الأربعاء 2019/11/13

آخر تحديث: 01:02 (بيروت)

"مجاهدو" حركة أمل يلاحقون الخونة والجاحدين المنضوين بالثورة

الأربعاء 2019/11/13
"مجاهدو" حركة أمل يلاحقون الخونة والجاحدين المنضوين بالثورة
لم يتوان عتاة الحركيين في التهويل والتهديد والاعتداء على بعض المواطنين (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
من نافل القول إن ارتباط عدد كبير من الناس بحركة أمل، أعضاءَ ملتزمين بجهازها ومناصرين لها وملتفين حولها من الجمهور الشيعي، يقوم على مروحة واسعة ومتفاوتة من البواعث والأسباب: تحصيل النفوذ والإتاوات والثروات والمكانات، ومسايرة مقدميها ومتنفذيها للحصول على وظيفة في الإدارة العامة، أو فرصة عمل ما في الإدارة المحلية، وصولاً إلى استجداء "لقمة العيش".

نضوب الضرع الحلوب
وهناك مؤشرات مستجدة يمكن قراءتها في إطار فك البعض ارتباطهم المصلحي بها من جهة، وتضارب المصالح والتناحر بين أركانها ومتنفذيها على بقايا مكتسبات قديمة في المؤسسات والوظائف العامة، أو في المؤسسات التابعة لها من جهة أخرى.

وكان لافتاً عزوف عدد كبير من مناصري الحركة، وممن كانوا يعتبرون تاريخياً جمهورها اللصيق، عن التصويت لها في الانتخابات النيابية الأخيرة. وذلك بسبب نضوب المغانم والوظائف التي كانت تسترضيهم بها، وشح الوعود التي لم تعد تقنع من جربوها ولم تصدق من استحقاق إلى آخر. فالعين بصيرة والوظائف قليلة.

وجاءت الانتفاضة الشعبية الراهنة، فظهر عمق الأزمة التي تمر بها الحركة التي ربطت جمهورها بزبائنية عارية، ليروح هذا الجمهور يهتف لها ويؤيدها بقدر ما تدّر بقرة نفوذ الحركة في إدارات الدولة وماليتها الحلوب، وبقدر ما تؤمنه هذه البقرة من مصالح شخصية وعائلية.

في أيام الانتفاضة الأولى لاحظنا خروج جمهور كبير من الحركة متعاطفاً ومتظاهراً، شاكياً ضيق الحال وعسر ذات اليد. وعبّر كثُرٌ من أتباع الحركة وجمهورها عن تعاطفهم على صفحات التواصل الإجتماعي، قبل أن تبدأ حملة تهديدهم ووعيدهم بقطع أرزاقهم، ووصفهم بالانتهازيين والجاحدين، الباصقين في الصحون التي أكلوا منها، والخونة.. على حد تعبير بعض الحركيين وجمهورهم، من شاركوا في التظاهرات والاعتصامات، خصوصاً في مدينتي صور والنبطية، وبلدتي كفرمان وكفرصير في الجنوب، عقر دار الثنائي الشيعي ومربط خيله. ولم يتوان عتاة الحركيين عن استخدام إسلوبهم القديم - الجديد المقذع والبذيء في التهويل والتهديد بطردهم من وظائفهم.

نشاط جبابرة أمل
ونفذت الحركة تهديدها وعيدها، فاعتدى مجاهدو جهازها الملثمين على طالب الخشن من بلدة سحمر البقاعية، فاوسعوه ضربا مبرحاً وتركوه مرمياً أرضاً، وتواروا عن الأنظار. وذلك لأنه شارك في الحراك الشعبي.

أما مدير مدرسة الشهيد محمد سعد الفنية في العباسية - صور، حبيب اسماعيل، فلا تزال تتفاعل، بعدما أجبره جبابرة أمل على تقديم استقالته من إدارة المدرسة، لأن ابنه شتم حركة أمل والرئيس بري على موقعه الفايسبوكي. علماً أن اسماعيل من مناصري الحركة، وله تاريخ طويل في إدارة المدرسة، يصل إلى عشرين سنة. ولعل الحركة أرادت بإرغامه على الاستقالة، اتباع المثل القائل: واحد يربي مئة.

وفي ظل ندرة الوظائف والمراكز والضغط القائم عليها، صار النافذون في أمل يتناهشونها في ما بينهم. فاستغل نافذو الحركة التابعون للنائب علي خريس، ما نشره ابن المدير، فجيّشوا الطلاب الذين نظموا حملة من الشتائم والإهانات ضد المدير داخل حرم المدرسة، مما أجبر زوجته المعلمة المتعاقدة على تقديم استقالتها مه زوجها.

ومن نشاط مجاهدي أمل أيضاً تداولهم صورة للطالبة آلاء البوصي، ومنشوراً جاء فيه أنها "تلقت تحية من دولة الرئيس نبيه بري على موقفها المشرّف لأنها رفضت حضور حصة مادة الأدب العربي". فمعلمة المادة أعلنت مواقف معارضة لحركة أمل والرئيس بري، وحرضت صفوفاً ثلاثة على مقاطعة الدروس في معهد الشهيد محمد سعد الرسمي، والذي تضع الحركة يدها على إدارته وتعتبره من مؤسساتها التربوية. علماً أن المعهد فني رسمي وتابع للمديرية العامة للتعليم المهني والتتقني.

وفي مدرسة الشهيد بلال فحص في بلدة تول، تعرض عدد من المدرسين للتهديد من جبابرة حركة أمل، لأنهم تحدثوا مع تلامذتهم عن الحراك وأهدافه.

ماضي الفساد العميم  
وما دامت أهداف الحراك تتجاوز الزمن الآني، لا بد من التذكير بممارسات محازبي الحركة منذ ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم، أيام كانت إدارات الدولة تتحول إلى مزارع ميليشياوية وحزبية. فآنذاك ترك عدد من مدرسي التعليم الرسمي الأمليون المدارس الرسمية التي يعملون فيها، وعسكروا في وزارة التربية تحت مسمى "مكتب أمل التربوي"، وراحوا يزرعون المحازبين من أمثالهم في المدارس الرسمية وإداراتها، ليتقاضوا رواتبهم الشهرية من دون أن يأتوا إلى هذه المداس إلا في نهاية كل شهر.

ومن فضائل حركة أمل ورئيسها على الجنوب مذّاك، تشييد متعهدي بطانة الحركة في مجلس الجنوب، مباني مدرسية ضخمة وحديثة، شمخت وزيّنت بقرميدها الأحمر الروابي والتلال في عدد كبير من البلدات والقرى الجنوبية. وظل معظم مباني تلك المدارس خاوياً، لقلة عدد تلامذتها في القرى. وقد تصدّرت غاية تشييدها، ما جناه متعهدو مبانيها الأمليون من مبالغ مالية طائلة على حساب الخزينة العامة. وهذا يذكّر أيضاً بما سُمي في التسعينات بـ "وادي الذهب" (وادي أبو جميل للمهجرين) الذي أخلته سوليدير الحريري من مهجريه، بكلفة خيالية باهظة تكبدتها أيضاً المالية العامة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها