الأحد 2018/05/20

آخر تحديث: 07:58 (بيروت)

ابن الثمانين يعود إلى الدراسة:ما سر سهيل القواس؟

الأحد 2018/05/20
ابن الثمانين يعود إلى الدراسة:ما سر سهيل القواس؟
القواس حائز على شهادات دكتوراه في الأدب الفرنسي والأدب العربي
increase حجم الخط decrease

قد لا يفاجئك وجود رجل في الثمانين من عمره داخل صف جامعي، لأن احتمال أن يكون هذا الرجل هو الأستاذ أقرب إلى الواقع. لكن أن يكون طالباً يجلس إلى جانب زملائه في الصف، مصغياً إلى المحاضرات بكل انتباه، مدوّناً الملاحظات على كرّاسه كأي طالب آخر، مستمعاً إلى شرح الأساتذة ومتفاعلاً معهم ومع زملائه، فهذا خبر يستحق الإضاءة عليه. إنه سهيل القواس، الإعلامي اللبناني والأستاذ الجامعي سابقاً، الحائز على شهادات دكتوراه في الأدب الفرنسي والأدب العربي ولا يزال يطلب العلم ولو بعد الثمانين تحقيقاً لحلمه في دراسة المحاماة ومزاولة مهنتها بكل حب وشغف.

هو اليوم على مقاعد الدراسة في كلية الحقوق- الفرع الخامس في الجامعة اللبنانية صيدا. وقد عاد طالباً ملتزماً الدرس الجاد، ومواظباً على الحضور بشكل كامل. ماذا يقول القواس لـ"المدن" عن تجربته المميزة هذه؟ "بعد 65 عاماً من توقفي عن الدراسة، تحقق الحلم الذي راودني حينما كنت شاباً، أردت أن أدرس الحقوق الأحب إلى قلبي رغم نجاحي في الإعلام والتدريس في العديد من المدارس والجامعات، إلا أن المحاماة بقيت أساس أولوياتي لدراستها، ودفعتني بإلحاحها إلى التوجه قبل عامين إلى الجامعة والتخصّص بها".

بكل نشاط وجهد ينكبّ القواس على دروسه في المنزل لساعات طويلة من دون تعب أو كلل، "لأتمكّن من مناقشة المواد في الصف". كما يسهر على إنجاز المشاريع التطبيقية التي تُطلب منه. وبالنسبة إليه، "لا أرى في مسألة سنّي أي مشكلة بفضل عزمي على التعلّم الذي افتخر به واعتز". واللافت أن حفيدته في السنة الثالثة حقوق أيضًا، "تأتي إليّ باستمرار لندرس معاً، وأنا قريب جداً من زملائي، نختلف حول أمور ونتفق في أخرى، والحوار مستمر بيننا".

"الجامعة الرسمية أقوى من الخاصة"
وعن سبب اختيار القواس الجامعة اللبنانية لا الأخرى الخاصة، يجيب: "شهادات الجامعات الرسمية لا تحتاج إلى معادلات، وتالياً يبقى مستواها الأهم في تحصيل العلم والأقوى بين الجامعات الخاصة. وشهادات الجامعة الوطنية معترف بها أينما ذهب الطالب وحلّ".

في الأيام الأولى التي حضر فيها القواس إلى الصف شعر بدهشة الطلاب والأساتذة إزاءه، ولاحظ انطباعات مختلفة وردات فعل متناقضة بين زملاء الصف الذين يكبرهم بأكثر من 60 سنة. "رفاقي في الصف هم بعمر أحفادي، وأنا أعتبرهم كذلك، منهم من لم يستوعب وجودي، فيما نسجت مع البعض الآخر علاقات وديّة وأصبحت الأب الروحي عندهم بعدما أدركوا أن دراستي الحقوق في سنّي أمر طبيعي لا عيب فيه، وبمقدور الإنسان ألا يتوقف عن العلم حتى الرمق الأخير".

يُردد القواس مقولة: "مَن يقرأ لا يشيخ ومن يُطالع لا يحزن بل ينسى الصعاب والهموم". فالدراسة تجعل الإنسان يعيش أطول وأكثر صحّة، وهو يجد فيها متعة وقيمة كبيرة لا تُسلب من الراغب في العلم.


صدمة.. ثم قدوة؟
ربما شكّل تسجيل القواس في كلية الحقوق لدراسة القانون مفاجأة لدى الكادر الجامعي، غير أن الأمر ما لبث أن تحوّل إيجاباً بعدما لمسوا اصراره على العلم، معتبرين حالته من الحالات النادرة التي تشهدها جامعاتنا وقلّما تتكرّر.

هكذا، وبعد 65 سنة قرّر الرجل الطموح تحقيق حلمه من خلال المثل الشعبي: "أطلب العلم ولو في الصين"، وهو طلب العلم وحتى بعد الـ82 سنة. إنه الطالب المجتهد الذي يقصد كلية الحقوق من دون انقطاع "بغية الحصول على شهادة دكتوراه في القانون وليس الإجازة أو الماجستير"، يقول، مضيفاً: "هدفي ممارسة المهنة لسنوات عدّة والانتساب إلى نقابة المحامين وإثبات حضوري فيها، وتأليف كتب في مجال الفقه".

ويطمح القواس أيضاً إلى أن يكون قدوة لزملائه طلاب الحقوق، وذلك عبر استئجار مكاتب لمدة 3 سنوات يضعها في تصرّف الخريجين فسحاً في المجال أمامهم للإنطلاق في مزاولة مهنة المحاماة والتأسيس لمستقبلهم الواعد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها