الأربعاء 2019/04/10

آخر تحديث: 00:36 (بيروت)

"المنطقة الاقتصادية" في البترون: ليس لطرابلس باسيلها

الأربعاء 2019/04/10
"المنطقة الاقتصادية" في البترون: ليس لطرابلس باسيلها
تقع المنطقة الاقتصادية بطرابلس بجوار مكب النفايات والمسلخ وسوق الخضرة ومحطة تكرير المجارير! (Getty)
increase حجم الخط decrease

بين طرابلس والبترون، ثمّة صراعٌ اقتصاديّ ومناطقي، بدأت تتضّح ملامحه، منذ أن أقرّت اللجان النيابية المشتركة، في آذار الماضي، اقتراح قانون إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة، في مدينتي صور والبترون. الصراع في صيغته المطروحة، يصبّ في مصلحة البترون حتمًا، فيما الأصوات الصاعدة من طرابلس، تصرخ اعتراضًا على مظلومتيها، وحسرتها أنّها لا تملك "جبرانًا" يحرص على مصلحتها ويضع مطالبها على سلّم أولوياته.

الطعنة
أولى "الصرخات" الرسمية، خرجت من لسان النائب محمد كبارة، حين وصف اقتراح قانون المنطقة الاقتصاد في البترون بـ "الطعنة" للمنطقة الاقتصادية في طرابلس، وأنّ تعدد المناطق الاقتصادية، سيحوّل فكرتها إلى ما يشبه "السوبرماركت". أمّا وزير الخارجية جبران باسيل، فتباهى بما اعتبره إنجازًا، مباركًا لمسقط رأسه البترون، ومذكرًا أنه لا يُلام إذا حثّ وطالب، بعد أن أقرّت المنطقة الاقتصادية في طرابلس من العام 2008، من دون أن "تقلّع" حتّى الآن.

أمّا الإشكالية المطروحة من الجبهة الطرابلسية، هو أن منطقةً اقتصادية في البترون، تقع على بُعد كيلومترات قليلة من طرابلس، ستقضي على "حلمها" بانطلاق منطقتها الاقتصادية، المنتظرة منذ أكثر من عشر سنوات، بعد أن واجهت عقبات كثيرة. فما حقيقة ذلك؟

البترون والمعلوماتية
فيما لا يزال الخلاف قائمًا في البترون، مع الرابط المارونية، حول تحديد البلدة أو الأرض التي ستنشأ عليها المنطقة الاقتصادية المرتقبة، لم تحدد بعد المنطقة المستهدفة لهذا المشروع. وفي اتصال مع "المدن"، يشير النائب حكمت ديب، في كتلة "لبنان القوي"، أنّ التخوف من المنطقة الاقتصادية في البترون، ليس في محله أبدًا. فـ "هذه المنطقة، لها علاقة بالمعلوماتية شبيهة بالـsilicon valley، وهي متخصصة بتكنولوجيا المعلومات، من تصنيع وتركيب وبرمجيات، وستكون مقصدًا لكلّ الشباب الذين لديهم قدرة وخبرة وإمكانية في خلق فرص داخل هذه المنطقة التي تتمتع بتسهيلات واعفاءات ضريبة، ما يجعل مقارنتها بمنطقة طرابلس غير منطقي". يقول: "نحن من القائلين أنّه بإمكان إنشاء منطقة اقتصادية في كلّ قضاء، وأنّ اختيار التخصص وتعدده هو الأساس. والمشروع الذي ينتظر الخطوة النهائية لإقراره في الهيئة العامة، سيكون نقطة تركيز للأعمال، إذ سيكون في محيطه كثير من المؤهلات التي يمكن الاستفادة منها، التي تساهم في خلق العديد من فرص العمل لأهالي البترون".

منافسة إيجابية؟
الغريب في الأمر، أنّ المعنيين في المنطقة الاقتصادية في طرابلس، لا يعارضون إنشاء منطقة مماثلة في البترون، رغم المشروع الذي سبق أن أطلق معها يقضي بإنشاء "مدينة المعرفة والابتكار" في طرابلس. وفي السياق، يشير مصدر رسمي في المنطقة الاقتصادية في طرابلس لـ "المدن"، أنّ إنشاء واحدة في البترون، يتشابه مع مشروع مدينة الابتكار والمعرفة في طرابلس، بعد أن وقعت الحكومة العام الماضي مرسوم توسيع النطاق الجغرافي للمنطقة الاقتصادية في طرابلس، وهي تشمل 75 ألف متر مربع، بالشراكة مع معرض رشيد كرامي لإنشاء هذه المدينة، "لكن الأمر لا يلغي مبدأ التنافس الإيجابي". يذكّر المصدر أن المنطقة الاقتصادية في طرابلس تسبق منطقة البترون، لأن مراسيمها موجودة  بعد أن انتهى مشروع المأسسة فيها، "لاسيما أنّنا قبل شهر أطلقنا المخطط التوجيهي لمدينة الابتكار والمعرفة. وأي منطقة اقتصادية أخرى، لا يمكن أن ينطلق عملها قبل سنوات، لأن هناك خطوات لوجستية مجبرين أن يمروا بها. فـ "الأرض الصناعية في منطقة طرابلس الاقتصادية أصبحت جاهزة، ودراسة الجدوى موجودة، كما أطلقنا البنى التحتية، ونحتاج فقط إلى عامٍ واحد من أجل إعطاء أول رخصة استثمارية، بعد أن أصبح نظام التراخيص فيها جاهزًا، وهي محاذية لمرفأ طرابلس، مما سيعطيها ميزة تنافسية".

المثالثة الطائفية
في الواقع، مع الحديث حول التنقيب عن بلوك نفطي في بلدة عبرين في البترون، ومحطة الكهرباء في سلعاتا مع مرفئها، إلى جانب المنطقة الاقتصادية بانتظار تحديد الأرض، يبدو أن البترون قابلة أن تتحول إلى "عاصمة" اقتصادية، تتمتع بمختلف عناصر الجذب الاستثماري. وفيما أنّ السبب الكامن وراء رغبة المستثمرين اللبنانيين والأجانب في المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، هو أنها تقع بمحاذاة المرفأ من جهة، وبمحاذاة سكك الحديد التي ستصل إلى حمص وتركيا وأوروبا من جهة أخرى، إضافة إلى إمكانية استعمالها في الصناعات المتوسطة، إلّا أنّ أحد أبرز نقاط ضعفها ربما، هو أنّها تقع في محيط مكب النفايات والمسلخ وسوق الخضرة ومحطة تكرير المجارير!

لكن، وفي الوقت الذي أخذ طابع إنشاء منطقتين اقتصاديتين في صور والبترون، إلى جانب طرابلس، كنوع من "المثالثة"، الجدير ذكره أنّ النقطة الأساسية من المنطقة الاقتصادية في طرابلس، تجسدت في "مدينة المعرفة والابتكار" وأن تكون جزءًا من مشروعها. وكانت هذه المدينة، بمثابة "الحلم"، بعد أن أقرت الحكومة مرسوم إنشائها في آذار 2018. فكيف سيتحقق هذا "الحلم" بعد أن أصبح شريكًا مع المنطقة الاقتصادية في البترون التي تخصصت به حصرًا؟ وفي حال تخصصت المنطقة الاقتصادية في صور بمجالٍ آخر، هل صحيح ما يجري تداوله أن المنطقة الاقتصادية في طرابلس قد تختصر فقط على الصناعة البلاستيكية والمفروشات؟

أمّا السؤال الجهوري: ما هي الجدوى الاقتصادية من تعدد المناطق الاقتصادية في بلدٍ مثل لبنان ينهار اقتصاديًا، وفي أحسن الأحوال لا يستطيع خوض غمار سوى الصناعات المتوسطة والخفيفة؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها