أمام السفارة الفرنسية في بيروت، احتشد العشرات من المنتفضين رفضاً للقاء مجموعة الدعم الدولية لمساعدة لبنان في باريس. على الطريق الشام كانت المعادلة البسيطة: هذا الطاقم الحاكم، بفساده وطائفيته ومحسوبياته ومصالحه وارتباطاته، ليس مخوّلّا ولا مؤهلاً لإدارة البلد. وبالتالي، أي دعم تحصل عليه هذه السلطة سيبدّد في حسابات سياسية وأخرى شخصية. وأي مال مقدّم، على شكل هبات أو ديون مسهّلة، سيكون مصيره النهب.
وتحت شعارات عديدة، اجتمع المتظاهرون مطوّقين من رجال الأمن. منهم من كان ضد التدخّل الخارجي، ومنهم من صوّب على السلطة وفسادها. لافتات بالعربية والفرنسية، علّها توصل الرسالة لمن لا يريد أن يفهم. ومن أمام سور السفارة، نقاش دائم عن الموقف الدولي من الثورة الحاصلة في بيروت. نقاش لا يمكن أن ينتهي إلا بخلاصة أنّ "الخارج"، أياً يكن- من الشرق أو الغرب أو الشمال- لا يهمّه حماية أزلامه في الطبقة الحاكمة.
ومن الخلاصات البديهية أيضاً، أنّ عنوان الاستقرار الذي يتمسّك به "الخارج"، محرّض أساسي لطمس أي ثورة أو تحرّك شعبي. تماماً كما هي الحال في الداخل مع عناوين "إسرائيل" أو أموال سيدر أو حتى شعارات الخوف المسيحي وغيرها. "لهّايات" لم تعد نافعة إلا مع قطعان الأحزاب الطائفية.
على طريق الشام، اجتمعت قلّة من جمهور ثورة 17 تشرين لتعرّي ما تبقى من ستر على السلطة. أحزاب مكشوفة، لكن تتلطّى اليوم بالدعم الخارجي. ومن خلال هذا الدعم، تكرّس السلطة واقع أن مشروعيّتها مستمدّة من الخارج فقط. في حين أنّ الداخل أسقط شرعيّتها في الشارع منذ 55 يوماً، في كل البلد وقطاعاته.
بيان المعتصمين
باسم المجتمعين تلت لينا حمدان بياناً باللغة الفرنسية، طالبت فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "تجميد كل المساعدات المالية لهذه الحكومة المستقيلة". وعدّدت الخطوات المطلوب تنفيذها والتي يردّدها الثوار في كل ساحات لبنان: تشكيل حكومة من الخبراء والمستقلين، وقف النزيف الاقتصادي، إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد، وإصدار مجموعة القوانين الخاصة بالإثراء غير المشروع واسترداد الأموال المنهوبة ورفع الحصانات عن المرتكبين.
رسالة الفنانين
ومن الاعتصام، كانت رسالة من تجمّع فنانين لبنانيين منضوين في الثورة، تلتها الممثلة أنجو ريحان وقالت فيها إنّ "السلطة السياسية الفاسدة تحتكر الوطن وموارده الاقتصادية والمالية وتمارس كل انواع التسلط، وها هي تذهب من جديد إلى استجداء المساعدات الدولية، مرتبة علينا ديونا داخلية وخارجية".
وتوجّهت ريحان للرئيس الفرنسي قائلة إنه "نقدر اهتمامكم وجهودكم بلبنان. جهود تجسدت بمبادرة سيدر. ولكن نحيطم علماً بان تلك الأموال، ستصل إلى أيدي المسؤولين غير المؤتمنين الذين بنوا ثرواتهم على حساب آلام أبناء الوطن".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها