الجمعة 2019/05/17

آخر تحديث: 14:23 (بيروت)

"الكنز المفقود" في تنورين: كاهن الرعية سرق الذهب؟

الجمعة 2019/05/17
"الكنز المفقود" في تنورين: كاهن الرعية سرق الذهب؟
وادي عين الراحة في تنورين (الإنترنت)
increase حجم الخط decrease
تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عن "فضيحة"، طالت كاهن رعية تنورين التحتا أ. ص. وأشخاص من آل حرب.
وفي وقائع تلك الفضيحة المفترضة، أنّ شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي قامت بمداهمة ليليّة لدير مار أنطونيوس الأثري، في تنورين التحتا، قضاء البترون، بعد أن وصلتها معلومات عن قيام هؤلاء الأشخاص بتنفيذ حفريات تحت الكنيسة، ونبش قطع ذهبية وأيقونات لبيعها.

شعبة المعلومات
وتناول الناشطون أنّ مجموعة تتألّف من نحو عشرة أشخاص، كانت تواظب على الحفر خلال ساعات الليل، منذ فترة طويلة، إلى أن انتبه أهل القرية إلى ما كان يقوم به هؤلاء. فتمّ إبلاغ "شعبة المعلومات" التي داهمتهم وضبطتهم بـ"الجرم المشهود" ليل الأحد - الإثنين بينما كانوا يحفرون الأرض تحت مذبح الكنيسة. ويدعي هؤلاء الناشطون أنّها المرة الثانية التي يتمّ فيها ضبط الكاهن، لقيامه بأعمال مشابهة في منطقة عين الراحة بتنورين.

في متابعة "المدن" للقضية، كشف بعض أبناء المنطقة عن وجود خلافات سياسيّة وضغائن بين من يوالون الوزير السابق بطرس حرب والأحزاب السياسية في المنطقة، خصوصاً التيار الوطني الحر. وأشاروا إلى أن المسألة يمكن اعتبارها "مكيدة" من رئيس البلدية بهاء حرب ضد الوزير السابق بطرس حرب، نظراً للخلافات السياسية معه، بعد أن كان حليفه سابقاً وانقلب عليه.

الكنيسة: مياه لا ذهب
مصادر كنسية في المنطقة نفت نفياً قاطعاً هذا الخبر. وأكّدت إنّ هذه الشائعات مردها بعض الخلافات السياسية في المنطقة، حيث قام رئيس البلدية بتبليغ شعبة المعلومات عن وجود حفريات في الكنيسة بهدف انتشال أيقونات من الذهب وبيعها. لكن بعد حضور "المعلومات" وتوقيف الكاهن، والتحقيق معه، تبيّن لهم أنّ الخبر عار من الصحة.
وأضاف المصدر أنّ الحفريات التي قام بها خادم الرعية، كانت بهدف تحويل مجرى مياه فاض عن حدّه. ثم تبيّن لخادم الرعية بعد عمليات الحفر من خارج الكنيسة أنّ مجرى النبع يمتد إلى تحتها، وبالتالي هناك ضرورة للحفر من داخلها لمعالجة مشكلة فيضان المياه. ولذا، استعان الكاهن بأبناء المنطقة، الذين قدّموا المساعدة كعمل تطوّعي في فترة بعد الظهر والمساء، نظراً لانشغالاتهم النهارية. وقد أخذ رئيس البلدية هذا الأمر كذريعة للقول إنهم يحفرون ليلاً، للبقاء بعيدين عن أنظار الناس و"إخفاء فعلتهم".
وتابع المصدر الكنسي بالقول: لقد رمم خادم الرعية الدير منذ عشرة أعوام. ولو كان صحيحاً أنّ الذهب موجود فيه أو تحته، لكان بإمكانه سرقته حينها، ومن دون أن يلاحظ أحد..وتمنى المصدر ألا يعطى الأمر أكثر من حجمه.

بطرس حرب و"التيار الوطني"
بدورها استنكرت أوساط الوزير حرب وجود تقصير متعمّد في مجريات التحقيق، أدّت الى إبقاء كاهن عمره 85 سنة، وشخصين معه يتجاوز عمرهما 75 سنة، موقوفين لأكثر من 24 ساعة قيد التحقيق، من دون مذكرة توقيف قانونية. فقد حاول البعض الإيحاء بضرورة التواصل مع اللواء عماد عثمان، للتوسط مع الضابط المعني، بينما كان من المفترض الاتصال بالمدعي العام.
فبعد انتهاء التحقيق الذي أظهر عدم وجود أي شبهة حول الكاهن والأشخاص الذين عاونوه لإصلاح ساقية المياه داخل الكنسية، وقع تقصير من الذين تولوا التحقيق، ولم يجروا الاتصال بالمدعي العام. ما استدعى توقيفهم لـ24 ساعة من دون أي سند قانوني.

11 ليلاً
حاولت "المدن" التواصل أكثر من مرّة مع رئيس البلدية، للوقوف عند رأيه في الاتهامات التي طالته. لكنه لم يجب على هاتفه. غير أنّ مختار تنورين، وليد وهبة، أكّد لـ"المدن" أن ليس لرئيس البلدية شأن بالموضوع، وقال إن "الجماعة ضبطوا بالجرم المشهود من قبل الأجهزة الأمنية، الساعة الحادية عشرة ليلاً".. والمسألة ليست عبارة عن تعدد آراء بين من هم معهم ومن هم ضدهم. وعن إخلاء سبيل الكاهن وبقية الأشخاص بعد التحقيق معهم وتبيان براءتهم، قال: "تدخلت الواسطة والمطران شخصياً للفلفة الموضوع، كما كل شيء في البلد". وأضاف بأنّ الحفريات داخل الدير لإصلاح ساقية المياه كلها ذرائع وأوهام، فالجماعة لديهم سوابق. وهي ليست المرة الأولى التي يحفرون فيها بحثاً عن الذهب.. وحتى لو سألت الصغير والكبير في تنورين، سيشيرون بالإصبع إليهم".

لكل بلدة وقرية لبنانية قصصها العائلية وخلافاتها وضغائنها وخصومتها، التي تمتد حتى إلى داخل الأسرة الواحدة. وغالباً ما يختلط العائلي بالسياسي. كما أن لكل قرية أساطيرها الخاصة وقصصها الغامضة عن حفريات واكتشافات ومغامرات بحث عن "الكنز المفقود". وهذا يسري على تنورين "عاصمة" قضاء البترون، التي تعتبر قرية قياساً بخلافاتها العائلية.
وعلى هذا، ورغم إخلاء سبيل "المتهمين".. ستبقى قصّة "نبش الذهب" متوارثة من جيل إلى آخر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها