الأحد 2019/01/13

آخر تحديث: 00:27 (بيروت)

رئيس بلدية طرابلس متهَم جداً.. ويشتكي!

الأحد 2019/01/13
رئيس بلدية طرابلس متهَم جداً.. ويشتكي!
حجب الثقة عن قمر الدين شبه حتمي (المدن)
increase حجم الخط decrease
لا يختلف الوضع في بلدية طرابلس عن بلدية الميناء. كلاهما يشهدان تدهوراً لم يسبق أن سجله تاريخ البلديتين، مع انكشاف وفضح عددٍ كبيرٍ من ملفات الفساد، من تزوير واختلاس وما شابههما. الطارئ أخيرًا، هو ما أقدم عليه رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين، فقد رفع دعوى قدّح وذم بحقّ عضو المجلس البلدي الدكتور زاهر سلطان، بتهمة التشهير به واتهامه بالتزوير على صفحات التواصل الاجتماعي. لكنّ، ما قد يكون غفله قمرالدين، هو أنّه فتح على نفسه نار جهنم، التي قد تؤدي به إلى حجب الثقة عنه، ومنعه من اعتلاء رئاسة المجلس في أيار المقبل. لكن، كيف ذلك؟


تزوير ملف الشرطة
الدعوى التي رفعها قمر الدين بحقّ سلطان، والتي ساقت الأخير للتحقيق معه في السراي في طرابلس، جاءت على خلفية ما نشره سلطان عبر صفحة فايسبوك، يتهم فيه قمرالدين بالتزوير في قرار تعيين لجنة عناصر الشرطة، بطريقة مخالفة للقانون. وأثناء التحقيق معه، الخميس في 10 كانون الثاني 2019، نفذ عدد من زملائه في عضوية مجلس البلدية، وقفةً تضامنيةً معه، وتأكيدًا لما في حوزتهم من حقائق حول تزوير قمر الدين. غير أنّ المفاجأة الكبرى، فجّرها عضو المجلس الدكتور باسم بخاش، الجمعة في 11 كانون الثاني 2019، إذ أعلن عن تقديم شكوى بحق قمرالدين للوزير نهاد المشنوق في وزارة الداخلية، ضمن الأطر القانونية بحقّ قمر الدين. فماذا تضمنت الشكوى؟

الشكوى، التي من المرجح أن قمر الدين قد غفل عنها، لا سيما أنّه بدأ يسعى لضبط إيقاع المجلس عبر ترهيبب الأعضاء، بدعاوى القدح والذّم، تتضمن عددًا من الملفات. وحسب بخاش، فقد أدرج فيها طلب التحقيق مع قمر الدين، حول تغيير مضمون قرار مجلس بلدي سابق، متعلق بشروط تعيين عناصر شرطة بلدية طرابلس. وفي هذا الملف، ارتكز على توقيع 11 عضوًا في المجلس، يعترفون أنّ ثمّة تلاعبًا بالقرار. كذلك، أضيف إلى الشكوى، طلب التحقيق في تلاعب بقرار مجلس بلدي آخر أقدم منه (رقم 243-2017)، حين وجّه يومها 15 عضوًا كتاباً رسمياً لقمر الدين (تحت رقم 787-2)، اعتراضًا على قرار مجلس بلدي مزوّر.

لم يكتف بخاش بذلك، فقد كان يحمل في حوزته كتابين آخرين قدّمهما إلى ديوان المحاسبة. الكتاب الأول (رقم 63)، تضمن طلب التحقيق في مشروع، يسعى عبره اتحاد بلديات الفيحاء الذي يرأسه قمرالدين أيضًا للتزفيت (مع أرصفة)، بقيمة 5 مليارات ليرة، في الوقت الذي أعلن الاتحاد افلاسه، وأنّ ديونه تفوق 140 مليار ليرة. وذلك، في ظلّ امتناعه هذا الشهر عن دفع رواتب الموظفين والعمال فيه، الذي يتجاوز عددهم 150 عاملاً. علماً، وفق بخاش، أن التزفيت ليس من مهمات الاتحاد (بل البلديات). وبالمقابل بلدية طرابلس غنية، وستبدأ بالتزفيت قريباً بقيمة 2 مليار و600 مليون ليرة لبنانية.

أمّا الكتاب الثاني (رقم 64)، فقط طلب فيه بخاش من الديوان قطع حساب موازنة اتحاد بلديات الفيحاء لثلاثة أعوامٍ مضت، بغية التدقيق في مصاريف الاتحاد "المكسور". واللافت أيضًا حسب ما يشير بخاش، هو أن هناك كتاباً سابقاً موقّعاً من قبل 19 عضوًا (بتاريخ 4-12-2018 - رقم الوارد 4328) للحصول على قطع الحساب، من دون تجاوب قمرالدين طلاقًا.

سابقة خطيرة
دعوى قمرالدين بحقّ سلطان، وضعها زملاؤه الأعضاء في المجلس، في سياق "السابقة الخطيرة"، التي لا يمكن السكوت عنها. وهو ما دفعهم لسلك المسار القضائي، "آملين" أن تأخذ التحقيقات مسارًا شفافًا. وذلك، انطلاقًا من حرصهم على توجيه الاتهام إلى الفاسدين والمفسدين أمام الرأي العام، حتّى يتحمل كلٌّ مسؤوليته.

هذا الأمر، قد يكون آخر فرصة خسرها قمر الدين، الذي بات موضوع تجديد الثقة له في أيار 2019 مستبعدًا. وفي السياق، يشير سلطان لـ"المدن"، أن مسألة حجب الثقة عن قمر الدين أصبحت شبه حتمية، لا سيما أنّ هناك كتابًا موقعًا من قبل 16 عضوًا، يطالبون فيه الرئيس قمرالدين بالتنحي والاستقالة. يقول: "التحقيق معي كان عاديًا، لأنّه لم يكن هناك شيء يدينني. وحين قلت أنّ عهد قمرالدين يحمي الفاسدين والفساد، فكلّ ما في حوزتنا يؤكد ذلك".

وفيما يبدو قمرالدين، في أقصى درجات إرباكه، نتيجة الضغط الكبير الذي يمارسه الأعضاء، بعد أن أخذوا قرار مواجهته قضائيًا، يشير في اتصال مع "المدن"، أنّ الأعضاء يحاولون النيل منه شخصيًا، وأنهم أجبروه على رفع دعوى قدح وذم، بعد أن طفح الكيل في تشويه سمعته. فـ"هم لا يريدون التعاون معي في تسيير أمور البلدية، رغم انفتاحي عليهم، والدعوى بحقّ سلطان كانت للمطالبة في إظهار ما في حوزته من مستندات عن التزوير للرأي العام، لأنّ جميعها اتهامات باطلة".
وفي خطوة يضعها بخاش في سياق "تلميع الصورة"، أقدم قمر الدين من دون سابق إنذار على تسوية قضية رئيسة دائرة الرقابة والتفتيش في بلدية طرابلس رشا اليوسف. فبعد أن كان قمرالدين قد عزلها عن مركزها، بعدما قيل أنها اكتشفت ملفات هدر وفساد في البلدية، أعلن أنه طوى صفحة الخلاف وسوء التفاهم الذي شاب العلاقة بينهما. لكن الحقيقة، هو أن قمرالدين أبدى استعداده لالغاء العقوبة الصادرة من قبله بحق اليوسف، لأنه عمليا وقسرياً، ينفذ حكم مجلس الشورى الذي أصدر قراراً بإبطال قراره.

اللافت أيضًا، وفق معلومات "المدن"، هو أنّ الأعضاء أخذوا قرارًا بعدم اللجوء لأي تدخل سياسي في القضية، وهو ما يعتبر هاجسًا كبيرًا لهم، ليبقى السؤال الجوهري: هل ستفسد التدخلات السياسية المسار القضائي لحماية قمر الدين، وتمييع الملف مقابل بقائه رئيسًا؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها