انتزاع اللافتة
أطفال كانوا يتمشون في أحد شوارع منطقتهم، قادتهم ربما روح التحدي إلى محاولة انتزاع تلك لافتة. في المرة الأولى حاول أحدهم إسقاط اللافتة ولم يتمكن. وكي ينتصروا على خيبتهم، كما هو معتاد عند الأطفال، كرروا فعلتهم وتمكن أحدهم من انتزاع جزء من تلك اللافتة.
كان مناصرو التيار لهم بالمرصاد. فبعد مراجعة الكاميرات تعرفوا عليهم كونهم من أبناء المنطقة، فعمدت شرطة البلدية إلى توقيفهم من الساعة السادسة وحتى الساعة الثامنة مساءً. ثم سلمتهم إلى مخابرات الجيش، الذين سلموهم بدورهم إلى مخفر حمانا بعد نحو ساعتين من التوقيف، بإشارة من القاضي مايا كنعان التي لم تحقق معهم. ثم عاد المدعي العام سامر ليشع وحقق معهم من دون استدعاء مندوبة أحداث، كما قالت أميرة سكر رئيسة اتحاد حماية الأحداث لـ"المدن". وأضافت عندما تبلغنا بالأمر كانت الساعة 12 ليلاً، فتواصلنا مع القاضي ليشع وارسلنا له الفيديو الذي يظهر الحادثة، واستمع إليهم بوجود الأهل وتركهم بسند إقامة حوالى الساعة الثالثة صباحاً.
هي حادثة عبارة عن ولدنة أطفال يلعبون، كما قالت سكر، لكن جرى إلصاقهم بتهمة التعدي على أملاك الغير، التي لم يدخلوها حتى. جل ما حصل أنهم تمكنوا من تمزيق جزء من اللافتة التي تتمزق غالباً حتى بفعل الهواء والرياح.
بدوره تأسف المحامي رفيق غريزي، الذي كان من ضمن المحامين الذين تابعوا القضية، لما حصل معتبراً أن التوقيف يتجاوز كل الأصول. قبل التحدث عن الجرم الذي نسب إليهم، حالة التوقيف التي حصلت هي اختطاف بكل معنى الكلمة، كونه أتى من سلطة لا يحق لها توقيفهم أي البلدية، التي احتجزتهم لأكثر من ساعتين. ثم سلمتهم لمخابرات الجيش بجرم لا صلاحية للمخابرات به. وبعد تسليم المخابرات الأطفال إلى المخفر كانت ردة فعل النائب العام القاضي سامر ليشع الأولى توقيفهم حتى الصباح. لكن تدخل اتحاد حماية الأحداث والمحامين والصرخة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حال دون ذلك وتم إطلاق سراحهم.
وإذ استنكر غريزي، انكباب الدولة بجميع أجهزتها لتوقيف قاصرين بسبب حادثة لا يرتقي إلى مستوى الجرم الذي نسبوه إليهم، أكّد أن الأمر مخالف لجميع الأصول لناحية الشكل والطريقة التي اقتيد بها هؤلاء القاصرين. أما في المضمون فاعتبر أن جرم تخريب أملاك عامة وخاصة غير موجود. وجميع الصور والفيديوهات التي انشرت عن الحادثة تدل على ذلك. ما حصل أن هؤلاء الأطفال قاموا بمبادرة شخصية بمحاولة نزع جزء من لافتة من أمام مركز التيار الوطني الحر، ربما بداعي التحدي بين بعضهم البعض. بينما فعل التخريب بحاجة إلى جهد وتكسير وفعل مادي ثبت أنه غير موجود. وأضاف قائلاً: على العكس من ذلك، رد فعل أجهزة الدولة على هذه الحادثة غير مبرر ويرتقي حتى إلى جرم جزائي، بسبب الاحتجاز غير القانوني الذي حصل.
لحظة إطلاق سراحهم
أما سكر فعلقت على هذه الحادثة بأن الأطفال في القرى كانوا يقومون بـ"ولدنات" مثل قرع أبواب الجيران والفرار. وما قام به هؤلاء الأطفال شبيه بذلك. لكن بسبب الاحتقان الحالي أخذت الأمور مناحي كبيرة. وأضافت، رغم كوني أرفض بالمبدأ أن يقوم الأطفال بأي نشاط قد يؤدي إلى توقيفهم، لكن كان يفترض بأن تحل المسألة سريعاً عبر التحدث مع هؤلاء الأطفال من منطلق تربوي، بأن لا يعاودوا ارتكاب مثل هذه الأفعال، أو القيام بمثل هذه التصرفات التي تقع ضمن إطار الولدنة، والتي يجب ألا تأخذ أي أبعاد أخرى ويصار إلى توقيفهم لدى شرطة البلدية ومن ثم مخابرات الجيش. كان يجب أن يقال لهم أنه لا يحق لهم التعدي على خصوصيات الآخرين بمعزل عن إذا كان الأمر لافتة حزبية أو حتى قطف ثمرة من شجرة الجيران من دون إذن.
بيان من قيادة الجيش
هذا وكانت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، أصدرت بياناً جاء فيه أن "بعض وسائل الإعلام تداولت خبراً عن توقيف مديرية المخابرات عدداً من الفتية القصّر في بلدة حمانا بسبب قيامهم بتمزيق صور فخامة رئيس الجمهورية".
وأوضح أن" مديرية المخابرات لم توقف هؤلاء بل تسلّمتهم من بلدية حمانا بعدما أوقفتهم شرطتها التي كانت تقوم بدوريات مكثّفة بعد سلسلة حوادث شهدتها المنطقة وقيام مجهولين بإحراق مبنى أوجيرو، ومحاولة إحراق مركز التيار الوطني الحر".
وأشار إلى أن "التزاماً بالتعليمات فإن مديرية المخابرات قامت بتسليم هؤلاء الفتية وهم (ن.غ) 12 عاماً، (أ.ح) 15 عاماً، (أ.أ) 15 عاماً، (ش.غ) 19 عاماً، والسوري (ر.أ) 18 عاماً، إلى الشرطة العسكرية التي سلّمتهم بدورها إلى قوى الأمن الداخلي استناداً لإشارة القضاء المختص".
التيار العوني
من جهته، أعلن "التيار الوطني الحر" - هيئة قضاء بعبدا، في بيان أنه "على أثر الاعتداء ليل السبت على مكتبه في بلدة حمانا وازالة اللافتة التي تحمل اسمه، أوقفت القوى الأمنية الفاعلين وتبين أن معظمهم قاصرون وتمت تخليتهم ليلا بعد التحقيق معهم، وقد رافق ذلك تجمعات ومواكب سيارة أمام مخفر درك حمانا واطلاق هتافات وعبارات مسيئة بحق التيار على خلفيات حزبية وطائفية مكشوفة".
وأوضحت هيئة التيار "أنها لم تتقدم بأي ادعاء في حق الفاعلين ولم تتخذ في حقهم أي اجراء قانوني، علما أن مكتب الهيئة سبق وتعرض لمحاولة اضرام النار من قبل مجهولين. وانها اذ تعتبر أن هذه التصرفات هي غير مألوفة وتسبب توترات غير مرغوبة في هذه المنطقة، الا أنها تربأ بالأطراف والأحزاب كافة في المنطقة المحافظة على الأمن والاستقرار انطلاقا من مبدأ حرية التعبير السياسي وقبول الرأي الآخر بالرغم من أي اختلاف"، واكدت "تمسكها بالعيش الواحد في الجبل على قاعدة أن الوطن يتسع لجميع أبنائه".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها