وبعد أن احتجوا على هذا القرار، قيل لهم إنّ السفر سيكون محصوراً بالطلاب اللبنانيين، من دون أية توضيحات أخرى. ثمّ طُلب منهم الدخول إلى القاعة وأُجلسوا في الصف الخامس الخلفي، بينما جلس أقرانهم اللبنانيون في الصف الأمامي في قاعة الأونيسكو لبدء الاحتفال.
أما التصرّف الفوقي فكان أثناء التكريم، إذ دُعي الطلاب العشرة الأوائل من غير اللبنانيين للتوجه إلى المنصة عبر ذكر أسمائهم جميعاً، من دون ذكر المرتبة التي حصلوا عليها أو الإشارة إلى أسماء مدارسهم والمشرفين عليهم. وتمّت دعوة وزير التربية والمندوب الإماراتي لأخذ صورة جماعية معهم. ثمّ تبعهم تكريم الطلاب اللبنانيين الذين دعيوا إلى المنصة كل على حدة عبر ذكر اسمه واسم مدرسته واسم المشرف عليه ومرتبته، وصافحوا الوزير والمندوب الإماراتي وأخذوا صوراً منفردة معهما. وحصل الطلاب اللبنانيون على مبلغ ألف دولار، بينما حصل الآخرون على خمسين دولار مضاف إليها مئة دولار كتبرع من اليونسيف. وأضافت المصادر إنّهم اكتفوا بتكريم المدّرسين المشرفين على الطلاب اللبنانيين، أما المدرّسين الفلسطينيين المشرفين فتم إرسال شهاداتهم إلى مدارس الأونروا حيث يعملون.
تقاذف المسؤولية
تقدّم المشرفون الفلسطينيون للاحتجاج لدى وزير التربية، على هامش الاحتفال، فنفى علمه بطبيعة تنظيم الحدث، واعداً بالتحقيق بالمسألة. أما المندوب الإماراتي فقال لهم إنه سيوصّل صوتهم إلى المسؤولين في الإمارات، وبأنه غير مسؤول عن الإجراءات، بل الدولة اللبنانية هي التي حدّدت من يحق لهم السفر إلى دبي والمبلغ الممنوح، وفق المصادر.
وعلى عكس الرواية الفلسطينية، قالت مصادر في وزارة التربية، إنّ الجهات الإماراتية المنظّمة للحدث هي من تشرف على إعداد لائحة الطلاب الفائزين، ويتمّ تبليغ الوزارة بها. ويمنح الطلاب العشرة الأوائل مبلغ ألف دولار، بينما بقية الطلاب الذين يتأهّلون لتصفيات المرحلة الثالثة فمبلغ 250 درهم (أي ما يعادل 50$) وقد تمت الأمور على هذا الأساس. وفي ما يتعلّق بالطلاب العشرة الأوائل من غير اللبنانيين فإضافة إلى 250 درهم تم منح الثلاثة الأوائل منهم مبلغ 150 دولار والسبعة المتبقين مبلغ 100 دولار، مقدمة من اليونيسف. وعن سوء التعامل مع الطلاب غير اللبنانيين، لفتت المصادر إلى أنه خلال تنظيم الاحتفال كان هناك أمور غير محسوبة. إذ تمّ تزويد اللجنة بأسماء الفائزين غير اللبنانيين يوم الاحتفال، من دون ترتيب الدرجات وأسماء المدارس وغيرها من التفاصيل. ونفت المصادر تهمة التمييز العنصري، لأن العشرة الأوائل هذا العام كانوا لبنانيين، ولو كان هناك تلميذ من غير اللبنانيين يستحق السفر لكان التحق بأقرانه. فالسنة الفائتة فاز طفل سوري اسمه حاتم عفارة، وحلّ بين العشرة الأوائل، وتكفّلت الوزارة بتنظيم أوراق سفره. لكنه اعتذر بسبب عدم حصوله على وثيقة السفر.
سوء النية
وتعليقاً على كلام وزارة التربية، اعتبرت مصادر الأونروا أنّ سوء النيّة واضح لدى المنظّمين في وزارة التربية، لأنّه تمّ تبليغهم بأسماء الفائزين الفلسطينيين من دون المرتبة التي حصلوا عليها في الحادي عشر من الجاري، أي قبل الاحتفال بأربعة أيام، وهذا يدحض الادعاء بتسلّمهم الأسماء من الإماراتيين يوم الاحتفال. وقالت إنّ التناقض واضح في التبريرات، لأنّ تعميماً كان قد صدر عن وزارة التربية يفيد بأنّ الفائزين سيتوزّعون على لائحتين، واحدة للطلاب اللبنانيين العشرة الأوائل، وأخرى مماثلة للفلسطينيين ولجنسيّات عربية أخرى. لكن لم يقل أحد إنّ إجراءات السفر وقيمة الجائزة ستكون مختلفة بين الطلاب اللبنانيين وغيرهم من الجنسيات. فبعد رفض الوكالة المشاركة بسبب التمييز بحق الفلسطينيين العام الفائت، كونه كان من بين الفائزين العشرة فلسطينيان لم يسمح لهما بالسفر، تمّ اتخاذ إجراء وصدر تعميم لتنظيم لائحتين منفصلتين للطلاب، على اعتبار أنّ هدفه تلافي الإشكاليات التي حصلت في السنوات السابقة، وشاركت الأونروا على هذا الأساس.
على عاتق الوزير
في السابق لم يلجأ الفلسطينيون إلى الإعلام لفضح هذا التمييز بحقهم، وظنّ المنظّمون أنهم بتقاضيهم "مكرمة اليونسيف" سيسكتون هذا العام. لكن تعرّضهم لهذا الخداع الفاضح والتمييز العنصري البغيض جعلهم يرفعون الصوت، وفق المصادر. وأضافت الأخيرة، إنّ الأهالي قدّموا احتجاجاً لدى السفير الفلسطيني، ولدى مدير عام الأونروا في لبنان، كلاوديو كوردوني، ووعدهم بمتابعة القضية مع الجهات اللبنانية والإماراتية. وتلافياً للإحراج الذي وقعت فيه الأونروا أمام طلابها، كرّم كوردوني الطلاب الفلسطينيين الفائزين بحضور ذويهم في احتفال خاص.
عنصرية القوانين اللبنانية تلاحق الفلسطينيين أينما حلّوا، في معاشهم وعملهم وممتلكاتهم، لتطال هذه المرّة طلاب المدارس الأطفال. ووزير التربية أكرم شهيّب، الاشتراكي والتقدّمي الذي يعتبر حزبه أحد أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية، لا علم له ببروتوكولات تنظيم الاحتفال وبعيد كل البعد عن التصرفات العنصرية. ومصادره أكّدت أن تنظيم الجائزة واختيار الفائزين تمّ من قبل الإماراتيين من ألفها إلى يائها، وأنهم ينسّقون مع الوزارة من خلال بعض الموظفين. وأي سوء تفاهم حصل في تنظيم الحفل يقع على عاتق الجهات الإماراتية المنظّمة. لكن، وبعيداً من التصرّفات العنصريّة، ثمة من خدع المشرفين الفلسطينيين في المنظمة الدولية، وأقنعهم أنّ تلك التعاميم وضعت لصالحهم، فهل يبحث عنهم شهيّب في وزارته؟
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها