الجمعة 2019/05/24

آخر تحديث: 01:06 (بيروت)

عن حق المرأة اللبنانية بمنح الجنسية: كلودين تنافس باسيل

الجمعة 2019/05/24
عن حق المرأة اللبنانية بمنح الجنسية: كلودين تنافس باسيل
الاقتراح مجحف بحق النساء ويكرّس التمييز بين النساء والرجال (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
لحسن حظ السيّدة نادرة دعبول أنّها اقترنت برجل يحمل الجنسيّة الأميركيّة، منذ قرابة الثلاثة والثلاثين عاماً، فحاز ولداها على نحو تلقائي على جنسية زوجها، التي يحلم بها أكبر المسؤولين في الدولة، ومعظم اللبنانيين، بمن فيهم معظم أعضاء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وعلى رأسهم السيّدة كلودين عون ربما. فالاقتراح الذي رفعته الهيئة قبل يومين إلى رئيس مجلس الوزراء، بهدف حصول أولاد المرأة اللبنانية على الجنسية اللبنانية، "ظالم بحق المرأة اللبنانية ويكرّس الإجحاف بحقّها وكأنّها مواطنة من الدرجة الثانية"، كما وصفته دعبول في حديثها إلى"المدن".

ففي حالة دعبول ستظلم النساء مرتين، أولاً، لأنها  لن تتمكّن من منح زوجها الجنسية، كون اقتراح الهيئة استثنى الأزواج. وثانياً، لأنها لن تتمكّن من منح ولديها الجنسية لكون الاقتراح استثنى البالغين! فأولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي، الذين بلغوا الثمانية عشرة عاماً قبل نفاذ القانون لا يستحقون الجنسية، بل يمنحون "بطاقة خضراء". هي بمثابة بطاقة لجوء في انتظار الحصول على جنسية لن تأتي. هذا فضلاً عن كون الاقتراح سيؤدي إلى تكريس حالة لجوء عجيبة داخل البيت الواحد، حيث الأطفال لبنانيون والبالغون لاجئون.

اقتراح الهيئة
ينطلق اقتراح الهيئة الذي حصلت "المدن" على نسخته النهائية، من "موجبات قانونية" استُند فيها إلى "مقدمة الدستور التي تكرّس في الفقرة "ج" مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل؛ ومن نصّ المادة 7 من الدستور التي تنصّ على أنّ كلّ اللبنانيين "سواء لدى القانون، وهم يتمتّعون بالسواء بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، ويتحمّلون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم". لكن وفي تناقض تام مع هذه الموجبات لم يلحظ حق المرأة بمنح الجنسية للزوج الأجنبي، بل خصّص للأولاد وحسب، مكرّساً حالة تمييز عجيبة بينهم. وبموجبه يحصل أولاد الأم اللبنانية المقترنة بأجنبي والقاصرون حصراً، على الجنسية اللبنانية تلقائياً. "أما البالغون منهم، فلهم الحق بالحصول على البطاقة الخضراء التي تولي حاملها الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية كافة التي يتمتّع بها اللبنانيون، باستثناء الحقوق السياسية وحق تولي الوظائف العامة على اختلافها، وحق تملّك الحقوق العينيّة العقاريّة، إلاّ من خلال قانون اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينيّة العقاريّة في لبنان". فكيف لهذا الاقتراح الذي ينطلق من تلك الموجبات القانونية أن يكرّس التمييز بين المرأة والرجل، وبين أولاد الأم اللبنانية الذين يعيشون تحت سقف واحد أن يبصر النور؟!

لا تعليق
لا ترغب "الهيئة" بالرد على أسئلة الصحافيين عن تفاصيل الاقتراح، وذلك بذريعة عقد مؤتمر صحافي لهذه الغاية الأسبوع المقبل، كما قالت المسؤولة الإعلامية ميشلين مسعد لـ"المدن". وإذ تمنّت على "المدن" عدم التطرّق إلى الموضوع قبل المؤتمر الصحافي، لفتت إلى أنّ الاقتراح يحمل الكثير من الإيجابيات، التي يجب أن تناقش مع جميع الصحافيين والمعنيّين في اللقاء، من دون الحصول على ايضاحات حول هذه الإيجابيات. لم نتمكّن من الحصول على أي استفسار يبدّد مخاوف وهواجس الجمعيات الناشطة في المجتمع المدني في مجال حقوق المرأة وتحديداً بالجنسية.

أسوأ اقتراح
وفق منسقة حملة "جنسيتي" كريمة شبّو، هذا الاقتراح هو أحد أسوأ الاقتراحات المقدّمة في لبنان إلى الساعة، لا سيّما أنه صادر عن هيئة تعنى بشؤون المرأة. فعندما تتقدم أي جهة لتعديل قانون ما بسبب وجود لا مساواة وتمييز، يفترض بالاقتراح أن يلغي اللامساواة، وليس تكريسها، كما هي الحال في اقتراح "الهيئة". وتابعت، كان المطلوب من الأخيرة تقديم اقتراح قانون واضح، يسري علي جميع المواطنين والمواطنات، لا التمييز بينهما. وكان يفترض أن يكون اقتراح الهيئة التي تدّعي رعاية شؤون المرأة أفضل ممّا هو مطروح حالياً، أو أقلّه يوازيه، لا أن ينتهك حقوق النساء ويعيدهم إلى الوراء. بالتالي، من المستغرب إقدام "الهيئة" على هذه الخطوة، خصوصاً أن النائب هادي أبو الحسن والنائبة رولا الطبش تقدم كل منهما باقتراح قانون في هذا الخصوص إلى مجلس النواب منذ أسابيع قليلة، يقوم كل منهما على مبدأ المساواة التامة والكاملة، وقد أخذا باقتراحات المجتمع المدني، بينما ضربت "الهيئة" عرض الحائط كل الاستشارات التي قامت بها مع المجتمع المدني، من دون الأخذ برأيهم، كما شدّدت شبّو. 

للتمييز عنوان
لا يفوّت التيار الوطني الحرّ، أو العونيون فرصة إلّا ويعيدوا تكريس التمييز أو العنصريّة بحق المرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي. فبعد اقتراح الوزير جبران باسيل منح الجنسية لزوج وأولاد المرأة اللبنانية من أجنبي، باستثناء المتزوّجات من سوريّين وفلسطينيّين، ها هي رئيسة "الهيئة" عون تتقدّم باقتراح قانون حصول أولاد المرأة اللبنانية على الجنسية اللبنانية قائم على التمييز بين المرأة والرجل وبين الأولاد. وإذا كانت خطوة عون، تعتبر "ثورية" قياساً باقتراحات صهرها الوزير جبران باسيل، لأنّها لم تميّز بين المتزوجات من الفلسطينيين والسوريين، كما فعل هو، غير أنّ الأكيد أنّ اقتراح "الهيئة" يفترض أن يوضع في مكان واحد، ليس في مجلس النواب ولا مجلس الوزراء، حتماً. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها