الأربعاء 2018/09/19

آخر تحديث: 10:48 (بيروت)

ضحى خروب: أول خبيرة تغذية مكفوفة في لبنان

الأربعاء 2018/09/19
ضحى خروب: أول خبيرة تغذية مكفوفة في لبنان
خضعت خروب لتدريب مكثّف في مستشفى شتورة
increase حجم الخط decrease

من داخل عيادتها في منطقة مجدل عنجر البقاعية، يمكنك أن ترى هذه الشابة المكفوفة أمام جهاز كومبيوتر منهمكة في دراسة ملفات صحية التابعة لزبائنها، من خلال برنامج معلوماتي ناطق خاص بالمكفوفين، ومنكبّة على أنظمة غذائية خاصة بكل واحد منهم في متابعة عملية لحياتهم الصحية.

ضحى خالد خروب، (26 عاماً)، اختصاصية التغذية الأولى بين زملائها المكفوفين في لبنان، وضعت هدفاً واضحاً أمامها وطرقت باب هذه المهنة بتصميم وإرادة متجاوزة قيود مجتمع غالباً ما يطلق أحكاماً مسبقة وخاطئة بحق أصحاب الحاجات الخاصة. كان النور يشّعّ من عينيها وهي تتحدث لـ"المدن" رغم فقدانها بصرها فجأة في الـ16 من عمرها. تروي تجربتها الممزوجة بالألم والأمل، قائلة: "شاء القدر أن يحرمني نعمة النظر نتيجة خطأ طبّي. ما أثّر سلباً عليّ، في حينه، وجعلني عاجزة ومحبطة. مع ذلك، لم تمنعني مشكلتي البصرية من متابعة حياتي، لا بل زادتني إيماناً وقوّةً لمتابعة دراستي متخطيّة كل الحواجز والعقبات أمامي".

لم تستسلم خروب لعالمها الجديد الذي غاب منه البصر، وتابعت دراستها الثانوية في مدرسة دامجة تحت إشراف "المدرسة اللبنانية للضرير والأصم" في بعبدا، قبل أن تسلك الخيار الصعب وتتخصّص في مجال لم يطرق المعوّقون بصرياً بابه يوماً. تقول: "التحقت بالجامعة اللبنانية الدولية LIU، وتخصّصت في علوم التغذية التي أحببتها منذ الصغر". تعزو الشابة المناضلة الصعوبات التي واجهتها في بدايةً تحصيلها الجامعي مع الأساتذة والطلاب إلى "غياب الوعي والمعرفة حول كيفية التعامل مع المكفوفين، "رغم ذلك أثبتتُّ بدعم من عائلتي والمحيطين بي أنني قادرة على نيل شهادة في هذا الاختصاص العلمي، وقد نجحت بتفوّق".

بعد مشوارها الطويل في الجامعة، خضعت خروب لتدريب مكثّف في مستشفى شتورة، ثم تقدّمت إلى امتحان الكولوكيوم ونجحت فيه، وسعت إلى تحقيق حلمها في خوض معترك العمل وتمكّنت من افتتاح عيادة خاصة بها وتجهيزها بوسائل تلائم حاجاتها ككفيفة. وتعليقاً على ذلك توضّح: "لا شيء يعوقني من القيام بمهماتي كاختصاصية تغذية. وهذا ما يستغربه البعض، لكن مع الوقت تبدّلت نظرة الزبائن وصاروا مقتنعين بأنني إنسان لا أختلف عنهم بقدراتي العلمية والمهنية".

وماذا عن التحدّيات التي تعترضك أثناء العمل؟ "لا تواجهني أي مشكلة في عملي مع الزبائن، وما تقوم به مساعِدتي في العيادة يقتصر على تنظيم المواعيد وأخذ مقاسات الزبائن لا أكثر".
وماذا عن إقبال الناس عليك للمعاينة؟ ألا تخشين على مهنتك من منافسة زملائك المبصرين؟ تجيب: "منذ عامين إلى اليوم، تشهد عيادتي وبشكل تدريجي إقبالاً من سكان المنطقة والمحيط، وعندما يحصل المراجعون على النتائج المرجوة، سواء أكان في حالات تخفيض الوزن أو زيادته، عندئذٍ، لا يولون أهمية لحالتي الخاصة أو يفكرون في حواجز في ما بيننا، بل يحصل العكس، ويتعاملون معي بلا تردد وبشكل تلقائي وبكل إيجابية".

لم تكتفِ الشابة الطموحة بإرشاداتها الغذائية لزبائنها، بل راحت تقدّم نصائح صحيّة عبر إذاعة الأزهر من خلال برنامج تغذية، وتلقي محاضرات في العديد من المدارس والأندية الرياضية. ويبقى طموح خروب متوجهاً نحو تأليف كتب خاصة بعلوم التغذية وتأسيس مركزٍ لتدريب المتخصّصين في هذا المضمار.

وفي مداخلة لشاهيناز فرحات أبوهيكل التي تتردّد إلى عيادة خروب، أشارت إلى أنها قصدت العيادة أولاً بداعي الفضول، "لأنني لم أكن أًصدّق كيف باستطاعة مكفوفة أن تمتهن هذه المهنة أو غيرها، وحين رأيتها كيف تعمل أيقنت واقتنعت بأنها جديرة بعملها. لذا، لجأت إليها لتخفيف وزني بعدما تناولت كثيراً من أدوية الريجيم من دون جدوى، ولم استفد عند غيرها من اختصاصيات التغذية". وماذا كانت النتيجة؟ تجيب أبوهيكل: "تابعت النظام الغذائي بحذافيره مدة 4 أشهر وخسرت 20 كيلوغراماً خلال تلك الفترة". تضيف: "شهادتي مهمة وضرورية لمجتمعنا، فأنا لا أختلف عن خروب سوى أنها تعجز عن رؤيتي بعينيها، لكنها تراني في قلبها وبصيرتها. وهذا ما يوطد علاقتي بها وتفيدني من خبرتها المميّزة في الحياة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها