الأحد 2019/04/21

آخر تحديث: 00:05 (بيروت)

حومين الفوقا ترفد نهر الزهراني بأطنان من النفايات

الأحد 2019/04/21
increase حجم الخط decrease
هي كارثة بيئية وإنسانية على حد سواء. ليس في الأمر مبالغة. لقد تحوّل أحد الوديان، الذي يفترض أن يرفد نهر الزهراني بمتساقطاته وجداوله، إلى مكبّ ضخم من النفايات الناجمة عن بلدية حومين الفوقا. وبفعل الأمطار الغزيرة التي هطلت في اليومين الفائتين، استحال المكبّ إلى "نبع" من النفايات يصبّ في نهر الزهراني بقاذوراته وعصارته الآسنة، عوضاً عن مياه الشتاء. ووصل سيل النفايات العارم إلى مزرعة دجاج، فقضت على نحو ثلاثة آلاف طير.. هي كارثة، لا بل جريمة بحق الطبيعة تدمّر البيئة، شجراً ومياهاً وإنساناً، كما قال الناشط البيئي في بلدة دير الزهراني قاسم طفيلي، في صرخة مدوّية أطلقها عبر "المدن".


الآتي أعظم
صرخة الطفيلي ليست بسبب تضرّر بلدته دير الزهراني، التي يمر نهر الزهراني بجانبها، بل لكونه في الأساس ناشط بيئي في الجنوب، ويرى الكارثة البيئية التي تزحف إلى المنطقة رويداً رويداً، في حال عدم المسارعة لوضع حلول بيئية. فبفعل ارتفاع عدد السكان في السنوات السابقة، وارتفاع المساحات المبنية، التي لم تترافق مع مخططات لمعالجة النفايات والصرف الصحي، باتت منطقة إقليم التفاح وقرى قضاء النبطية المطلة على النهر، في مهب كارثة لن تقتصر على تلويث النهر، بل ستطال صحّة جميع سكان المنطقة، كما قال طفيلي. والوديان التي يمرّ بها نهر الزهراني غنية بالأشجار والخضار، وتمتاز ببيئة من الأجمل في المنطقة. أما النهر الذي امتاز بمياهه الصافية وكان يستقطب الناس لممارسة هواية السباحة منذ عقدين من الزمن، ثم أصبح مقصداً لأبناء جميع القرى المجاورة للتنزّه ربيعاً بفعل شحّ المياه، بات حالياً عبارة مكب ضخم للنفايات، التي تصبّ عصارتها في مياهه، واستحال قناة ضخمة للمجارير الآتية من البلدة وبقية القرى المجاورة أيضاً.

حجج البلدية
رئيس بلدية حومين الفوقا، فادي نعمة، أكّد أن حال بلدته مثل حال جميع البلديات في لبنان، التي تعمد إلى تجميع نفاياتها في خراج البلدات، وتحوّل مجاريرها إلى الوديان، من دون وجود محطات تكرير. ومكب النفايات في بلدته عمره أكثر من عشرين عاماً. وكانت مجالس البلدية السابقة تلجأ إلى الحرق، لكن مدعي العام البيئي منع هذا الأمر، فتراكمت النفايات حالياً. وبسبب غزارة الشتاء، التي كانت كثيفة في اليومين السابقين، جرفت المياه النفايات وألقت بها في الوادي. وقد سدّت مسارب المياه عند مزرعة الطيور، التي اعتبر نعمة أن بناءها مخالف للقانون، كونها شيّدت فوق أقنية المياه المؤدية للنهر، فأدى ضغط المياه إلى تحطم جدران المزرعة وأتت على آلاف الدواجن. وعندما عمدت البلدية إلى فتح مسرب المياه تسرّبت النفايات مع المياه ووصلت إلى نهر الزهراني. وإذ شدد على أن البلدية ستعوّض الخسارة على صاحب المزرعة، لفت إلى أن حل مشكلة النفايات لن يتمّ إلا بفتح معمل الفرز في الكفور. فحسب القانون، يجب أن ترسل البلدة نفاياتها إلى هذا المعمل، لكنه ما زال معطلاً، رغم أنه لُزّم لشركة معمار، وذلك بسبب بعض الخلافات على كيفية ردم العوادم. 

تدبير للمحارق؟
وإذ ألقى طفيلي المسؤولية على عاتق اتحاد بلديات إقليم التفاح، التي تتبع له بلدة حومين الفوقا والتي تسببت بهذا الجرف الكبير من النفايات، شكّك في أن يكون ما يحدث مدبّراً، لتمرير مشاريع بناء محارق في المنطقة، كحلّ وحيد لأزمة النفايات. فبعد إقفال معمل الفرز في بلدة الكفور، بات هناك أكثر من عشرين مكباً للنفايات في محافظة النبطية. وصحيح أن بلدة حومين لم تكن تستفيد من مكب الكفور، لكن انتشار المكبات العشوائية فيها، وسيل النفايات الذي وصل إلى نهر الزهراني، يشي بأن هناك محاولة لإقناع الناس بأن استقدام المحارق هو الحل الوحيد، خصوصاً في ظل عدم وجود نوايا لمعالجة النفايات بطرق صحية وعبر الفرز من المصدر. وإذ وضع المسألة في عهدة اتحاد بلديات إقليم التفاح، دعا أيضاً اتحاد بلديات النبطية الشقيف إلى اتخاذ قرار جريء لمعالجة مشكلة النفايات، خصوصاً أنه مع قدوم شهر رمضان ستتفاقم الأزمة بشكل كبير بفعل ارتفاع الاستهلاك، وما سينتج عنها من نفايات إضافية.

البيئة ستتحرّك بعد الأعياد
تواصلت "المدن" مع مستشار وزير البيئة، شاكر نون، وأكّد أن الطفيلي تواصل معهم وطلبوا منه الدلائل حول تضرر المزرعة كي يقومون باللازم. وطلب من "المدن" تزويده بالصور واسم المنطقة. وتمّ ذلك. واعتبر أنه "يجب إيجاد حل لمطمر الكفور. ووجوده ضرورياً، خصوصاً أن كلفته أقل بالتأكيد من المكبات العشوائية التي نرى نتائجها". أما "الحل النهائي فهو بانتقال الإشراف على كامل قطاع معالجة النفايات إلى الهيئة المنشأة حديثا، التي تضم الوزارات المعنية كافّة، والتي ستعقد أول اجتماعاتها في الأسبوع المقبل. فتخرج إدارة المنشآت من المحاصصات السياسية الضيقة وتتبع استراتيجية وطنية شاملة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها