السبت 2018/04/28

آخر تحديث: 08:59 (بيروت)

"شي بيضحك" في صور المرشحين بطرابلس

السبت 2018/04/28
"شي بيضحك" في صور المرشحين بطرابلس
تفتقر معظم صور المرشحين في طرابلس إلى الذوق التقني والفني (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

كلّما تقدّم العدّ العكسيّ لاستحقاق 6 أيار 2018، ارتفع النبض الحماسي في عاصمة الشمال. وكلّما أوغلنا في انتقالنا من الأحياء الغنية والحديثة في طرابلس، نحو الأحياء الفقيرة والقديمة، سنلحظ حتماً "تسونامي" من الصور واليافطات العملاقة والمتوسطة والصغيرة، تنتشر يمينًا وشمالاً في الشوارع والأعمدة والسطوح، وعلى أبواب المحال التجاريّة والشرفات وجدران المنازل.

في الصور واليافطات المنتشرة، حكيٌّ كثير، يتوارى في وجوه المرشحين وبين حروف عبارات الولاء والمبايعة والشكر والثناء وشدّ العصب. وهذا الحكي، يعكس أولاً نبض معركةٍ حاميةٍ بين المتنافسين على الزعامة السنيّة؛ ويعكس ثانياً حال شارعٍ هرم وتعب من الفقر والعوز والحرمان. فما كان منه إلّا أن يرفع صورة "الزعيم" الذي يُحبّ، عسى أن تكون الصورة صنّارة تنقذه أو ظهراً يحتمي به من قسوة الزمن عليه.

لا بأس. ورغم ذلك، لا يمكن فصل الصور المكتظة من مختلف الفئات والانتماءات عن طابع "النكتة"، التي تشكل مضموناً قائماً بحدّ ذاته يستدعي التأمل. هكذا جرت العادة في المدينة، حيث يعبّر المواطنون عفويّاً أو افتعالاً، عن انتمائهم لزعيم أو مرشحٍ ما.

تبدو الصور كأنها زينة المرشحين عشيّة الانتخابات. "يا جبل ما يهزك ريح"، "نثق بهذا الرجل"، "معك وحنبقى معك"، "الله يحميك"، "فخامة الاسم بتكفي"، "طرابلس بتحبك"، "كلنا معك"، "منحبك"، عبارات تبجيليّة وغيرها كثير، تعكس ثروةً طائلةً من ضمن العدّة الانتخابيّة، لا شكّ أنّ هذه الصور تكلّف رقماً مالياً ضخماً، ناهيك بكلفة اللواحات الإعلانيّة الضخمة.

فكيف تؤثر هذه الصور بالعملية الانتخابيّة.

ثمّة اجماعٌ على أنّ الصورة لا تؤثر في الخيار الانتخابي لمواطنٍ ما، لاعتبار أنّ الموقف السياسي أو الحزبي أو المناطقي، هو ما يشكل الخيار الانتخابي وليس الصورة. وهو ما يجعل التأثر بالصورة مزدوجاً، إذ يعمد كثيرون في طرابلس إلى تحويلها مادةً دسمةً لـ"التنكيت"، كالسخرية من وضعيّةٍ ما أو ابتسامة مصطنعة أو عين غافلة أو فمٍ مائل..

في الواقع، يبدو البحث في الصورة عن "شي  بيضحك"، هو أكثر ما يسترعي انتباه المواطنين ويثير تحفظاتهم. ومهما كانت الصورة مدروسة، لا بدّ من النبش فيها عن ذاك الشيء المضحك. وفيما تفتقر معظم الصور إلى الذوق التقني والفني، وتنمّ عن "لعبة ولاد زغار"، تبدو هذه الصور كأنها تشرّع أسلحتها لخوض معركة استباقيّة، عبر المزايدة بالشعارات الكيديّة والتقديسية والتمجيدية، حتّى لو كان معظها يُعبّر عن خفّةٍ وفوضى لا تطاقان.

عمليّاً، تعكس الصور حدّة الشرخ الطبقي في المدينة. ففي المناطق والأحياء الفقيرة، تجتاح الصور صغيرة الحجم المشهد العام، خلافاً للمناطق والأحياء التي تنعم بالرفاه والترف، حيث تبدو فيها الصور المجسمة عالية الجودة.

لكن، من يرفع هذه الصور؟ عادةً من يرفع صورةً ما، وإلى جانب حبّه لزعيمه وتيّاره، يضمر فائدةً شخصية ونفعية. أمّا حين نسأل أحدهم عن دافعه لتعليق الصورة، وإذا ما كان ذلك مجانيّاً أو مدفوعاً، يندرج الجواب ضمن فلك: "ما في شي من دون ثمن.. يا فتّاح يا رزاق".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها