الجمعة 2020/01/10

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

كارلوس غصن "في دولة اللاقانون" يسلم نفسه للقضاء اللبناني!

الجمعة 2020/01/10
كارلوس غصن "في دولة اللاقانون" يسلم نفسه للقضاء اللبناني!
ترك غصن بسند إقامة ومنع من السفر (Getty)
increase حجم الخط decrease

من لم يلحظ أنّ الشيب اجتاح شعر كارلوس غصن؟ انتهت مفاعيل صبغة شعره خلال إقامته الجبرية في اليابان. ربما كانت الصبغة ممنوعة عنه في ذلك المكان، أو كان يعيش في غرفة بلا مرآة. أو علّه ترك نفسه إرادياً بلا تلوين غرّته، ليؤكد أنه عانى ما عاناه من أسى وظلم وتعب في بلاد النينجا، معنوياً وجسدياُ وروحياً.

اليابان إسرائيل
لن توقف الدولة اللبنانية كارلوس غصن في قضية دخوله إلى إسرائيل ولقائه قيادات إسرائيلية. فهذا الإخبار المقدّم من قبل محامين لن يأخذ طريقه إلى المحكمة العسكرية إلى الآن، خصوصاً مع حجة أنّ القضية ساقطة بمرور الزمن. كما الادعاء عليه في هذا الخصوص ليس بجرم التعامل مع إسرائيل، بل التواصل مع العدو ودخول أراضيه. وهو سيناريو معادٌ على نسق قضية المخرج زياد دويري، الذي أسقط القضاء عنه هذه التهمة بـ"مرور زمن ثلاثي"، أي بفعل مرور ثلاث سنوات على ارتكاب الجرم. أما غصن فدخل أرض العدو عام 2008. فستسقط التهم بـ"مرور زمن عشري"، أي بمرور 10 سنوات، وانتهى الموضوع قضائياً. على أن يبقى فعل زيارة غصن إلى إسرائيل محصوراً بالمفعول السياسي والأخلاقي.

أما في النشرة الحمراء الصادرة عن الإنتربول نتيجة الادّعاء الياباني، فيبدو أنّ ملف غصن يسير في السليم ولصالحه. إذ يشير نص المادة 20 من قانون العقوبات اللبنانية على "تطبيق الشريعة اللبنانية على كل لبناني، فاعلاً كان أو محرضاً أو متدخلاً، أقدم خارج الأراضي اللبنانية على ارتكاب جنحة أو جناية تعاقب عليها الشريعة اللبنانية". وتؤكد المادة 25 منه على أنه "إذا اختلفت الشريعة اللبنانية وشريعة مكان الجرم فللقاضي، عند تطبيقه الشريعة اللبنانية وفاقاً للمادتين 20 و23، أن يراعي هذا الاختلاف لمصلحة المدعى عليه". وتشير المادة 30 منه إلى أنه "لا يسلم أحد إلى دولة أجنبية، فيما خلا الحالات التي نصت عليها أحكام هذا القانون، إلا أن يكون ذلك تطبيقاً لمعاهدة لها قوة القانون". كما أنّ البند الأول من المادة 34 تحمي غصن إذ "يرفض الاسترداد إذا نشأ طلب الاسترداد عن جريمة ذات طابع سياسي، أو ظهر انه لغرض سياسي". وهو الأمر الذي يسوّق له منذ لحظة وصوله إلى بيروت. وتجلّى خلاله إطلالته الإعلامية في اليومين الماضيين، بإشارته إلى أنه كان أسيراً أو معتقلاً سياسياً.

وبناءً على كل هذا، يمكن لغصن أن يبقى في لبنان ومحمياً بقوانينه، على أنه بإمكان الجهات المدعية عليه في اليابان ملاحقته على الأراضي اللبنانية. إلا أنّ ملاحقته قضائياً هنا يستوجب أيضاً إسقاط الدعوى القضائية بحقة في طوكيو، عملاً بالمبدأ القانوني القائل إنه "لا يعاقب الفاعل على فعله مرتين". وتقول الأوساط القانونية في بيروت إنّ لا إجراءات غيابية في القضاء الياباني، وبالتالي يبقى الادعاء عالقاً لحين استعادة المتّهم أو سقوط الادعاء عليه بمرور الزمن. وهي نقطة تسجّل لصالح غصن أيضاً. إذ يبقى بعيداً عن المحاكم اللبنانية أيضاً حتى إسقاط الدعوى في اليابان.

ممنوع من السفر
عملانياً، مثل غصن أمس رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية، العميد موريس ابو زيدان، الذي استمع الى إفادته بإشراف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، حول ما ورد في "النشرة الحمراء" الصادرة في حقه عن القضاء الياباني. وبعد الاطلاع على مضمون الإفادة، قرر عويدات ترك غصن بسند إقامة ومنعه من السفر، وطلب من السلطات اليابانية إيداعه ملف الاسترداد لدراسته واتخاذ الإجراءات اللازمة. كما استجوب عويدات غصن حول الإخبار المقدم ضده من عدد من المحامين في شأن دخوله اسرائيل ولقائه قيادات إسرائيلية، وتركه بسند إقامة. وبذلك يكون غصن أيضاً قد حصّن نفسه على مستويات عدة. أثبت أنه يخضع للقانون وتحت سقفه من جهة، ونال شرف منعه من السفر الذي يوحي من جهة أخرى أنّ القضاء اللبناني يطبّق القانون والإجراءات المطلوبة ولا يتعامل مع قضية غصن باستخفاف وبناءً لاعتبارات خاصة أو بتميّز. مع العلم أنّ فكرة مغادرة غصن الأراضي اللبنانية معدومة، وهو ما أكدّه أساساً خلال مقابلات متلفزة أجريت معه بعد خروجه من قصر العدل.

غصن في السياسة
لم يخيّب زعيم الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، ظنّ العديدين. فكان أول الداعين إلى استثمار لبنان في غصن وإدخاله الصالون السياسي من الباب العريض. فغرّد جنبلاط، كعادته، على تويتر الآتي: "في انتظار الحكم القضائي الياباني الصارم وفي ترقب رأي العدالة في لبنان في دولة اللاقانون في قضية كارلوس غصن اقترح تعينه وزيرا للطاقة ليحل محل العصابة المتحكمة التي سببت هذا العجز الهائل وترفض أي إصلاح. ان كارلوس غصن بنى امبراطورية علّنا نستفيد من خبرته #كارلوس_غصن". وهي دعوة سبق لغصن أن عبّر عن رفضها على الرغم من امتنانه لها. إذ قال إنه غير مهتمّ لأي منصب ويشكر من رشّحه ولو أنه مستعد للمساعدة والمشورة لمساعدة الدولة وقطاعاتها. هو لا يريد الدخول عالم السياسة المحلية ومنشغل بتنظيف سمعته. فأولى متطلبات تنظيف هذه السمعة، الابتعاد عن هذه الطبقة الحاكمة وزعمائها، ولو أنّ ذلك غير ممكن بفعل الترحيب الحار به واحتضانه وحمايته من قضاء اليابان ونشرات الإنتربول.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها