الخميس 2018/05/24

آخر تحديث: 11:44 (بيروت)

أسرار عكار في سهلة القموعة

الخميس 2018/05/24
أسرار عكار في سهلة القموعة
تمتاز سهلة القموعة بتبديل هويتها حسب الفصول
increase حجم الخط decrease

كثيرة هي الأسرار التي تخفيها جرود القموعة في أعالي عكار. ففي ثنايا "الغابة المسحورة" مشاهد عن مختلف الحقبات التاريخية التي مرّت على بلاد الشرق.

على ارتفاع 1600 متر عن سطح البحر تقع سهلة القموعة، وهو أمر فريد ونادر. وفي ثنايا هذه الأرض المنبسطة شواهد كثيرة على حقبة الانتداب الفرنسي. وإلى جانب المنشآت الكولونيالية التي يطلق عليها أبناء المنطقة "قلعة"، هناك مهبط الهيليكوبتر الذي يستخدمه الجيش اللبناني في عكار. ويتحدث رئيس بلدية فنيدق أحمد عبدو البعريني عن توجه كان قائماً لاستثمار الأرض الشاسعة المنبسطة في القموعة وتحويلها إلى مطار حربي في موازاة مهبط الطائرات المروحية القائم في سهلة القموعة.

لكن، في ظل غياب الخطط، تحوّلت الأرض المشاع المفترضة للمطار إلى أرض يستثمرها الأهالي في الزراعة ويبنون على قسم آخر منها. ويعتقد أن المطار الفرنسي البدائي كان يدخل ضمن مخطط لاستغلال ثروات القموعة الطبيعية. فقد قامت سلطات الاستعمار ببناء المناشر الضخمة بهدف قطع الأشجار المعمرة، ومن ثم نقلها بحراً إلى أوروبا. ويتذكر أبناء عكار الذين ولدوا قبل العام 1930 أن الفرنسيين والإنكليز قاموا بربط ساحل عكار بجردها من خلال إقامة "طريق الإنكليز"، الذي تم شقه بالمعاول ومن ثم رصف، وبدأت العربات نقل شحنات الأشجار المعمرة التي تقطع إلى الساحل حيث منطقة عرمان ودير عمار.


وتمتاز سهلة القموعة بتبديل هويتها حسب الفصول. ففي الشتاء تتحول إلى بحيرة شاسعة في موازاة الغطاء الثلجي الذي تلبسه غابات القموعة الغنية بالشوح والعزر والأرز واللزاب والسنديان والعرعر. أما في الصيف فتمتلئ بالمروج الخضراء، وتظهر في الأفق بحيرة حمص بجلاء. وقد قامت البلدية بتحويل جزء من هذه السهلة إلى أكبر متنزه بمساحة 150 ألف متر مربع للتنزه وركوب الخيل والتصوير ورياضة المشي.

ويقصد سهلة القموعة آلاف الزائرين للاطلاع على جمال الطبيعة الخلابة وعلى أثار حقبة الإنتداب الفرنسي. وباتت المنطقة مقصداً سياحياً لكل محبي السياحة البيئية والباحثين عن السلالات النباتية النادرة. وبرز التخوف لدى المهتمين من تأثر البيئة والقضاء على ما تبقى من غطاء نباتي نادر بفعل التمدد العمراني وكثافة الرحلات إلى هذه المنطقة التي تعود إلى آلاف السنوات وتأسست إبان العصر الروماني حيث تشهد المقابر المنحوتة في المنطقة على ذلك.


وفي منطقة القموعة مركز لحراس الأحراج تابع لوزارة الزراعة، وهو يتألف من عنصر واحد فقط، يقع على عاتقه حماية آلاف الهكتارات من الآثار الطبيعية. وأمام هذا الواقع عيّنت بلدية فنيدق عناصر معاونة وتسيير دوريات للمراقبة.

ويمكن وصف سهلة القموعة والغابة بأنها وجهة سياحية نادرة وليس لها مثيل في لبنان. لذلك، بدأت الجهات الأهلية تنظيم مهرجان القموعة السياحي من أجل جذب الزوار من الخارج، والتعريف بهذه المنطقة التي قدر لها أن تشكل أحد أبرز المواقع الطبيعية في محافظة عكار.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها