستينات راحت زمرٌ من فتيان الشوارع الناشئين في حي المصبغة والشياح، تغير على ذلك المصنع في أمسيات عطل نهايات الأسابيع. كانت تُلهِبُ غاراتَهم تلك رغباتُهم ومخيلاتهم الجنسية الفائرة جوعًا شبِقًا وعنيفًا يطلقونه محمومًا على الصور ونحو الصور. أي صور؟ صور أجساد فتيات الإعلان التلفزيوني العاريات (بالأسود والابيض) إلا من السوتيانات والكيلوتات المثيرة من ماركة "فاليزير".
وكانت صرخات الفتيان: "فاليزير، فاليزير، فاليزير"، تتردد في أمسيات السبت والأحد مع تشاتمهم في شوارع الشياح، فيما هم عائدون من غاراتهم على المصنع في بدارو القريبة. لكن على ماذا كانوا يغيرون؟ ليس على الألبسة النسائية الداخلية التي ينتجها المصنع، وكان بعضهم يبيعها على بسطات صغيرة ينقّلها في سوق سرسق الشعبية في وسط بيروت القديم. فهذه، أي ثياب النساء الداخلية التي كان ملمسها الناعم يصعقهم ويطلق شبقهم المسرحي واللفظي الداعر، كان يستحيل عليهم الوصول إليها في المصنع المحكم الإقفال في بدارو. لذا كان يعودون من غاراتهم عليه حاملين بكراتٍ من خيوط نسيج "فاليزير" المتروكة والمهملة في مستودع المصنع المكشوف الذي يتسلّقون جدرانه المسيجة باسلاك شائكة، كانت تجرح أجسام بعضهم وتدميها. كأن دمهم الذي كان ينزّ من تلك الجروح الصغيرة، هو دم شهوتهم النازفة جوعًا الى مصنوعات "فاليزير" الناعمة.
وعندما أطلق الأخوان رحباني في صوت فيروز أغنية "طيري يا طيارة طيري/يا ورق وخيطان/بدي إرجع بنت زغيري/على سطح الجيران"، كان فتيان شوارع حي المصبغة والشياح قد كبروا، وزادت خشونة أجسامهم وأصواتهم، فيما هم يتعاركون عراكًا عنيفًا، أثناء إطلاقهم طيّارات الورق، عاليًا عاليًا، في الفسحات الخالية حول حرج بيروت، مستعملين في طيرانها الخيطان المتينة الملتفة على البكرات التي سرقوها في غاراتهم الدامية على مصنع "فاليزير" القريب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها