على غير العادة
قد لا تكون التحركات الشعبية في شمسطار على قدر الآمال المعقودة من بعض أبنائها، ولم تقارب حجم الاحتجاجات في المناطق اللبنانية، التي تتقاسم معها الحرمان نفسه، إن في الشمال اللبناني أو الجنوب. لكنها من دون شك اخترقت جدار الصمت الذي تلوذ به عشرات البلدات والقرى في منطقة بعلبك الهرمل، وصدحت من إحدى ساحاتها الهتافات العابرة للمناطق والطوائف "كلن يعني كلن". وعلت الأصوات الداعية إلى التغيير والمحاسبة.
في بداية التحركات الشعبية لم يكن المشهد مألوفاً في شمسطار، وإن كان عفوياً. لكنه سرعان ما استقطب أعداداً مقبولة من المحتجين، الذين توافدوا إلى مدخل البلدة. وكان لافتاً الحضور الملحوظ لطلاب وأساتذة ثانويين. تحركات شمسطار، كما العديد من المناطق الخاضعة بلدياتها إلى نفوذ حزبي لاسيما من قبل الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله)، تلقى المشاركون فيها تمنيات بعدم التعرّض للرموز الدينية والسياسية. وهو ما التزم به أبناء البلدة من المشاركين في التظاهرات، على ما يقول علي كامل الحاج حسن، أحد أبرز المشاركين في التحركات: "التزمنا الحراك السلمي من دون التعرض بالشتائم لأي كان، ليس خوفاً من أحد، وإنما التزاماً بهدف الحراك. وهو رفع الغبن عن المواطن اللبناني، وإحداث تغيير على مستوى السلطة ومحاسبة الفاسدين".
"الثورة موجّهة ضد كل شخص بالسلطة. فالجميع مسؤول إما بمشاركته الفساد أو بالسكوت عنه.. ونحن خرجنا من ذهنية التخويف والتخوين". بهذا الكلام ينقل متحدث باسم حراك شمسطار علي الطفيلي صورة الحراك في البلدة "البعلبكية"، ويؤكد في حديث إلى "المدن" أن الحراك انطلق عفوياً لمواجهة الظلم والفساد، وما تتعرض له المنطقة من حرمان، رافضاً وضع المتظاهرين وعموم المواطنين بين خياري الثورة ضد الحرمان والفساد وبين تأييد المقاومة قائلاً: لن نرضى بالواقع، سنثور على الظلم والهدر والفساد وحرمان مناطقنا إنمائياً ومعيشياً، ونحن في الوقت عينه متمسكون بالمقاومة كخيار مع رفضنا لتعليبها في أي طرف سياسي.
رقيّ المشهد
خلال تظاهرة شمسطار، ألقت إحدى المشاركات ميسلون الطفيلي كلمة باسم شباب البلدة، توجهت خلالها إلى أرباب الطوائف والمذاهب بالقول "مهما علا شأنكم ومهما جمعتم من مال وسلطة، سيلفظكم شعبكم إلى مزبلة التاريخ". داعية إلى استقالة الحكومة والمجلس النيابي، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي.
أما طلاب شمسطار الذين أحجمت الاعتبارات العائلية، وربما الحزبية، غالبيتهم عن المشاركة فعبّرت نيابة عنهم إحدى الطالبات بالقول "من حقنا أن نعيش في دولة تحترم حقوقنا في التعليم والطبابة والحماية الإجتماعية.. آن الأوان أن يرحلوا ويتركوا الناس تقرر مصيرها".
المشهد في شمسطار أثبت رقيّ التحرك المطلبي الثقافي، في المنطقة عموماً والبلدة خصوصاً. والأهم أنه كسر حاجز الصمت، الناجم عن الخوف والقلق اللذين لازما الأهالي طيلة السنوات الماضية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها