الخميس 2018/04/19

آخر تحديث: 12:37 (بيروت)

بالفيديو: قعدة نسوان

الخميس 2018/04/19
بالفيديو: قعدة نسوان
المكان فرصة لخروج النساء من الضغوط النفسية والاجتماعية (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

في أزقة مخيم شاتيلا الضيّقة والمعتمة، ثمة أضواء ملوّنة تتسلّل من طابق أول. عند باب مبنى مختلف في أناقته، هناك لافتة، كُتب عليها: "قعدة نسوان". إنه مقهى خاص بالنساء، لم يمض على افتتاحه غير أيام قليلة. ندخل برفقة المسؤول الإعلامي لجمعية "أحلام لاجئ"، حسن عثمان، وهي الجمعية المشرفة على المشروع. تستقبلنا موسيقى خافتة للنشيد الفلسطيني الأشهر لإبراهيم طوقان "موطني"، وابتسامة وترحيب من سوسن، الموظفة الشابة، وهي واحدة من 6 فتيات يعملن في المقهى.

الصور المعلّقة على الجدران تذكّر النساء في المقهى بتاريخ نضال المرأة الفلسطينية. "هي جرعة ضرورية من الثقة"، يقول عثمان. صورة لوفاء إدريس، الاستشهادية الفلسطينية الأولى خلال انتفاضة الأقصى. تجاورها صورة أخرى لرائدة تعليم المرأة مهيبة خورشيد. وثالثة للمغنية الفلسطينية الراحلة أخيراً ريم البنا، وصورة رابعة لجارة المخيم الشهيدة دلال المغربي، وخامسة للشاعرة فدوى طوقان.

امتلأت الكراسي بنساء زائرات. تحت هاتف قديم معلّق، كان هناك ثلاث فتيات يتبادلن الحديث بصوت منخفض، تتخلّله ضحكات صاخبة. نسألهن إن كانت أحاديث الفتيات في المقهى تختلف عن أحاديثهن خارجه. فهِمن المغزى، كما ظهر من خلال ردّ إحداهن بخبث يتخفّى بالبراءة: أحاديث الفتيات في المقهى كما أحاديثهن خارجها، تشبه أحاديث الفتيان، وتتناول "الأوضاع المعيشية، الدراسة، أزمات المخيم، المستقبل وغير ذلك".

تختلف إجاباتهن عن سبب اختيار المقهى. فتقول ندى إنه "يوفر لي خصوصية، بعيداً من المقاهي التي يمكن أن تُطلَق فيها عبارات غير لائقة. كما أنني في مقهى نسائي أستطيع أن أتصرّف بتلقائية أكبر". أما بيسان فتقول إنه بسبب حصرية المكان بالنساء سمح لها والداها بالقدوم، والبقاء لوقت طويل. سناء، ترى أنه لا فرق كبيراً، بالنسبة إليها، بين ارتياد المقاهي الخاصة بالنساء وتلك المختلطة إذا توافرت بعض الضوابط في الأخيرة.

ورغم بعض التباين في آرائهن، إلاّ أنهنّ يُجمعن على أن المكان يُعتبر فرصة للخروج من الضغوط النفسية والاجتماعية، كما أنه يناسب جميع الفئات العمرية، وطريقة ترتيبه وأناقته تشجع على المكوث لفترة أطول. أمّ حسان تحلّقت وابنتاها حول طاولة مجاورة، وتركت ابنها الصغير يلعب في غرفة الألعاب المخصصة للأطفال في المقهى. وتقول إن الأسعار من عصائر وطعام تناسبها جداً، كونها من أصحاب الدخل المحدود.


هناك في المقهى زاوية ريبيكا للمطالعة، يقول مدير جمعية "أحلام لاجئ" صبحي عفيفي، إنها سُمّيت بهذا الاسم تيمناً بالدبلوماسية البريطانية ريبيكا ديكس التي قُتلت في لبنان نهاية العام 2017. وسبب التسمية أن "ريبيكا كانت من المتعاطفين مع اللاجئين الفلسطينيين، وتسعى دوماً إلى تحسين ظروف عيشهم"، وفق عفيفي.

يضيف عفيفي أن هناك برنامجاً ثقافياً اجتماعياً نفسياً سيكون صباح كل يوم تقريباً، ابتداءً شهر أيار 2018. ويستهدف توعية النساء، والحوار حول قضايا المرأة والأسرة والعنف وغير ذلك، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الدولية.

وعن إمكانية أن يكون تأسيس مقهى نسائي بداية فصل تام بين الرجال والنساء في المخيم، يردّ عفيفي "بالعكس تماماً، فمقهى خاص بالنساء سوف يكون فرصة للمرأة لتعزيز حضورها، وتخلص جزء من النساء من سلطة ذكورية، والتعبير عن أنفسهن في جوّ من الحرية، بل واكتساب معارف تؤهل المرأة للدفاع عن ذاتها".

يقول عثمان إن "ما تحقق كان حلماً راودنا منذ 3 سنوات على الأقل. حاولنا مراراً نقله إلى أرض الواقع، وأخفقنا. آمنت مؤسسة ARC بمشروعنا ودعمته. مخيم شاتيلا أكبر من حالة أمنية، إنه رجال ونساء يصنعون مشاريعهم. من بينها مقهى قعدة نسوان".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها