اعتداء في صيدا
وبدأ الشبان والشابات تحركهم الأسبوع الفائت، في نهاية العام المنصرم، ويستمرون في تحركهم وصولاً إلى نيل المواطنين الذين يطلبون المساعدة حقوقهم من المصارف. لكن العام الحالي افتتح بتدخل القوى الأمنية في قمع المحتجين، كما حدث صباح يوم الخميس في مصرف الاعتماد اللبناني، فرع صيدا. فقد دخلت مجموعة من الشبان إلى الفرع المذكور، مع ثلاثة عسكريين متقاعدين، كانوا قد طالبوا المصرف بالحصول على أموال لدفع الأقساط الجامعية لأبنائهم، ولم يستجب المصرف لمطالبهم، فلجأوا إلى المجموعات الشبابية لمساعدتهم.
وعلى عكس المصارف التي رضخت أمام تدخل الحركة الاحتجاجية التي يقوم بها المتظاهرين داخل المصارف، تمنع مدير فرع الاعتماد عن الدفع، مستعيناً بالقوى الأمنية التي انهالت بالضرب على الشبان والشابات. وسقط جراء هذا الاعتداء جريح نقل إلى إحدى مستشفيات العاصمة للعلاج ويدعى محمد الحتحوت، بعدما أمعنت القوى الأمنية ركلاً وضرباً بالمتظاهرين، بسبب رفضهم الخروج من المصرف قبل حصول هؤلاء المواطنين على أموالهم. كما اعتقلت القوى الأمنية أحد المحتجين، ونقلته مكبلاً بالأصفاد، كما قال أحد رفاقه، إسماعيل حفوظة، لـ"المدن".
لكن المحتجين رفضوا هذا الإبتزاز واستمروا في اعتصامهم داخل المصرف، كما أكد حفوظة، ورضخ مدير الفرع وسلم المواطنين أموالهم التي طلبوها.
عنف في النبطية
بالموازاة، دخلت مجموعة أخرى من الشبان والشابات إلى فرع مصرف عودة في صيدا، ورضخ مدير الفرع مسلّماً أحد المواطنين مبلغ 4 آلاف دولار، عبارة عن شيك مصرفي تمنع المصرف عن تسليمه منذ قرابة الشهر لأحد المودعين. فلجأ الأخير إلى المجموعات الشبابية وساعدته على استرداد أمواله.
وتعليقاً على بيان اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان، الذي اعتبر أن التحرك الاحتجاجي الذي يقوم به الشبان والشابات لتحصيل المواطنين أموالهم من المصارف، عبارة عن "مشاغبين" يتلطون خلف "الحراك الشعبي" لتنفيذ أجندات سياسية، قال حفوظة أن التحركات التي تقوم بها المجموعات الشبابية أتت بسبب إجراءات المصارف. فالمطلوب من المصارف تطبيق القانون وعدم التلاعب بمصير المودعين.
أمام لجوء المصارف إلى القوى الأمنية لقمع هذه الاحتجاجات، تصر المجموعات الشبابية على هذا النوع الجديد من التحركات السلمية. واحتجاجاً على الاعتداء الذي حصل في بنك الاعتماد اللبناني، تنفذ المجموعات الشبابية في صيدا وقفة احتجاجية أمام المصرف غداً الجمعة في 3 كانون الثاني.
وشمل تدخل القوى الأمنية بعنف ضد المحتجين منطقة النبطية، إذ وقع إشكال صباح الخميس بين عدد من المودعين وإدارة مصرف في المدينة، بعد رفضها دفع مستحقات بعض المودعين. وأقدم أحد الموظفين على إقفال أبواب المصرف، وتجمع المودعون عند المدخل، فتحركت مجموعة من "حراك النبطية" لخلع باب المدخل، فوقع الإشكال.
المودعون في أمكنة أخرى لم ينتظروا المجموعات الشبابية. إذ أقدم شخصان على افتراش الأرض في فرع بنك بحر الأبيض المتوسط في كورنيش المزرعة، ورفضا ترك المكان قبل الحصول على أموالهما.
سياسة قمعية مصرفية
المجموعات الشبابية تصر على تحركها السلمي، وأنشأت مجموعات على منصات المحادثة الفورية، لدعوة المتضررين إلى إبلاغها للتحرك معها، طالما أن الدولة غائبة وتقحم القوى الأمنية في الدفاع عن المصارف وأصحابها.
ويبدو من خلال تدخل القوى الأمنية في قمع المحتجين السلميين داخل المصارف، أن أصحاب المصارف باتوا أشبه بدولة داخل الدولة. إذ لديهم الجرأة على خرق قانون النقد والتسليف وتطبيق إجراءات غير قانونية يحتجزون بموجبها على أموال اللبنانيين، وفي الوقت نفسه تتجرأ على الطلب من القوى الأمنية التدخل لقمع الاحتجاجات السلمية التي ينفذها المتظاهرون. فبعد القمع الذي تعرض له المتظاهرون جراء إقفال الطرق، الذي هدف إلى حرمان المنتفضين وسيلة ضغط لشل حركة الدولة، ها هم أصحاب المصارف يستقوون برجال القوى الأمنية لوقف موجة الاحتجاجات الجديدة، التي ابتكرها المتظاهرون للاحتجاج على الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية، التي يعيشها اللبنانيون منذ اندلاع ثورة 17 تشرين.
كما أن بيان اتحاد نقابات موظفي المصارف الذي هدد بالإضراب يأتي في السياق ذاته، ما يجعل من الاحتجاج داخل المصارف ذريعة لتتوقف المصارف عن خدمة الزبائن والتصدق عليهم بمئة دولار من أموالهم الخاصة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها