الثلاثاء 2020/01/07

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

خطة باسيل لإنقاذ البلد: قاطعوا مترو المدينة

الثلاثاء 2020/01/07
خطة باسيل لإنقاذ البلد: قاطعوا مترو المدينة
المترو وناسها جزء من هذه الجموع المنتفضة التي تكرهها السلطة (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

لنتخيّل مشهداً صباحياً لأحد مناصري التيار الوطني الحرّ. يستيقظ من تخته البرتقالي، يغسل أسنانه بفرشاته البرتقالية، يحضّر قهوته في فنجانه البرتقالي، يجلس على الكنبة البرتقالية ويفتح التلفاز على محطة الليمونة باللون البنفسجي. التبست الألوان لكن لا مشكلة. يفتح التلفاز، فيطلّ عليه خبر التيار وطلبه من كل مناصريه مقاطعة كل العروض في مترو المدينة، لكونها "فقدت قيمتها الثقافية والحضارية وتحوّلت إلى منصة للشتائم".

ترك التيار الوطني الحرّ أزمة العهد وتشكيل الحكومة، وانشغل بمترو المدينة. وقريباً قد "يتفضّى" التيار، قيادةً وجمهوراً، للقصاص من كل معترض وكل من هتف ضد جبران باسيل وغيره من قيادات الزمرة الحاكمة. ولو يتسنّى للتيار الثأر من هذه الجموع اليوم، لفعل ذلك قبل الغد. وفي الأساس حملات الثورة المضادة بدأت فعلاً وتجلت في سياقات مختلفة؛ عبر الاستدعاءات إلى مكاتب التحقيق حيناً، وفي الدعاوى القضائية حيناً آخر، أو الترويج لحملات التخوين والترهيب، في مستوى آخر من الهيستيريا التي تجتاح جماهير الأحزاب والطوائف. فهذه الأحزاب وجماهيرها، والتيار منها طبعاً، تكره الثورات وما فيها من كسر للقيود والخطوط الحمراء الوهمية، التي رسمتها بنفسها بلغة الحرب. تريد إقناعنا مثلاً أنّ الشتم عيب، لكن قتل الناس في حروب الدفاع عن المصالح والمناصب مسلّمات وطنية ومن أشكال السلم الأهلي. هذه الأحزاب وجماهيرها تكره كل شيء لا تتحكّم بقواعد لعبته، والثورة منها.

هيلا هو
لا يزال هتاف "هيلا هو" يصيب السلطة بسهامه أينما حلّ. واعتماده شعاراً لثورة 17 تشرين مناسب، إذ يتماشى مع قطع الطرقات والمقار الرسمية وإخراج الطلاب من مدارسهم والتعبير عن الواقع في الكثير من محطات الثورة. لحن أخاذ وبسيط من تسعة مقاطع صوتية يلائم أي مطلب. صيغته الأساسية موجهة ضد جبران باسيل كممثل فعلي للعهد والسلطة. قبل الثورة يتعامل من موقعه على هذا الأساس، ولا يزال. ولأنّ الثورة مستمرة، ولكون أزلام السلطة على حالهم من التفنّن في المحاصصة والفساد، يستمرّ الهتاف بوتيرة متفاوتة في التبلور. وبات يُنشد في أي مناسبة وأينما كان، بين الرفقة وعلى الطرقات وفي السيارات والمقاهي والحانات. فكان ترداد "هيلا هو" في أمسية خلال العيد الثامن لمترو المدينة أمراً أكثر من طبيعي. وإضافة إلى هذا الهتاف، ردّدت الجموع تلك الليلة العديد من الأغاني الناقدة للسلطة والفساد. غنوا لـ"الطفل المعجزة" (روح قول لعمك روح قول له: يا عمّي الراحل جاني وأنا أهرب منه فين) وللبلد المديون وعبّروا عن خوف الناس وغضبهم.

جوّ المترو
منذ اليوم الأول للثورة، كان ما يُعرف بـ"جو المترو" مشاركاً في ساحات الاعتصام. قبل الثورة كانوا يقدّمون مساحة رحبة للجميع بعيدة عن كل الفيروسات الاجتماعية والموسيقية والفنية التي أكلت المدينة. يعطون نموذجاً جديداً من العروض والأغاني السياسية المفقودة في البلد. ومع الثورة شاركت هذه المجموعات بتلقائية في قطع الطرقات والمسيرات والاعتصامات في المصارف وغيرها. هم جزء فاعل من حركة الشارع، وظفّ مواهبه في العزف والغناء وساروا مع الناس. غنّوا ضد السلطة والقمع والفساد، ونزلوا إلى الميدان انسجاماً مع قناعاتهم وما يعبّرون عنه. هم ليسوا بحاجة إلى شهادة من أحد ولا إلى فحص أخلاقي من أي جهة لا في السلطة ولا خارجها. المترو وناسها جزء من هذه الجموع المنتفضة التي تكرهها السلطة مع أو من دون مبرّر. وبالأخص لكونه "جوّاً" لا يمكن ضبطه ولا التحكّم فيه وقيادته كما تشتهي ماكينات السلطة وغوبلز-اتها. يريد التيار الوطني الحرّ وأنصاره مقاطعة الأمسيات في مترو المدينة. قد يكون هذا دافعاً إضافياً للنزول إلى المترو، وهذا إعلان مجاني للمكان بصفته حاضنة دائمة للثورة ومن فيها.

مساحة للجميع
يقول هشام جابر في اتصال "سريع" مع "المدن" إنّ انزعاج العونيين "يبدو أنه من الهتافات، هيك شكله"، مع تأكيده على تمسّكه بحضور جمهور التيار الوطني الحر وغيره من التيارات "علّهم يتعرّفون على جو مختلف". علّهم يخرجون من قوقعة "الليمونة" أو غيرها من شعارات أدوات الإعلام الحزبية. وكتب جابر لاحقاً على "فايسبوك" مشيراً إلى أنّ المترو "لم يكن يوماً منبراً ثقافياً وحضارياً. وهذا حتماً ليس على جدول أعماله في السنوات المقبلة وبأن قلبه كبير ويتسع لجميع البشر بكل اشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم، وبأن جمهوره هو خليط من كل الأطياف عبّر عن مشاعره الغاضبة في بلد منهوب وعلى شفير الهاوية وبأنهم أحلى عالم بالعالم. المشكلة مش بهتاف الجمهور المشكلة بتصغير العقل والحس القمعي العالي الجودة والمشكلة هلق اللي حطيتونا فيها هي إنو كيف بدنا نهدّي الجمهور من اليوم ورايح، مع العلم انو كنا وصلنا لمطرح معن كتير تمام وكانوا شبه مقتنعين إنو يوقفوا هالهتاف، وهيدا الشي بتتحملوا حضرتكن مسؤولية حدوثه مرة تانية أو أكثر. ملاحظة: العالم بلّشت تجوع والبلد فات بالانهيار - بعدك عم تحكيني بالليسترين؟!". 


لا بل يجب التعديل: الناس جاعت وأخذت البلد إلى الانهيار بعد سرقته وأنت تسأل عن الـ"هيلا هو"؟!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها