حملة "حقوقيون"
وحيال المنازلات الإعلامية بين المسؤولين والنواب والوزراء، في سباق رفع السرية المصرفية عن حساباتهم، بادر محامون إلى اتخاذ إجراءات عملية لكشف زيف ادعائهم في مكافحة الهدر والفساد. وبعد طلب مجموعة من المحامين كشف تصاريح النواب والوزراء ورؤساء الجمهورية إلى المجلس الدستوري، تنفيذا لقانون الإثراء غير المشروع، تحركت مجموعة كبيرة من المحامين والناشطين الحقوقيين تحت اسم "حقوقيون" لتفعيل قانون الإثراء غير المشروع.
ووفق المحامي فراس أبي يونس، يشمل قانون الإثراء غير المشروع مروحة من الملكيات التي يجب على المسؤولين والموظفين الكبار التصريح عنها، وتشمل الأموال المنقولة وغير المنقولة، وحتى العقود التجارية، وملكياتهم في لبنان والخارج، إضافة إلى ممتلكات زوجاتهم وأبنائهم. لكن التصاريح التي يقدمها الموظفون والمسؤولون، تظل سرية ولا تجيز لأحد الاطلاع عليها إلا في حالات خاصة ومعقدة. لذا قررت مجموعة حقوقية التوجه إلى أصحاب العلاقة مباشرة، للطلب منهم الكشف عن التصاريح للرأي العام.
وكشف أبي يونس أنهم أعدوا كتباً للنواب والوزراء الحاليين للكشف عن التصريحات التي يقدمونها إلى المجلس الدستوري، انطلاقاً من مبدأ الشفافية، لنشرها في الوكالة الوطنية للإعلام، كي يتسنى للرأي العام الاطلاع عليها. ولدى من وُجهت إليهم الكتب مهلة أسبوع من تاريخ تسلمهم إياها للرد عليها. وأضاف أن خيارهم يبدأ بالنواب والوزراء الحاليين، لأنهم ما زالوا يمارسون صلاحيات، إجرائية أو تشريعية. والحملة تعد كتباً أخرى تشمل في المرحلة الثانية رؤساء الجمهورية والنواب والوزراء السابقين، وجميع الذين يمارسون سلطة أو وظيفة عامة من الدرجة الأولى.
محكمة الرأي العام
وإذا كان القانون يجيز للمسؤولين والموظفين عدم الكشف عن تصاريحهم، ففي حال رفضهم الكشف عنها بموجب الكتب المرسلة إليهم، سيجدون أنفسهم أمام محكمة الرأي العام. وهذا يضعهم في موقف حرج، خصوصاً أن جميع المسؤولين يصرحون إعلامياً أنهم مع رفع السرية ومكافحة الفساد. ففي حال كانوا صادقين بما يصرحون عليهم التجاوب والكشف عن التصاريح. أما في حال كان هناك من تلاعبٍ بما يصرحون به، فالتحقق من ممتلكاتهم العقارية الكثيرة سهل المنال. "فعلى سبيل المثال نستطيع طلب نفي ملكية من الدوائر العقارية، فنتأكد من تصريحاتهم"، حسب أبي يونس، الذي أضاف أنهم شرحوا في الكتاب الموجه إلى النواب والوزراء، أن إجراء الكشف عن السرية المصرفية لا يعني شيئاً. وتحسّب معظم المسؤولين لهذا الأمر، فقاموا بتوزيع أموالهم ونقلها إلي الخارج. ما يعني أن الاطلاع على حساباتهم في لبنان لا يعني شيئاً ولا يكشف عن شيء. لكن الاطلاع على التصاريح المقدمة إلى المجلس الدستوري، مختلف، لأنهم ملزمون بالتصريح عن ممتلكاتهم كلها، ويعلمون أن ملفاتهم ستبقى سرية.
في ما يتعلق بالنواب يستلم المجلس الدستوري المغلف مقفلاً وينقله إلى مصرف لبنان، ولا يحق لأحد الاطلاع عليه. وعندما تنتهي ولاية النائب يسترده مقفلاً. وهذا نوع من حلقة أمان مقفلة، تحاول المجموعة الحقوقية كسرها. فالنائب والمسؤول الذي يصرح ويعتبر أنه غير فاسد وغير مرتكب، عليه الكشف عن التصاريح أمام الرأي العام.
مؤتمر صحافي
وأضاف أبي يونس، أن القانون الحالي لا يثبت وجود أو عدم وجود إثراء غير مشروع. فليس من هيئة خاصة تطلع على التصريحات عند بدء المسؤول وظيفته وعند انتهائها. وهذا نقص في القانون. لذا تعمل المجموعة على دراسة لتعديل هذا القانون لتطويره ولتعديل التشريعات الحالية، كي تصبح أكثر فاعلية وشبيهة بتشريعات الدول المتقدمة حول الإثراء غير المشروع.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعة التي أطلقت مبادرتها منذ نحو أسبوعين، ستعقد مؤتمراً صحافياً في نادي الصحافة عند الساعة الثانية والنصف من يوم الاثنين في 25 تشرين الثاني، لشرح قانون الإثراء غير المشروع والكتب الموجهة إلى النواب والوزراء.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها